توقيت القاهرة المحلي 06:33:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«زارنا النبي»

  مصر اليوم -

«زارنا النبي»

بقلم - مأمون فندي

«زارنا النبي»؛ عبارة تقال عند عودة الحجاج وهم في زفة اجتماعية قوامها صبية يرقصون وبأيديهم سعف النخيل الأخضر، وصبايا يحملن الدفوف ويغنين للعائدين من الحج والزيارة، مشهد أقرب إلى استقبال النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم دخوله المدينة، وفيها الأغاني ذاتها: «طلع البدر علينا»، ومن هنا تكون عودة من زار النبي ويحمل في طيات ملابسه عبق المكان، فكأنما النبي هو الذي قد زارنا بعد أن زاره نفر من أهلنا.

«النبي يرد الزيارة»؛ قال رجل صوفي من أهل القرية، ونحن نثق ونصدق ما يقول: «هؤلاء يا بني ذهبوا للمدينة لإجراء عملية قلب مفتوح»، هكذا أكمل، وشرح لي ما لم أكن أعرفه، بأن عملية القلب المفتوح هذه حدثت لرسولنا الكريم مرتين: مرة في الاختيار الأول، ومرة في الإسراء والمعراج. تتغير طبيعة القلب لتحمل الوحي في الأولى، ولكي يتأهب لسدرة المنتهى في الثانية، أو هكذا قال. المهم أن الذين عادوا بعد عملية القلب المفتوح أثناء الزيارة، هم من يحملون عبق بردته (صلى الله عليه وسلم)، ويقسم البعض أنه شم رائحة النبوّة، ومن هنا يكون النبي قد زارنا كما زار قبرَه أهلُنا.

وقال: «يا ولدي، زيارة النبي هذه مرة واحدة، وذلك لأنه متى ما زار النبي قلبك فإنه لا يغادره أبداً، ولكن الناس يكررون الزيارة مرات، رغم أن كل ما تحتاجه هي زيارة واحدة، فهو لا يغادر قلبك». كان ذلك مفهوماً جديداً بالنسبة إليَّ؛ ليس في حبه (صلى الله عليه وسلم) ولكن في الحب على إطلاقه، فإن فتحتَ قلبك للمحبوب فهو لن يغادرك أبداً، القلب المفتوح، إلا من أتى الله بقلب سليم.

تستمر الاحتفالات في القرية، ويأتي الناس إلى بيوت الحجاج للسلام والتهنئة بالعودة، وأخذ هداياهم التي هي تحمل رائحة النبي. البعض يكون نصيبه مسبحة، والبعض سجادة صلاة. قال الحاج إنه اشترى المسبحة هذه من مكان معلوم في المدينة، وهي مسبحة مستعملة «فيها شغل»، هكذا قال؛ أي أن هناك من أهل البركة من سبَّحوا عليها من قبل، وفيها من أسرارهم وأسرار أورادهم التي تلقنوها عن شيوخهم الذين لا نعلمهم ولكن الله يعلمهم.

يحكي الحجاج ما شهدت أرواحهم في مكة والمدينة، وينصت القوم بقلوبهم مشدوهين وكأنهم يشاهدون المشهد كله، وهذا ربما كان «السيلفي» الروحي أيامها، فبدلاً من كاميرات حجاج هذا الزمان و«الموبايل» و«السيلفي» الحديث، كان هناك «سيلفي الأرواح»، قصص يرويها الحجاج عند عوتهم في رائحتهم ورائحة الحج، فيها تهدج أصواتهم، شيء أعلى بكثير من «السيلفي الميت» الذي يتصدر «الترند» هذه الأيام، فبينما تُبتذل الصورة الكلية في الفيديوهات القصيرة و«السيلفي» اليوم، كان السرد المباشر يضفي على الحج بهاءً، من خلال وجوه نيرة تحكي تجربتها الروحية.

بعد حالات الوصل هذه، كانت تنهمر الرؤى على أهل القرية، ليقول بعضهم إنه وبعد التسبيح بمسبحة المدينة، رأى النبي في منامه «ومن رآني فقد رآني حقاً»، هكذا يورد بعضهم الحديث بعد رواية منامه. وتبقى القرية أشهراً معدودات في تلك الحالة الروحية، أما الحاج فيدخل في مداخل أخرى تثبت تغير الحال، فما كان يفعله قبل الحج لا يصح أن يفعله بعده، يدخل مدخل الصدق لأنه لو كذب قيل له من المجتمع كله: «كيف تكذب وأنت حاج لبيت الله وزائر لقبر رسوله؟!»، إذن، الحج ينهى عن الفحشاء والمنكر بالضغط الاجتماعي، وبالشهود الذين شاهدوا الحاج يوم الخروج للحج، ويوم العودة.

وتجدد زيارة النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى قريتنا كلما زاره أحد من أهلنا، وتجدد العهد أو هكذا كان يرى جماعتنا، أو هكذا ألقي في قلوبهم أو أوحي إليهم، وإن الله بصير بالعباد، أو هكذا قال الشيخ ذو القلب المفتوح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«زارنا النبي» «زارنا النبي»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon