بقلم: مأمون فندي
مع المحاولة الرابعة للحصول على تصويت يدعم خطة تيريزا ماي على الخروج من الاتحاد الأوروبي قالت ماي إنها ستستقيل إذا تم رفض خطتها، لكن حزبها الواثق بأن التصويت البرلماني سيكون بالرفض لخطتها وللمرة الرابعة يريد قبل جدول الخروج من الاتحاد الأوروبي جدولاً لخروج ماي من رئاسة الحكومة. رغم أن لوائح الحزب لا تسمح بخروجها إلا في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فإن هنالك رغبة قوية داخل الحزب لخروجها خلال الشهر المقبل.
من سيخلف تيريزا ماي كقائد لحزب المحافظين؟ هناك أحاديث كثيرة عن عمدة لندن السابق ووزير الخارجية السابق بورس جونسون، وقد أعلن جونسون أنه سيرشح نفسه لخلافة ماي، ولكن لن يكون وحده، فهناك المرشح الأوفر حظاً ربما، وهو مايكل غوف وزير البيئة والمتحدث البارع والمدعوم مادياً من الملياردير روبرت مردوخ، الذي استكتبه وزوجته في صحفه نظير مبلغ هائل من المال. وقد كان مردوخ وراء أول مقابلة لترمب مع جريدة التايم اللندنية التي يملكها، وقد قام مايكل غوف بإجراء تلك المقابلة. وهناك تقارير تقول إن روبرت مردوخ كان موجوداً في القاعة أثناء إجراء المقابلة بين ترمب وغوف. كما أن مردوخ قد طلب من تيريزا ماي إعادة غوف مرة أخرى كعضو في الحكومة، وإلا واجهت إعلاماً سيئاً في وسائل الإعلام التي يملكها، وقد رضخت ماي للطلب حسب مصادر، ولكن المتحدث باسم حكومتها رفض التعليق على استجابتها لضغوط مردوخ. النقطة هنا هي أن مايكل غوف مرشح مدعوم مالياً وقد يتفوق على بورس جونسون.
ومايكل غوف كان دائماً يرغب في منصب ماي وقد رشح نفسه ضدها في عام 2016. وهو سياسي متميز من جماعة خروج بريطانيا من الاتحاد، هو متحدث جيد جداً ولديه قدرات خارقة في التلاعب باللغة، وذكي وموهوب في المناظرات السياسية وربما يرجع ذلك إلى أيامه كناطق متميز في أيام دراسته بجامعة أكسفورد. ولكن هذا وحده لا يكفي، فدونما الدعم المالي لمردوخ يبقى مثله مثل آخرين من الساسة المتميزين.
رغم وجود آخرين في السباق على خلافة تيريزا ماي فإن المنافسة هي بين بورس جونسون ومايكل غوف. ولكن لأي دارس للسياسة البريطانية نعرف أن في الأزمات الحزبية دائماً ما يربح السباق حصان أسود غير متوقع.
هناك ثمانية أسماء أخرى مرشحة للمنافسة على خلافة ماي منها وزير بريكست دومنيك راب وكثيرون يراهنون عليه على أنه الثاني بعد بورس في المنافسة. هناك أيضاً وزير الخارجية جيرمي هانت وساجد جاويد وأندريا ليدسوم والتي هي منافسة تقليدية لماي، ومع ذلك فكل هؤلاء أقل حظاً من بورس وغوف، ولكنهم لن يترددوا في رمي قبعاتهم في الحلبة، كما يقول الإنجليز.
أياً كانت قيادة المتحفظين التي ستخلف ماي، فهي لن تكون صديقة للعرب كما يتصور البعض، فإذا جاء غوف مثلاً فسنرى تأييداً مطلقاً لنتنياهو وسياساته على طريقة دونالد ترمب، وظني أن غوف هو الرجل القادم.
ومع ذلك ففي الانتخابات المقبلة لن يكون هناك حظ للمحافظين في النجاح، وستكون رئاسة الوزارة من حزب العمال وقائده اليساري جيرمي كوربين، وهنا يجب أن يتحسب العرب كثيراً، وخصوصاً دول الخليج. فكوربين آيديولوجي ولا يهتم كثيراً بالصناعات العسكرية كأساس للاقتصاد البريطاني، هو رجل مبادئ كما يريد تصوير نفسه، ومن هنا أتصور أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة في العلاقات العربية البريطانية.
ومع مجيء كوربين أيضاً ستكون العلاقات الإسرائيلية البريطانية أكثر صعوبة، فليس بالضرورة أن تكون ضد العرب فتصبح أوتوماتيكياً مع إسرائيل، كوربين يكره الاثنين معاً.
من يقرأ هذا يظن أن بريطانيا مع بريكست والاضطراب السياسي الذي نراه الآن، إنها على شفا جرف هار قد ينهار بها، هذا ليس صحيحاً ومن يقارن أزمة الأحزاب في سبعينيات القرن الماضي والتي أنتجت فيما بعد مارغريت ثاتشر يدرك أن الأحزاب البريطانية قادرة كمؤسسات على إنتاج قيادات بديلة قد تدهشنا، فما زال شبح مارغريت ثاتشر قائماً، ولكن ليس ضمن هذه القائمة التي ناقشتها في هذا المقال.