توقيت القاهرة المحلي 12:34:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل هي الموجة الثانية؟

  مصر اليوم -

هل هي الموجة الثانية

بقلم: مأمون فندي

عندما بدأت الموجة الأولى لـ«الربيع العربي» عام 2011 من تونس، صحبتها موجة تحليلية في الإعلام العربي أساسها «نحن مش تونس»، وأصر المحللون، والمصريون كانوا أولهم، على أن بلادهم ليست تونس، ويومها كتبت مقالاً في هذه الصحيفة بعنوان «جماعة مش تونس» («الشرق الأوسط»، 20 يناير/ كانون الثاني 2011)، أي قبل بداية شرارة «ثورة يناير» في مصر بخمسة أيام، قلت فيها إن ثورة تونس ثورة حقيقية قابلة للتكرار في بلدان عربية أخرى، على عكس ما ادعت جماعة «مش تونس» من المحللين السياسيين، الذين حاولوا أن ينأى كل منهم ببلده عن مصير تونس.
الشيء نفسه أقوله اليوم فيما يخص ثورتي الجزائر والسودان، وربما باتساع رؤية أفضل على افتراض أننا تعلمنا بعض الدروس مما حدث في 2011.
ما يحدث اليوم في كل من الجزائر والسودان سيكون له الاستقرار والأمن الإقليمي برمته، خصوصاً وأن الثورتين رغم ما هو ظاهر من بهجة في الشارع يمثلان حالات واضحة من ارتباك الجيش في إدارة المشهد في الحالتين.
بداية، وهو الأمر الأكثر أهمية، إن التحولات التي تمر بها كل من الجزائر والسودان لا تحدث في فراغ، وإنما تحدث في فضاء ثقافي وسياسي واحد، رغم ما يبدو من تباعد بين الدول.
في هذا الفضاء الثقافي، حتى العام الماضي، كان جوهر سردية الاستقرار هو «انظر حولك، هل أريد أن نكون العراق، أو تريد أن نكون سوريا أو اليمن؟»، وكانت لهذه السردية من قوة الحجة ما يجعلها قصة متماسكة تدفع بالكثيرين إلى التراجع عن طرح سؤال التغيير.
بعد الجزائر والسودان، كل المؤشرات تقول بموت هذه السردية سريرياً، إذ لم تعد مقنعة، بعد أن شاهد الناس زخم الشارع في الجزائر العاصمة وولايات الجزائر المختلفة، وبعد تنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. الشيء نفسه حدث في الخرطوم ومدن السودان المختلفة، ولم تتم فقط الإطاحة بالرئيس السابق عمر حسن البشير، بل تمت الإطاحة من بعده برئيس المجلس العسكري الفريق عوض بن عوف ومن بعده استقالة رئيس جهاز المخابرات كطبق جانبي على مائدة التغيير.
واستقالة رئيس المجلس ومعه رئيس المخابرات في السودان هي أول مؤشرات الارتباك في القيادة العسكرية السودانية، ولذلك تبعات على إدارة المشهد السوداني.
ما يصعب إدارة المشهد في البلدين ليس ارتباك العسكر وحسب، وإنما طبيعة الكتل السياسية في تلك البلدان، فما زال «الإخوان المسلمون» لاعباً أساسياً في المعادلتين، وما زالت التيارات المتطرفة قائمة في البلدين، وفي الحالتين هناك دولة عميقة ومصالح متجذرة لدولة «الإنقاذ» في السودان، ودولة «جبهة التحرير» في الجزائر. ولكل ذلك تبعاته في طريقة إدارة التحول في دولتين كبيرتين، كلاهما «مش تونس».
ما جرى في 2011 يجب أن يكون درساً للجزائريين والسودانيين لتجنب أخطاء تجارب اليمن ومصر وتونس على الترتيب، كما أن ما جرى في 2011 يجب أن يكون درساً لمن كانوا يدفنون رؤوسهم في الرمال ظناً منهم أن حدود بلدانهم كافية، وتمنحهم مناعة ضد عدوى الثورات.
الدرس الأول يخص إدارة المرحلة الانتقالية في كل من الجزائر وتونس، في 2011 فشلت النخب في كل من مصر وتونس في إدارة المرحلة الانتقالية، ربما فشلت في مصر أكثر من تونس. والسبب الرئيسي كان الثقافة السماعية لمن تصدى للمشهد، فهناك دراسات كثيرة تمتلئ بها أرفف المكتبات عن مشكلات الانتقال إلى الديمقراطية، وخطورة مراحل التحول في كتابات أساتذة مثل جليرمو أودانلد وشميتر، ولكن جماعتنا لا يجيدون القراءة، فقط يجيدون الكتابة. ولو قرأوا كتاباً واحداً عن مشكلات التحول إلى الديمقراطية، لكان حالنا أفضل اليوم. أتمنى من الإخوة في السودان والجزائر أن يتمعنوا في مشكلات المرحلة الانتقالية قبل أن تركب ثورتهم جماعات ذات ذكاء محدود. أما الدرس الخاص بالدول الإقليمية المجاورة، سواءً مصر في حالة السودان، أو المغرب وتونس في حالة الجزائر، فيجب اتخاذ الإجراءات الاحترازية الكافية، لأنه، وكما ذكرت، هناك قضايا متعددة قد تكون سبباً في تفجير الوضع.
وإذا أخذنا حالة مصر مع السودان تتضح الفكرة أكثر، فالسودان هي عمق استراتيجي لمصر، وهناك مسائل وملفات عالقة بين البلدين؛ أولها سؤال «الإخوان»، ثم أسئلة الحدود والمياه وحركة البشر بين البلدين. كل هذا يتطلب حذراً وحيطةً، خصوصاً في غياب النخب التي كانت تعرف السودان، خصوصاً، وأفريقيا عموماً، في مؤسسات الأمن القومي المصري.
إن ما يحدث في السودان والجزائر به كل ملامح الموجة الثانية لـ«الربيع العربي»، فإذا كانت تونس الصغيرة أشعلت تبعاتها النيران في نصف العالم العربي، فما بالك بتبعات ثورات في دولتين كبيرتين مثل الجزائر والسودان؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هي الموجة الثانية هل هي الموجة الثانية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"
  مصر اليوم - رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز غلوب سوكر

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon