توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خيارات غزة: ما العمل؟

  مصر اليوم -

خيارات غزة ما العمل

بقلم - مأمون فندي

منذ ما يقرب من ستة أشهر وإسرائيل تشن حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى الآن ما يقرب من 32 ألف قتيل، وكل ساعة يزيد العدد، أكثرهم من النساء والأطفال، وتركت ما يصل إلى 50 ألف جريح، وأيضاً في كل ثانية يزيد العدد، هذا فضلاً على صور الدمار الهائل والمجاعة غير المسبوقة، والأخطر أن كل هذا مذاع على الهواء مباشرة؛ إذ تصل الصور وبشاعتها إلى كل بيت، وهذا له تبعاته الكارثية على إدراك أهل المنطقة لما يجري داخل الدولة الواحدة وعلى مستوى الإقليم إجمالاً، والأهم هو تبعات ذلك على أمن الدول وأمن الإقليم مجتمعين، وتحديداً على أمن الخليج؛ إذ إن الحرب الممتدة من باب المندب إلى غزة قد تتقاطع مع الحركات من «حزب الله» إلى «الحشد الشعبي» في العراق، والخلافات البينية بين دول المنطقة.

من أهم تداعيات حرب غزة على الأمن الإقليمي هو انكشاف منظومة الأمن الإقليمي في صيغتها العربية، هذه الحالة من الانكشاف وتباين الرؤى فيما يبدو تنافساً بين المحاور المختلفة، لها تأثير مباشر على المصالح الأمنية لكل دولة على حدة. إن حجم التحولات الجارية واحتمالات تأثيرها على أمن الإقليم، يحتاج إلى فهم أعمق مما هو مطروح الآن، ويحتاج لكثير من الإبداع ورجاحة العقل لا التوصيات التي قد أطرحها في هذا المقال وفى مجملها قد تكون غير مريحة، وربما تخالف في مجملها خط السياسة المعلنة لمعظم الدول العربية. ولكن بهدف تركز العقل لا بد من طرح تصورات بديلة للتحرك في هذه الأزمة التي أراها مفصلية في إمكانية رسم ملامح الأمن الإقليمي.

كثير من الدول ترى في أزمة غزة وكأنها مفرغة من جوهرها السياسي، أو كأنها مشكلة إنسانية وشيء أشبه بتبعات الكوارث الطبيعية مثل البراكين والفيضانات أو العواصف. إن التركيز على البعد الإنساني أمر مهم، ولكن جوهر القضية سياسي وقانوني. فرغم المأساة الإنسانية في غزة من مجاعة وإبادة جماعية، فإن القضية ليست قضية إنسانية، بل قضية سياسية أساسها شعب وأرض تحت الاحتلال. إن انخراطنا في أنسنة القضية يبعدنا عن شقها السياسي والقانوني والجنائي، ويجعل المحتل يفلت بجريمته. حتى الانخراط مع إدارة بايدن في الحديث الإنساني والهدنة المؤقتة والأسرى أيضاً يأخذنا بعيداً عن الجوهر، فبعد الزيارة السابعة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لم نرَ جديداً، فمعادلة بلينكن جوهرها الرهائن مقابل وقف إطلاق النار المؤقت. لا يعنيه حجم القتل والدمار في غزة، الرهائن أولاً، أو على الأقل هذا فهمي وتفسيري لأحاديثه العلنية.

القضية الفلسطينية بالنسبة لنا غيرها بالنسبة لبلينكن؛ فهي قضية سياسة بين احتلال ومحتل، بين محتل يريد لدولته أن تكون يهودية فقط، وما تبقى يصبح حالة من فصل عنصري على غرار جنوب أفريقيا البيضاء قبل مجيء نيلسون مانديلا للرئاسة. أنسنة القضية مهم كأداة من أدوات كسب تأييد دولي وعالمي، ولكنْ هناك مسار سياسي وقانوني تتحمله الدول العربية، ولهذا يكون مهماً هذه الأيام أن تشترك بعض الدول العربية اليوم مع جنوب أفريقيا في دعوتها، وكذلك اتخاذ إجراء عبر الأمم المتحدة للتأكيد على الجانب القانوني للقضية، كما أن هناك فرصاً متاحة لعدد من الدول العربية للتهديد أو التلويح بكروت ضغط تملكها؛ إذ لا بد للدبلوماسية العربية أن يكون لها أسنان.

لكي ننقذ ما تبقى من المشهد الفلسطيني ونساعد أنفسنا والمجتمع الدولي في الوصول إلى الدولة الفلسطينية المستقلة، لا بد من التحرك على محاور عدة تلفت نظر الجميع. على غرار ما فعلته دولة جنوب أفريقيا.

كما يجب علينا التركيز والعودة إلى مبادرة السلام العربية كمرجعية حاكمة للدبلوماسية العربية؛ فهي المبادرة التي تمثل الإجماع العربي وحدود ما هو مقبول وما هو غير مقبول في إطار سلام إقليمي أوسع، وهذا يتطلب أيضاً المزيد من الخشونة في الدبلوماسية العربية.

وهذا قد يتطلب قمة مصغرة لإعادة تركيز مخرجات قمة الرياض المنعقدة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. إن إعادة بلورة مخرجات القمة ومنحها الأسنان اللازمة لدبلوماسية أكثر خشونة، يمكن أن تأخذنا إلى بلورة مقاربة عربية ومسار واضح يربط بين نهاية الحرب فى غزة، واستئناف مسار تفاوضي فلسطيني - إسرائيلي جاد (استناداً إلى مرجعية المبادرة العربية للسلام)، وصولاً إلى قيام الدولة الفلسطينية فى إطار تسوية نهائية ومستدامة للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

هناك دول محورية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والأردن تستطيع الإسهام بشكل فاعل في تصحيح المسار والدعوة لهذه القمة المصغرة.

كما تستطيع بعض الدول التي لها علاقات ثنائية مع إسرائيل أن تنخرط مع إسرائيل في حوار استراتيجي جاد، لتنبه إسرائيل إلى التبعات الكارثية لحرب الإبادة والتجويع التي تشنها على أهالي غزة.

هذا في رأيي بعض مما يمكن عمله لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في غياب تصور واضح للأمن الإقليمي، في ظرف أزمة قد تتسع خارج ما يمكن أن نتصوره أو نتحسب له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات غزة ما العمل خيارات غزة ما العمل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon