توقيت القاهرة المحلي 17:30:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عجز في ميزانية البهجة

  مصر اليوم -

عجز في ميزانية البهجة

مأمون فندي
بقلم:مأمون فندي

كأس العالم في قطر كشفت أن العالم العربي يعاني عجزاً في ميزانية البهجة، وأن مزيداً من هذه الأحداث الكبرى المنتجة لفائض البهجة، أمر ضروري لشعوب منطقتنا.

غانم مفتاح، الشاب القطري الذي ظهر في افتتاح المونديال، منح الكثير من الأمل والبهجة لنا جميعاً، جماهير المملكة العربية السعودية بعد الفوز على الأرجنتين وفريقهم المتميز رسما ابتسامة على كل شفاه العرب، خصوصاً أهل المملكة، وما أحوجنا لهذه الابتسامة العفوية النابعة من القلب، لا من الشفاه فقط، وشتان بين الابتسامتين. أهازيج مشجعي منتخبات تونس والمغرب أيضاً تشير إلى رغبة ملحة في إنتاج البهجة، فهي تعيد إنتاج وطنيتها محلياً من غناء الحواري وأطراف المدن من أجل بهجة منتجة من القاع، لا مجرد إسقاط سطحي من أعلى. الرغبة في إنتاج بهجة حقيقية تخرج من القلوب وتترجمها ابتسامات الشفاه، توحي برغبة عارمة من أجل زراعة حبوب البهجة الحقيقية التي تروى من ماء محلي نابع من عصير القلوب، نباتات حقيقة، لا بلاستيكية كاذبة. رغبة دفينة في تغطية عجز البهجة.
من يتأمل الوجوه العربية في المونديال في الدوحة يري شيئاً جديداً، فبدلاً من ابتسامة زائفة كانت ترسم على الشفاه، نرى الابتسامة تخرج في وقت متزامن من العيون والشفاه في الوقت ذاته. مشهد صادق يكشف لنا الفرق بين الحقيقة والزيف، وبين السراب والماء.
أحسنت بعض الدول العربية، أولها الإمارات، في تعيين وزير للسعادة، وكذلك الترفيه في المملكة العربية السعودية، وذلك لأن شعوب منطقتنا بالفعل لديها عجز كبير في ميزانية الفرح والبهجة.
شعوب منطقتنا تحتاج إلى أنسنة خارج سياق السياسة الحزين دوماً. العرب يريدون التعرف على وجوههم، وجاء مونديال الدوحة ليرينا وجوه الشباب والشابات، بضة ومبتسمة، وبدل عرق الوجوه رأينا على محياها ندى البهجة، كذلك الذي تراه على الورود بعد الفجر.
وما أحوجنا إلى تلك الوجوه الحقيقة، لا وجوه المساحيق التي يمثلها المؤثرون والمؤثرات على «سناب شات» و«إنستغرام»، تلك المظاهر المنمقة الكاذبة. المونديال أرانا وجوهاً حقيقية تستحق أن نرنو إليها ونتأمل ابتساماتها.
حكاية التعرف على وجوه العرب الحقيقة خارج عالم السياسة والزيف هي أمر يحتاج إلى مزيد من التأمل وكثير من المقالات، وربما الكتب التي تبحث في مكامن الحزن والبؤس فينا، وكيف يمكن إعادة تدوير الحزن ليصبح بهجة كالهيدروجين الأخضر، بهجة غير ملوثة بالمساحيق ومؤثرات الكذب.
إذا كانت بعض دولنا غير قادرة على إنتاج التراضي من خلال السياسة والاقتصاد، فهناك طرق أخرى لإرضاء الشعوب، لن أقول ما كان يقوله الرومان بمنح الناس الخبز والسيرك أو الألعاب، كسياسة إلهاء، وما كان يقوله الإسبان عندما تتأزم عندهم السياسة، بمنح الشعب خبزاً ومزيداً من مصارعة الثيران، بل أقول ابحثوا عن كل الطرق المؤدية إلى البهجة. وجوه العرب في المونديال غير ما كانت عليه من قبل، وأتمنى أن تستمر البهجة.
كنت دوماً عندما أسير في شوارع لندن أو باريس أو نيويورك أستطيع أن أميز العرب من خطاهم وظهورهم من الخلف، أو من خلال وجوههم من الأمام. إذا مشيت خلف الأجساد العربية في هذه المدن لا تفوتك انحناءة الجسد الذي يعبر عن أرواح مكسورة، كذلك الوجوه التي طارت من على سطحها البهجة كما يفر الحمام من البرج، وجوهنا أبراج هجرها حمام الفرح. نغرد في «تويتر» ولا نغرد في الحياة.
مهمة دولنا الآن، كما قال عبد الرحمن الأبنودي، في سياق آخر ذات مرة، «أن تزرع ضل وتستمتع بأن ترى الضل التي زرعته مرمي على وشوش الناس في عز الحر».
لو استطاعت أن تفعل ذلك على الأقل، تستطيع دولنا سد عجز ميزانية البهجة.
يقال إن قطر صرفت أكثر من مائتي مليون دولار لكي تصنع لنا كل هذه البهجة، أعتقد أنها أموال أنفقت في مكانها الصحيح، فعجز البهجة عندنا يحتاج أكثر من ذلك. وإذا كنت تعيش في الغرب ستسمع كل يوم عبارة «الإنسان يعيش على هذه الدنيا مرة واحدة». وبالفعل هي كذلك فلنساعد الناس على رسم البهجة على الوجوه، وإن فعلنا فهذا إنجاز لو تعلمون عظيم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عجز في ميزانية البهجة عجز في ميزانية البهجة



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:09 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ
  مصر اليوم - دواء مضاد للاكتئاب قد يساعد في علاج أورام المخ

GMT 11:47 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

أشرف عبد الباقي يكشف أسباب ابتعاده عن السينما
  مصر اليوم - أشرف عبد الباقي يكشف أسباب ابتعاده عن السينما

GMT 09:51 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

أنواع مختلفة من الفساتين لحفلات الزفاف

GMT 06:29 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة تفضح ظلم القضاء الأفغاني للمرأة

GMT 19:55 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة فاتن الحناوي بسبب إصابتها بفشل كلوي

GMT 03:38 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التخطيط تؤكد أن 5000 فدان في الفرافرة جاهزين للزراعة

GMT 22:33 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

طريقة عمل البوظة السورية

GMT 09:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع رواية "ودارت الأيام" في بيت السناري

GMT 12:56 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

Snapchat سيتيح للمستخدمين قريبا تغيير "اسم المستخدم" الخاص بهم

GMT 06:41 2021 السبت ,19 حزيران / يونيو

الأرجنتين يتخطى عقبة أوروجواي بهدف نظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon