توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غياب رجل حكيم

  مصر اليوم -

غياب رجل حكيم

بقلم: مأمون فندي

رحيل السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان يمثل صدمة للشعب العماني الشقيق، فهناك أجيال كاملة لم تعرف حاكماً لعمان غير السلطان قابوس الذي حكم عمان لمدة خمسين عاماً تقريباً، أي أن في عمان أجداداً وأبناءً وأحفاداً لم يعرفوا غيره سلطاناً لبلادهم، وتلك صدمة لاستقرار الإنسان العماني داخلياً وخارجياً، فقد كان قابوس - رحمه الله - رمزاً للاستقرار والهدوء في منطقة دوماً ما هي في حالة هلع وخوف.
استطاع السلطان قابوس في فترة حكمه أن ينقل مسقط وعمان من عالم القبائل وما قبل الحداثة إلى عالم الحداثة والتحديث، فبنى مجتمعاً متكاملاً في بنيته التحتية من تعليم وصحة إلى طرق. كذلك يحسب للسلطان قابوس أنه بنى جيشاً حديثاً على أسس عصرية، وكيف لا وهو خريج كلية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا، وتدرب في العديد من الدول الأوروبية من بينها بريطانيا وألمانيا. كما بنى السلطان الراحل مؤسسة أمنية وجهازاً إدارياً حديثاً.
عمان، رغم أنها بلد خليجي، فإنه بلد فقير، مقارنة ببقية منظومة مجلس التعاون، ورغم ذلك خصص كل مقدرات الدولة للتحديث والبناء ولم نسمع عنه أو عن دولته ما نسمعه عن بعض الدول، فيما يخص الفساد وثراء الحاكم على حساب المحكوم، فقد كان رجلاً زاهداً في متاع الدنيا وخصص حياته لبناء نظام حكم ودولة قابلة للاستمرار والاستقرار.
كان السلطان قابوس - رحمه الله - يمثل روح الحياد الإيجابي وعدم الانحياز المفهوم الذي دعا إليه زعماء من قبله، ونفذه قابوس فعلاً لا قولاً. إذ اتسمت سياسة عمان الخارجية بالعقلانية والهدوء في أصعب الظروف، وكان رجلاً ذا رباطة جأش لا تهزه الأحداث.
نذكر له في مصر موقفه الشجاع بعد زيارة الرئيس السادات - رحمه الله - للقدس من أجل إقامة سلام مع العدو الإسرائيلي، انتقد معظم العرب السادات يومها وبشدة، إلا عُمان، وليس من باب الدعم والتشجيع غير العقلاني، وإنما من باب أنه ليس هناك ما يدعو عُمان أن تقطع علاقاتها بمصر كما دعا صدام حسين يومها من مؤتمره في بغداد.
كذلك اتخذت عُمان موقفاً مغايراً لبقية دول الخليج فيما يخص سياستها تجاه إيران، وغدتْ قناةً مفتوحةً للعرب مع إيران حتى في أحلك الظروف.
من استمع إلى كلمة السلطان هيثم بن طارق يدرك أن سياسة السلطنة سائرة على نهج الراحل داخلياً وخارجياً، فقد طمأن السلطان الجديد العالم بأنه لا تغيير يذكر في سياسة عمان الخارجية المبنية على الحوار والتعايش السلمي.
لافت أيضاً أن السلطان قابوس في وصيته التي التزم بها مجلس العائلة أنه لم يختر خليفة له من ذوي الخلفية العسكرية، واختار وزيراً للثقافة ليخلفه، وفي ذلك رسالة واضحة للعالم أن عمان الجديدة ستركز على بناء الإنسان العماني، وعلى النقلة الحضارية لعمان بعد أن اكتملت بنيتها التحتية.
السلطان الجديد هيثم بن طارق يحتاج إلى كل الدعم من دول مجلس التعاون أولاً وبقية الدول العربية ثانياً، حتى يثبت أقدامه ويملأ فراغ قائد نادر مثل السلطان قابوس. لا شك أن السلطان هيثم بن طارق يتمتع بمحبة العمانيين وإجماعهم، كما أخبرني رجل حكيم من عمان، وأنا أصدقه لأنَّ الشخصية العمانية لا تميل إلى المبالغة في الأحكام.
صبغ السلطان الراحل المجتمع العماني بصبغته المتمثلة في الهدوء والاستقرار الداخلي للأنفس. وهذه صفة في الشخصية العمانية لا يختلف عليها كثيرون.
رحم الله السلطان قابوس، وثبت أقدام السلطان الجديد لما فيه خير عمان وشعبها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غياب رجل حكيم غياب رجل حكيم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon