توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران وإسرائيل وشعرة الصِدام المباشر

  مصر اليوم -

إيران وإسرائيل وشعرة الصِدام المباشر

بقلم - جبريل العبيدي

هل ستقطع الضربة الإسرائيلية الأخيرة شعرة الصدام المباشر؟ خصوصاً وهي أوجعت وأثخنت جراح إيران، وسرّعت من عجلة سياسة التصعيد والتصادم، التي تحاول جرها إليها الضربات الإسرائيلية المتتالية التي لا تريد أي تقارب إيراني - أميركي يجعل من إيران تهرب بمشروعها النووي من العقوبات الأميركية، ولهذا دأبت إسرائيل على شنّ ضربات عسكرية واستخباراتية من حين لآخر ليس آخرها ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل العشرات من قيادات «الحرس الثوري»، مما جعل إيران في حالة حرج شديد أمام أنصارها في المنطقة، خصوصاً أن الضربة الإسرائيلية الغادرة موجعة فعلاً وتستوجب الرد من منظور إيراني ولو بعد حين، خصوصاً بعد تهديدات عبّر عنها المرشد الإيراني علي خامنئي، في تغريدة قائلاً: «إن إسرائيل ستندم بإذن الله على جريمة اعتدائها» وكرر القول: «إن إسرائيل ستتلقى صفعة». في حين هدد رئيس أركان الجيش الإيراني، ووصف ما حدث بأنه «انتحار ارتكبته إسرائيل»، و«لن يبقى من دون رد» من قبل إيران.

في مقابل التصريحات النارية الإيرانية، أعلنت إسرائيل حجب نظام تحديد المواقع «GPS» في مناطق «إسرائيل»؛ من أجل عرقلة الصواريخ والطائرات من دون طيار، تحسباً لأي رد إيراني محتمل فوق إسرائيل، الأمر الذي يستبعده أغلب المحللين كون الرد سيكون خارج إسرائيل غالباً على أحد المواقع الأمنية التي تستخدمها خارجها.

فالرد لا بد أن يكون مباشراً ليكون مقنعاً لحلفاء إيران، وبهيبة إيران، ويبتعد عن الردود الشكلية «المسرحية» السابقة، من خلال ضربات تنفذها جماعات مرتبطة أو متعاطفة أو محسوبة على إيران، فأزمة الرد الإيراني معقدة؛ بسبب أن ساسة إيران لا يرغبون في اتساع دائرة الضربات لتصبح حرباً مفتوحة الاحتمالات، وكذلك هي الرغبة الأميركية أيضاً، ولكن إيران أصبحت مُحرَجة داخلياً وخارجياً أمام أنصارها الذين يطالبونها بضرورة الرد، والرد الموجع، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، فإيران لم تنتقم لمقتل قاسم سليماني وهو قائد حرسها، سوى بضربات صاروخية على قاعدة أميركية كانت خاوية... فكيف سيكون حجم ردها لمقتل جنرال أقل حجماً من سليماني؟!

لعل من الأخطاء السياسية الإيرانية، التمجيد المفرط لقاسم سليماني، ونثر تماثيله في المدن الإيرانية، وكأن إيران توجّه رسالة للعالم بأنها مستمرة في مشروع قاسم سليماني في الجوار الإيراني والعالم، مما انعكس سلباً على الوجه الجديد الذي تقدمه إيران للعالم بصيغة «صفر مشاكل».

إيران اليوم أمام خيارات محدودة وصعبة وضيقة، وإلا ستكون أي أخطاء مفتوحة على حرب غير مرغوب فيها حالياً، وهي التي كانت تعلن الصدام في محاولات سابقة للصِدام مع العالم وقواه السياسية وأعرافه ومؤسساته، في ظل اتهامات لإيران بالوقوف وراء الهجوم على ناقلات النفط، وتهديد الملاحة العالمية، ودعم جماعات مسلحة بالمال والسلاح، بل وزودتها بتقنية عسكرية متطورة مثل الطائرات المُسيّرة والصواريخ بعيدة المدى.

إيران قدراتها العسكرية لا تؤهلها لمواجهة عسكرية كبيرة مع إسرائيل؛ نظراً لتطور قدرات إسرائيل، خصوصاً القدرات الجوية والدفاعات الجوية، إضافة إلى دعم حليفة إسرائيل الاستراتيجية، أميركا، التي حركت أساطيلها لمجرد الحرب في غزة، ناهيك من وضعَي إيران الاقتصادي والسياسي، وجميعها عوامل تحد من حجم الرد الإيراني مهما كانت قوة وشدة التصريحات بالرد الموجع، الذي غالباً ما سيقوم به «حزب الله» بالنيابة، وإن كانت ستكون مغامرة إيرانية بتقديم «حزب الله» قرباناً لإسرائيل في ظل وجود حكومة حرب نتنياهو التي مستقبلها السياسي رهينة باستمرار الحرب، خصوصاً أن إيران أمدّت «حزب الله» بالذخائر بعيداً عن الحرب في غزة.

في ظل المناخ المشحون والتصريحات الانفعالية، هل سيكون مفاعل ديمونة ضمن بنك الأهداف المحددة للرد الإيراني؟ أم ستكتفي طهران بضربات خارج إسرائيل؟، ليبقى السؤال: كم مرة استخدمت إيران «شعرة» معاوية في صراعها مع إسرائيل؟ أم ستمتنع إيران عن الرد أصلاً لتحقيق مصالح استراتيجية أكبر، تمكّنها من امتلاك الوقت لتخصيب مزيد من اليورانيوم يعزز موقفها التفاوضي، أم أن التيار المتشدد سيذهب بإيران إلى الحرب كما فعل تيار نتنياهو بإسرائيل للبقاء في السلطة وبعيداً عن الملاحقة القضائية؟.

الواقعية السياسية تحتم على إيران التعقل والتريث في الرد، ودراسة بنك الأهداف، ودراسة الخيارات؛ لأن هناك في إسرائيل مَن يجر المنطقة للحرب ليس نتنياهو آخرهم، بل هناك من المتشددين في الطرفين وراء الحرب المقبلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وإسرائيل وشعرة الصِدام المباشر إيران وإسرائيل وشعرة الصِدام المباشر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon