بقلم: د. جبريل العبيدي
الاجتياح التركي لشمال سوريا العربية، سيسمح بعودة «داعش» للمنطقة التي طرد منها، بل إن بعض سجناء «داعش» قد تمكنوا بالفعل من الفرار والهرب من السجون، حيث أسهمت العملية العسكرية التركية في فرار عناصر «داعش» من السجون التي كانوا يحتجزون فيها من قبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تحتفظ بأعداد كبيرة منهم هم أخطر عناصر وقادة «داعش»، فالعمليات العدائية التركية ضد الأراضي السورية تسببت في فرار عناصر «داعش»، خاصة في ظل وجود أنباء عن ترك مقاتلي «قسد» مواقعهم في بعض السجون، وفرارهم نحو الشمال خشية القصف التركي، وهذا ما أكده بيان قوات قسد التي أعلنت فرار 785 عنصراً من «داعش» الأجانب من مخيم عين عيسى تزامناً مع القصف التركي.
رغم محاولات الرئيس دونالد ترمب، طمأنة العالم حول احتمالية فرار عناصر «داعش»، حيث كتب مغردا كعادته: «نقلت الولايات المتحدة بالفعل اثنين من مقاتلي (داعش) المرتبطين بقطع الرؤوس في سوريا خارجها وإلى موقع آمن تسيطر عليه».
العملية «الوقائية» الأميركية الخجولة بنقل اثنين من عناصر «داعش» وترك عشرات الآلاف الآخرين ومن بينهم نساء «داعش» اللاتي لا يقللن خطورةً وشراسةً وتوحشاً عن رجال «داعش»، يعتبر نوعاً من الاستهتار وفقدان الشعور بالخطر وتقديره حيال خطر المتبقين من عناصر «داعش» الذين فر منهم المئات بمجرد تقدم القوات التركية.
المخاوف الدولية مشروعة وصائبة على مصير قرابة 12 ألف مقاتل في «تنظيم داعش» في سجون قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فالسجون التي تأوي عناصر «داعش» لا تبعد سوى 70 كلم عن حدود العراق، مما جعل الحكومة العراقية في حالة تأهب قصوى لكون مقاتلي «داعش» ستكون وجهتم العراق وليبيا كمرحلة ثانية.
ووزير الدفاع الأميركي مارك إسبر رغم تغريدة الطمأنة لرئيسه ترمب فإنه قال في مؤتمر صحافي: «الهجوم التركي يعرض قوات سوريا الديمقراطية للخطر، فهو يخاطر بأمن معسكرات (داعش) وسيزيد من زعزعة استقرار المنطقة».
وتناغم الموقف الروسي مع المخاوف الدولية من فرار عناصر «داعش» بسبب الغزو والاجتياح التركي للأراضي السورية، وتحديداً على مناطق سيطرة قسد، مكان وجود 7 سجون مهمة لعناصر «داعش»، ويعتبر مخيم الهول، أكبر المخيمات الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا، حيث يؤوي المخيم أكثر من ثلاثة آلاف من مقاتلي التنظيم الشرس، إذ قالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان إن «الإرهابيين المحتجزين في السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) قد يهربون من مراكز الاعتقال جراء العملية العسكرية التركية»، وهذا ما حدث فعلاً بمجرد بدء القوات التركية التقدم بغطاء جوي مكن عناصر «داعش» من الفرار.
هذه المعطيات يؤكد مخاوف العالم من أضرار وخطر فرار عناصر «تنظيم داعش» جراء التعنت التركي بخوض عملية عسكرية تحت مزاعم مكافحة الإرهاب، بينما ما تقوم به قد يتسبب في أكبر كارثة بفرار الآلاف من عناصر التنظيم المتوحش الشرس، خاصة أن القوات الموالية لتركيا التي تتقدم براً تحمل ذات الفكر الذي يحمله عناصر «داعش».
فتركيا إردوغان كانت وما زالت الحاضنة الرئيسية لمقاتلي «داعش»، لاستخدامهم في مشاريع الفوضى التي يرتبط بها تنظيم الإخوان الإرهابي بمشاريع تخريبية في المنطقة.
والغزو التركي يسهِّل لعناصر «داعش» ترتيب صفوفهم للعودة لصناعة الفوضى والتوحش ضد السكان المحليين، بل ويشكل تهديداً خطيراً في حالة تمكن عناصر التنظيم الفارة من سجون قسد من التسلل إلى مناطق الصراع الإقليمي، ومنها ليبيا في ظل وجود راعٍ مستعد وجاهز لنقلهم، بل ودفع مصاريف سفرهم وتجهيزهم بالسلاح والعتاد وهو تنظيم الغخوان الشرس الذي يشعل الفوضى العارمة في أرض العرب لمزيد من التخريب والدمار.
وفرار عناصر «داعش» سيبقى هو الإنجاز الأهم لعملية الاجتياح التركي للأراضي السورية، التي قد لا تتوقف حتى تقضم تركيا جزءاً من الأراضي العربية السورية.