توقيت القاهرة المحلي 02:08:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السياسة والرياضة: التجربة السعودية

  مصر اليوم -

السياسة والرياضة التجربة السعودية

بقلم - مأمون فندي

العين لا تخطئ تعاظم دور المملكة العربية السعودية على الساحة الدولية، وقدرتها على اختبار أطراف المعادلة الدولية من أطراف السجادة أو مساحات القدرة الناعمة للدولة. من آخر خيوط سجادة نسيج النظام الدولي، تختبر المملكة يوماً قدرتها على إيجاد مكانة أكبر لها، رغم أن هذه الخطوات تجد ردات فعل مضادة، ولكنها تستمر في المحاولة، وفي كثير من الأحيان تنجح في رسم صورتها الجديدة. فهل من سبيل الادعاء الذي يتمدد خارج نطاقه المقبول، أن نقول إن صفقات رياضية مثل جلب لاعبين بحجم كريستيانو رونالدو، وكريم بنزيما، ونيمار، وغيرهم إلى المملكة، يصب في النهاية في اختبارات المملكة لمكانتها في النظام الدولي؟ أم أن هذه شطحة فكرية لا تجد لها مبرراً فكرياً؟


النظام الدولي ليس نظاماً واحداً ذا وجه واحد، وإنما هو نظام متعدد الوجوه. هو شيء أشبه بالمكونات الجينية للإنسان التي تنعكس على السطح في ملامح الوجه ولون البشرة ولون الشعر وطبيعته، ناعماً كان أم أجعد. بمعنى أن قوة الدولة ثلاثية الأبعاد -من قوتها الخشنة المتمثلة في القوة العسكرية للدولة، والقوة الناعمة المتمثلة في الثقافة والدبلوماسية، وكذلك القوة الذكية المتمثلة في خليط من الاقتصاد والثقافة والسياسة- هي التي تحدد موقعها في النظام الدولي.

في حالات السلم يكون التنافس بين الدول من حيث المكانة محصور في ثنائيات الاقتصاد والثقافة، والترويج للدولة من خلالهما. وثقافة الدولة لا تعني فقط المكتوب والمرئي، ولكن تعني الثقافة بمعناها الواسع؛ من الترفيه، إلى المطبخ الوطني، وقدرتهما على جذب الآخرين إلى مجال الدولة الذي تتحرك فيه أو تريد توسيعه.

والمملكة -ولا يكن عندك شك- تختبر كل يوم طرقاً مختلفة لتوسيع مجال نفوذها وقدرتها على أن تكون لاعباً دولياً وليس مجرد لاعب فقط، وإنما لاعب بقدرات نيمار وكريستيانو، وليس لاعباً إقليمياً وحسب، وذلك باستعارة رياضية تناسب موضوع هذا المقال.

منذ بداية مجموعة العشرين الاقتصادية، وبعدها تجمع الدول المصدرة للنفط فيما يعرف بـ«أوبك بلس» أو «أوبك» مضافة إليها روسيا، والمملكة تختبر النظام الدولي؛ ليس بدفع غشيم يؤدي إلى الصدام، وإنما بنعومة دبلوماسية توصل رسائلها إلى الأطراف المقصودة، أن هناك لاعباً دولياً جديداً وطموحاً يريد أن يؤكد على مكانته في وسط سجادة النسيج الدولي، لا على أطراف خيوطها.

ويكون من الظلم أن نقول إن المملكة لم تحاول من قبل، فالمقاطعة البترولية في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز لتعزيز الموقف العربي في حرب 1973 كانت لافتة، ولكن المكانة الدولية في عهد الملك سلمان، وبذكاء تنفيذي لولي العهد محمد بن سلمان، استطاعت أن تضفر كل قدرات المملكة؛ ليس النفطية وحدها؛ بل الثقافية والاقتصادية، بشكل يجعلها كما الحبل المضفر الذي يصعب قطعه أو تهوينه. وفي هذا السياق يمكننا الحديث عن الرياضة كجزء من قوة الدولة، ومن أدوات الترويج لقوتها الناعمة أو القوة الذكية.

يغرق البعض في الحديث قصير النظر والمدى، والقائل بأن الأموال التي أُنفقت على اللاعبين الدوليين ربما أرخص وأكثر تأثيراً من أن تشتري المملكة إعلانات في الشاشات والصحف العالمية للترويج لصورتها، ورغم ما في ذلك من وجاهة إلا أن ذلك طرح فقط يلمس سطح الاستراتيجية الأكبر لمكان المملكة ومكانتها في النظام الدولي.

عندما ذكرت في البداية أن النظام الدولي ليس نظاماً واحداً؛ بل عدة أنظمة، قصدت أن ساحات المنافسة لإثبات مكانة الدولة متعددة، والرياضة واحدة من هذه الساحات. فمثلاً: تمثل رابطة كرة القدم البريطانية (أو الدوري البريطاني) واحدة من ملامح القوة الناعمة للمملكة المتحدة، فحجم صفقات الانتقالات -مثلاً- في هذا الشهر، بلغ أكثر من ملياري دولار، بينما تنافس المملكة هذا الرقم في موسم الانتقالات الصيفية. ويتحدث البريطانيون والأوروبيون اليوم عن التهديد السعودي لدورياتهم التي كانت ولا تزال رمزاً لعلامة الجودة لهذه المجتمعات.

وكلمة التهديد هنا لا تعني تهديداً رياضياً وحسب؛ بل تعني تهديداً أوسع وأكبر. إذن التهديد في ساحة الرياضة وفرض المكانة ليس ببعيد عن ساحات الاقتصاد والنفط، وغيرها من ساحات المنافسة، لإثبات المكانة وتثبيتها في النظام الدولي.

أعرف أن هذا كلام نظري مجرد على غرار المعادلات الرياضية، ولكن من يفهم نسيج العلاقات الدولية قد يكتب من هذا كتاباً مطولاً شارحاً المفاهيم المتضمنة في ثنايا هذا المقال القصير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة والرياضة التجربة السعودية السياسة والرياضة التجربة السعودية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
  مصر اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 14:07 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"يوتيوب" يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي
  مصر اليوم - يوتيوب يختبر خاصية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة

GMT 23:05 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

يونيون برلين الألماني يسجل خسائر بأكثر من 10 ملايين يورو

GMT 02:11 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

طبيب روسي يكشف أخطر عواقب الإصابة بكورونا

GMT 09:43 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كباب بالزعفران
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon