توقيت القاهرة المحلي 07:50:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رمضان و«الربيع العربي»

  مصر اليوم -

رمضان و«الربيع العربي»

بقلم: مأمون فندي

ما علاقة شهر رمضان بالربيع العربي؟ ظاهره يبدو أن لا علاقة هناك، ولكن مع كشف القشرة الأولى، ندرك أن الصدق مع النفس ومع الآخر هي صفة ملتصقة بشهر العبادة. وبالصدق أعني أن نصدق قادتنا القول، بأن نقول لهم إن كل التبريرات الإعلامية الواعدة بغد أفضل، في ظل وجود الظروف ذاتها، والمحركات الاجتماعية ذاتها التي أنتجت ربيع 2011، لا تعدو كونها كذلك دغدغة لرغبات تعقبها نكبات، إن لم نواجه وبصدق تلك العوامل التي أدت إلى الانهيار في 2011.
تحدث ولي العهد السعودي في أكثر من موضع عن 1979 والثورة الإيرانية، على أنها سبب كارثة الإقليم، وبالفعل كانت كذلك، ولكن الكارثة تضاعفت بدفن الرؤوس في الرمال وسكب الأموال على المشكلة، كبديل عن مواجهة مظالم 2011 التي ما زالت ظاهرة للعيان.
ما قبل 2011 نشرت الأمم المتحدة تقريرها التنموي عن العالم العربي أكثر من مرة، وفِي كل مرة كانت تشير إلى العجز في التعليم، وفي حرية التعبير، والعجز في السياسات العامة، والعجز في الشرعية، والعجز في الموارد البشرية وتنميتها، إضافة إلى تلك الفجوة القاتلة ما بين الفقراء والأغنياء.
في كل دول الربيع، من اليمن إلى مصر إلى ليبيا وسوريا وتونس، ثم أخيراً الجزائر والسودان، كلها دول غنية بالموارد، فقيرة في إدارة هذه الموارد، نتيجة للفساد الذي أصبح المؤسسة الأولى في تلك الدول ولا يزال.
عدم مواجهة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ثورات 2011، واستبدال دعايات إعلامية بها، لا تصل أسماع حتى أطفال المدارس ولا تقنعهم، سيجعلنا ندور في حلقة جهنمية مفرغة لسنوات طويلة قادمة. سنوات يتصدر فيها محدودو المعرفة المشهد، ليملأوا الشاشات بعبارات مرتبة لا تحتوي على أي معنى، كبديل عن مواجهة المشكلات الحقيقية لمجتمعات ودول ينخر فيها فيروس الفساد بمعناه الواسع، من فساد الإدارة والحكم إلى فساد الذمة.
كارثة 2011 ستبقى معنا لفترة طويلة، ما لم نواجه الأسباب التي أدت إليها.
عودة إلى علاقة شهر رمضان بالربيع العربي، أقول: إن ما يجب أن يصوم عنه العرب ليس الطعام والشراب لمدة شهر؛ بل على العرب جميعاً - حكاماً ومحكومين - أن يعقدوا النية على الصوم عن الفساد لعقد من الزمان على الأقل، كي ينصلح حال البلاد والعباد.
الفساد هو علة العرب الأولى، ذنب لا يكفِّر عنه صوم أو إطعام مسكين، إنه الذنب الأعظم في تلك المرحلة التي نحياها، هو الرذيلة الأولى التي أدت إلى انهيار الدول في 2011، رذيلة باقية معنا إلى الآن.
الفساد لا يصلحه وهج الشاشات، أو حُلة المذيع وفستان المذيعة وتسريحة شعرها؛ بل هذا من تجليات الفساد أيضاً، عندما يتصدر المشهد وهج الكذب.
صوموا عن الفساد أولاً.
إن ما يحدث في السودان والجزائر لهو مجرد تذكرة بأن الربيع باقٍ بقاء الفساد، ولن يتركنا. الثورات ستبقى تختمر تحت الرماد؛ لأن أسبابها باقية، فقط مجرد نسمة هواء وتتوهج النيران وتشتعل مرة أخرى. سكب الأموال على الرماد لن يطفئ النار؛ بل يزيد من احتمالية اشتعالها بقوة أكبر من تلك التي شهدناها في 2011.
آن الأوان لنصدق من يديرون دفة الأمور القول، لنعلن لهم في شهر الصدق أن الأمور ليست على ما يرام، وأن وهج الشاشات والمسلسلات وأحاديث التلفزة لن تؤدي إلا إلى مزيد من الغضب. الكذب والفساد هما وقود الثورات. مرة واحدة وفِي شهر الصدق نواجه أهلنا ممن يحكمون بكلمة صدق: الربيع قادم ما لم تتغير الأوضاع، من خلال سياسات يصنعها العلماء، وليست دعاية يرددها البلهاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان و«الربيع العربي» رمضان و«الربيع العربي»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 05:22 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

حجب منصة “إكس” في البرازيل للمرة الثانية
  مصر اليوم - حجب منصة “إكس” في البرازيل للمرة الثانية

GMT 09:51 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

أنواع مختلفة من الفساتين لحفلات الزفاف

GMT 06:29 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة تفضح ظلم القضاء الأفغاني للمرأة

GMT 19:55 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة فاتن الحناوي بسبب إصابتها بفشل كلوي

GMT 03:38 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التخطيط تؤكد أن 5000 فدان في الفرافرة جاهزين للزراعة

GMT 22:33 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

طريقة عمل البوظة السورية

GMT 09:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع رواية "ودارت الأيام" في بيت السناري

GMT 12:56 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

Snapchat سيتيح للمستخدمين قريبا تغيير "اسم المستخدم" الخاص بهم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon