توقيت القاهرة المحلي 02:08:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القمة والبحث عن مخرج

  مصر اليوم -

القمة والبحث عن مخرج

بقلم - مأمون فندي

 

مخرجات القمة العربية الإسلامية في الرياض تستحق التأمل والتفكير، والبناء على هذه الأفكار، وتطويرها لرسم ملامح خريطة طريق للمستقبل تخرجنا من المستنقع الإقليمي الذي أدخلنا فيه نتنياهو وعصابته، وأهم هذه الأفكار حل الدولتين في ظل نظام عالمي قائم على قواعد يتفق عليها الجميع، ومشاركة المسؤولية بين العرب والمسلمين وبقية العالم «burden sharing».

البحث عن مخرج في العنوان يحمل وجهين، الوجه الأول هو المَخْرَج بفتح الراء بمعنى «exit»، والوجه الثاني المُخْرِج بكسرها بمعنى «producer»، والأولى تعني المادة الدبلوماسية للقمة «substance»، والثانية تهتم بتسويق تلك المخرجات في الساحات العالمية من الأمم المتحدة إلى بروكسل إلى واشنطن... وغيرها؛ ليتحمل العالم مسؤولياته من خلال مواجهة صريحة بأن هذه المخرجات تمثل رأي مليار ونصف من المسلمين والعرب في العالم.

حدث القمة في الرياض، والذي نجحت المملكة في رسم ملامحه، يجعل القيادة السعودية في منتصف الدائرة، ولكن هذا، وبمفرده، لا يعني الكثير، فهناك أمور تجب متابعتها، وهنا أقترح أن تكون المملكة مجموعة اتصال، تتكون من تركيا وإيران ومصر وإندونيسيا والأردن مثلاً، لتحمل مخرجات القمة، وتسوقها عالمياً، وتتابعها.

هذه القمة التي استطاعت المملكة حشدها لصالح الشعب الفلسطيني ترجمتها هي أنها تمثل رأي مليار ونصف مسلم، وهذا العدد الضخم من سكان المعمورة له رأي في ما يجري، وهذا ما يجب تسويقه عالمياً من قبل مجموعة الاتصال المنبثقة عن القمة، والتي تمثل دولاً لها وزن حقيقي في الساحة الدولية.

وهذا الرأي يتمثل في أربع نقاط أساسية، وهي: أولاً، إدانة الإبادة البشرية، وإدانة العدوان الإسرائيلي وبشكل واضح لا لبس فيه. ثانياً، أن ملياراً ونصف مليار مسلم يرون المسألة بوضوح تام، فالقضية بالنسبة لهم ليست السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وما بعده فقط، القضية لها جذور وامتداد تاريخي، وهي واضحة وضوح الشمس: هناك احتلال، وهناك دولة وشعب تحت الاحتلال. وهناك قوانين دولية تحدد الالتزامات لدولة الاحتلال، وهناك قرارات دولية تقول إن الأراضي الفلسطينية من 4 يونيو (حزيران) هي أرض محتلة. ورأي مليار ونصف مسلم هو حل الدولتين في إطار خريطة طريق محددة؛ ورأي مليار ونصف مسلم هو محاكمة جرائم الحرب والقائمين عليها؛ ورأي مليار ونصف مسلم هو أن النظام العالمي لا بد أن تحكمه مبادئ تحافظ على السلم والأمن الدوليين. هذه هي مساحة المخرِج بكسر الراء، أي أن مجموعة الاتصال هذه تحتاج إلى هندسة دبلوماسية ومتابعة، وظني أن المملكة قادرة على ذلك، كما أن مجموعة الاتصال هذه ستمنح القيادة للمملكة العربية السعودية بشكل ضمني.

إن إخراج قرارات القمة وإعادة تغليفها وتسويقها وشرحها للعالم لهي أساسية جداً في اكتمال نجاح هذه القمة.

أما المخرَج بفتح الراء فهو يخص جماعة نتنياهو والباحثين عن فوهة النفق من أجل الخروج. الصورة السائدة ميدانياً هي أن «حماس» ومقاتليها هم من يسكنون الأنفاق في غزة، ولكن حقيقة الصورة السياسية لأي إنسان ذي عقل هي أن إسرائيل وقيادتها وليست «حماس» هي الواقعة في الأنفاق، وهي التي تبحث عن الذي يمد لها العون من أجل الخروج. إسرائيل موجودة داخل الأنفاق السياسية والدهاليز والمتاهة، فقط ما عليك إلا أن تنظر للرأي العام العالمي والحشود المطالبة بوقف إطلاق النار، فقط لك أن تنظر لترى تلك الأنهار من البشر التي تتدفق في شوارع لندن وواشنطن وباريس بمئات الآلاف والملايين لكي ترى مأزق إسرائيل العالمي. حكومة نتنياهو بغبائها هي من وضع إسرائيل داخل تلك الأنفاق السياسية وليست «حماس». حالة الضعف الاسرائيلي هذه تمكن المجموعة العربية والإسلامية، وتمنحها قوة ضغط على مجلس الأمن وعلى واشنطن لاستعجال خريطة طريق. وهنا يمكن للعرب والمسلمين الدخول في سياسة مقايضة سياسية بمعناها التبادلي، تمنحوننا وقف إطلاق نار دائماً، نمنحكم بعض الرهائن، هذا على سبيل المثال، وهناك أمثلة كثيرة للمقايضات الأساسية المختلفة.

لا بد للمفاوض العربي والإسلامي اليوم أن يعرف أن إسرائيل في أضعف حالاتها، وأن هالة الجيش الذي لا يُقهر قد انتهت، والمخابرات التي لا تنام لم تعد موجودة عند الكفيل الغربي، أقصد أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. قوة إسرائيل وفائدتها للغرب والشرق انتهت، وهي تبحث اليوم عن سلام على مقاس الوضع الجديد وليس على عنجهيتها القديمة.

تقدير الموقف كما أراه الآن هو نقطتان بسيطتان: الأولى هي أن المشهد الميداني في غزة ستحدد ملامحه إسرائيل من خلال فارق القوة، ومن واقع الميدان وسيطرة دباباتها على شوارع غزة، وربما بشكل أكبر مما نراه حتى الآن بحثاً عن صورة تسوقها على أنها انتصار. وفي الوقت الذي تبحث فيه إسرائيل عن الصورة نجد أن «حماس» قد حددت البعد السياسي الإقليمي والدولي للأزمة، وأنه لا يمكن تجاهل مطالب الشعب الفلسطيني بعد اليوم في أي تصور قادم لأمن الإقليم، وهذه هي نقطتي الثانية.

إذن، المطلوب من مجموعة الاتصال العربية والإسلامية تعظيم الشكل السياسي الذي رسمته «حماس» منذ السابع من أكتوبر. مخرجات قمة الرياض يمكنها أن تساعد في كل هذا، ويمكنها أيضاً أن تعظم من مكاسب الفلسطينيين، وتقلل من خسائرهم، ولكن هذا لا يحدث إلا بالمتابعة والجد لترجمة هذا الوضع إلى واقع سياسي جديد. إذا ما استطعنا ذلك فسنكون قد عثرنا على مخارج سياسية جديدة حتى إن لم نجد فتحة النفق.

لا يمكننا إيجاد المخرج من النفق دونما مخرج يؤطر، ويشرح، ويفسر ما جرى في الرياض في قمة استثنائية فعلاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمة والبحث عن مخرج القمة والبحث عن مخرج



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
  مصر اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon