توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزمة الليبية ما بين الإستيفانيتين

  مصر اليوم -

الأزمة الليبية ما بين الإستيفانيتين

بقلم - جبريل العبيدي

مثلما تكمن أزمة ليبيا في نخبها السياسية التي تطفو على سطح السياسة بالفشل والتناطح السياسي، تكمن نكبة ليبيا أيضاً في كفاءة المبعوثين الذين يُرسلون إليها وفيهم مَن في سيرته المهنية لم يحقق أي نجاح أو تقدم قيد أنملة في تسوية سياسية ناجحة، ولا كان علامةً فاصلةً في أي تسوية وحل أو تفكيك نزاع دولي بحجم كفاءة الجزائري الأخضر الإبراهيمي، الذي لم ترشحه الأمم المتحدة طيلة 13 عاماً من الأزمة الليبية، ولا فكرت في اختياره، بينما أصبحت الأزمة الدولية في ليبيا يتصدَّرها مَن هم في الصفين الرابع والثالث من المبعوثين كفاءة وخبرة، وكأن الأمم المتحدة لا ترغب حقيقة في تسوية الأزمة في ليبيا.

الأزمة الليبية اليوم ومرحلة أخرى ومبعوث دولي جديد، ستيفاني خوري، خلفاً لباتيلي الذي توسّطت ولايته ما بين الأميركيتين ستيفاني وليامز وستيفاني خوري، والأزمة الليبية تراوح مكانها، بينما كل مبعوث وآخر ينسب الفشل لليبيين، وكأنهم اللاعب الوحيد في الأزمة وليس هناك شركاء، بل ولاعبون محترفون في الأزمة الليبية من غير الليبيين، ويتجاهلون تقييم أداء المبعوثين الدوليين وفشل أغلبهم في إدارة الأزمة بالتورط في الانحياز.

التوصيف الصحيح هو «أزمة دولية في ليبيا»؛ لأن الأزمة ليست ليبيةً خالصةً، ولعل التوصيف الخاطئ للأزمة في ليبيا وراء الارتباك في تسويتها، وساعد على استمرار الأزمة وحالة المراوحة الحالية في بلد منقسم بحكومتين وبرلمانَين ومصرفين مركزيَّين، بل وطباعة عُملة شرقاً وغرباً، ومكّن المتدخلين من بعض الدول الإقليمية والكبرى المستفيدة من حالة الانقسام من منع أي تسوية تجمع الليبيين تحت حكومة واحدة وبرلمان موحد، بل إن هذا التدخل السافر منع الانتخابات في ليبيا تحت ذريعة «القوة القاهرة» التي يجهلها مَن أعلن عنها عندما أعلن تعليق الانتخابات في ليبيا تحت عناوين مختلفة تخدم جميعها حالة الانقسام والتشظي السياسي في المشهد الليبي الدولي على الأرض الليبية.

مواقف كثيرة تبنتها البعثة الأممية في ليبيا؛ نتيجة التوجيه الخاطئ بتقارير تُتَّهم بـ«المنحازة»، وفي اختيارات البعثة لممثلي لجنة الحوار السابقة التي ما غاب عنها محب أو صديق، بل وإخواني قيادي كبير تمت تسميته «عضو مستقل» ضمن لجنة الحوار، في استخفاف واضح بالتمثيل الحقيقي لليبيين في لجان الحوار التي نسّقتها البعثة الدولية دون معرفة المعايير التي تمّ من خلالها اختيار الأعضاء في لجان الحوار التي أنتجت وصوتت على إنتاج سلطة لإنجاز الانتخابات والمصالحة الوطنية في بضعة أشهر، ولا هي أنجزت انتخابات ولا هي تقدمت في ملف المصالحة، وبقيت في السلطة لسنين رغم انتهاء ولايتها الشرعية في ظل صمت الأمم المتحدة والبعثة الدولية اللتين لا تزالان تعترفان بحكومة منتهية الولاية حتى وفق اتفاق جنيف نفسه الذي أنتجها وليس فقط وفق سحب الولاية منها عبر البرلمان الليبي المنتخب.

السيدة وليامز تتجاهل سلسلة الفشل لدى البعثة الدولية في إدارة ملف الأزمة والمراوحة به في حالة الانقسام وتبادل الأدوار. تصف الليبيين بمسببي الفشل، فتقول وليامز: «الفشل الحقيقي هو فشل ليبي بامتياز ويخص النخبة السياسية التي لا تريد الانتخابات لسبب رئيسي واحد هو أنها ستخسر امتيازاتها»، صحيح أن جزءاً من كلامها صحيح وحقيقة ومسبب منفعة يرتجيها هؤلاء السياسيون الفاشلون في ليبيا، وحتى المواطن الليبي يعي ويعلم حجم ومدى فشل وفساد الطبقة السياسية في ليبيا، بل وموثق فسادها وفشلها بتقارير رسمية من ديوان الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة، التي فتح النائب العام التحقيق في كثير منها، بل وحبس وزراء ومسؤولين، ولكن الموضوع ليس فقط ظهور مليونيرات ليبيين كل يوم كما وصفهم المبعوث الدولي السابق، بل في التشخيص الخاطئ للأزمة السياسية في ليبيا وكـأنها ليبية خالصة بينما هي خليط من الأزمة الداخلية والتدخل الخارجي السافر في ليبيا، ورفع «فيتو» غير معلن من بعض الخمسة الكبار لعدم إنهاء أو تسوية الأزمة في ليبيا، بل الاستمرار في بقاء وضع المراوحة في الانقسام السياسي في ليبيا وحالة التشظي التي تستفيد منها القوى الإقليمية والأخرى المتدخلة، بل والمتصارعة بالوكالة على الكعكة الليبية، بينما الأمم المتحدة ومبعوثوها التسعة حتى الآن لا يزالون في حالة التجاهل التام لإرادة شعب ومكونه الحقيقي، والاكتفاء بالاستماع لممثلي «أحزاب كرتونية» لا تمثل 2 في المائة من شعب تمثله في الواقع قبائل وعشائر منذ مئات السنين، ولم يعرف تجربة الأحزاب ولا التنظيمات، خاصة المؤدلجة مثل إخوان البنا وقطب الذين تسللوا إلى المجتمع الليبي، تحت عباءة الوسطية التي تم النفخ فيها إعلامياً عبر منظومة الإعلام المضلل محلياً وإقليمياً، على أنهم أغلبية متلبسة بالوسطية التي تمثل غالبية الشعب الليبي لا غالبية تنظيم الإخوان في ليبيا.

أي مبعوث جديد ستبقى أمامه عقبات كثيرة، فالواقعية جزء من تفكيك الأزمة الليبية، فجمع الفرقاء يحتاج كثيراً من الجهد، قد يبدأ من داخل أروقة مجلس الأمن حيث أنتج قرار إسقاط الدولة الليبية عام 2011 وجمع المتخاصمين أوروبياً على الكعكة الليبية أو إبعادهم عن مكتب البعثة الدولية في ليبيا، حيث لا يزال التشخيص الخاطئ للأزمة في ليبيا قائماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة الليبية ما بين الإستيفانيتين الأزمة الليبية ما بين الإستيفانيتين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon