توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ملامح قصة واشنطن الجديدة

  مصر اليوم -

ملامح قصة واشنطن الجديدة

بقلم: مأمون فندي

من عاش في واشنطن العاصمة في زمن رئيسين مختلفين يعرف أمراً سحرياً يحدث للمدينة مع كل إدارة أميركية جديدة. هذا السحر يكمن في ميلاد قصة جديدة عن صورة الدنيا وشكلها الذي يتغير فجأة بقدوم الرئيس بالطريقة نفسها التي تتفتح فيها زهور أشجار الكرز فجأة حول البيت الأبيض، تلك الأشجار التي أهداها عمدة طوكيو يوكيو أوزاكي في 27 مارس (آذار) 1912 للولايات المتحدة كرمز للصداقة بين البلدين، ويقام لتفتحها احتفال في كل عام عندما يسود اللون الوردي فوق هذه الأشجار. زهور الكرز عندما تتفتح شيء ساحر كما لو كان شيئاً أخرجه ساحر من قبعته، كذلك فجأة تظهر في العاصمة قصة الإدارة الجديدة التي تمثل رؤية الناس لأميركا وللعالم. ولا تعرف كيف يعتنق الناس هذه القصة كأنهم يعتنقون ديناً جديداً تسمع مفرداته الجديدة في الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، تسمع ذات المفردات في مطاعم النخبة في جورجتاون وذاتها في لوبيات الفنادق الفاخرة وفي التاكسي، لغة جديدة تلفُّ المدينة ومنها تنتشر كما العدوى في كل المعمورة.
وبالطبع كما أنَّ هناك غالبية تَدين بالدين الجديد وأقلية ترفضه، كذلك كان الأمر بالنسبة لرؤية «أميركا أولاً» في إدارة ترمب، والتي فجأة سادت السرد الأميركي على كل المستويات، ولا يستطيع فردٌ أو مؤسسة أن تغيّر من حبكة القصة الجديدة أياً كانت قدراتها، فقد تجاهل ترمب الإعلام الأميركي بكل قوته، وأصبح حسابه على «تويتر» هو إعلام إدارته، ومن هذا الحساب تم تأليف قصة واشنطن الجديدة. فتُرى ما قصة إدارة بايدن، وما ملامحها، وما تبعاتها العالمية؟
قصة بايدن هي قصة التعددية والتنوع التي ترسمها ملامح وزير دفاعه داكن البشرة، ونائبته التي هي أقل سُمرة، ثم وزيرته التي هي من أهل البلاد الأصليين ممن يطلق عليهم الهنود الحمر، ووزيرة خزانته اليهودية البولندية، إلى آخر قائمة التنوع في إدارته. ومن هنا تكون قصة التنوع الثقافي وحقوق الأقليات، ليس في المجتمع الأميركي وحده بل في العالم كله، هي قصة إدارة بايدن. قبول بالتعددية والتنوع يحدث في إدارة فيها شيء من التسليم بالقدر والذي يرى في بايدن رئيس الإدارة الواحدة، إذ قد لا يمهله القدر بحكم تقدم العمر أن يحكم لمدة ثانية، وبهذا تكون نائبته كامالا هاريس هي التي قد تكمل مدته الرئاسية، وإذا ما حكمت فقد تتصاعد قوة التنوع في إدارتها بشكل غير مسبوق، وعليه تصبح رؤية واشنطن للعالم كله مرتبطة بإدارة الاختلاف والتنوع في المجتمعات، وهو المعنى الجديد لفهم الديمقراطية وحقوق الإنسان، حقوق التنوع والاختلاف، وقد تربط واشنطن مساعداتها وتحالفاتها بمدى إقرار العواصم المختلفة بالقبول بفكرة التنوع كأساس لبناء المجتمعات.
قد تبدو هذه الفكرة ساذجة كتحليل لإدارة أو إدارات لا نعرف عنها الكثير، لكن الحقيقة التي يعرفها من عاش في واشنطن لفترة طويلة أنَّ سحر الإدارات الجديدة يُنتج قصة جديدة قد تبدو خيالات في البداية، ولكن ما هي إلا أيام أو شهور حتى ترمي القصة بجذورها، وتتمكن في تربة العاصمة وتتلبس أهلها كما يتلبس الجن بمخبول.
تدريجياً سيشارك أهلنا في الشرق الأوسط في صناعة القصة الجديدة، ويصبحون طرفاً فيها سواء بالتأييد أو المعارضة، ويتخيلون أنفسهم جزءاً من الأرض الأميركية؛ يناصرون رؤيةً على حساب أخرى، ويشجعون طرفاً على حساب طرف آخر كأنهم في ملعب كرة قدم، وربما بالحماس الجماهيري الملتهب نفسه.
إذا كانت إدارة بوش الأب التي قالت لمن ادّعوا ربط غزو صدام للكويت وإخراجه منها بالقضية الفلسطينية، إنَّ الربط بين القصتين غير موجود (no linkage)، تلك العبارة التي أصبحت شعار إدارة بوش، فإن إدارة بايدن سيكون كلها ارتباطاً بين القضايا بعضها وبعض (linkage every where) هو شعار إدارة بايدن، فلنهيئ أنفسنا، مجتمعاتٍ وحكومات، لكل هذا الترابط بين القضايا في عهد بايدن، وتلك هي ملامح قصة الإدارة الجديدة، شيء أشبه بالشبكة العنكبوتية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملامح قصة واشنطن الجديدة ملامح قصة واشنطن الجديدة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon