توقيت القاهرة المحلي 05:13:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السودان وحرب الجنرالين

  مصر اليوم -

السودان وحرب الجنرالين

بقلم - جبريل العبيدي

خريطة الصراع وانتشار خطاب الكراهية المبني على الإثنية والجهوية في السودان بتعميق الانقسام القبلي في البلاد وسيناريو انزلاق السودان إلى حرب أهلية، كل ذلك سيجعله أمام فوضى الحرب الأهلية والابتعاد عن فرصة العودة لطاولة الحوار، مفتاح الحل للأزمة السودانية، ويجعل منه أقرب لفناء أحد الطرفين، كما كان يقول البرهان قائد الجيش: «سنقاتل حتى ينتهي أو ننتهي نحن»، في ظل عدم تحقيق أي نصر لأي طرف سوى الانتصار المعنوي كما فعل جيش البرهان بدخوله التلفزيون السوداني بعد غياب لعام كامل، في حين «قوات الدعم السريع» تؤكد أنهم مستعدون للوصول لأي تفاهمات تمكّن من إنقاذ حياة المواطنين.

في مقابل جنرال يرى القتال حتى فناء أحد الطرفين كما كان يقول البرهان الذي رقاه البشير من رتبة فريق ركن إلى فريق أول، ودان بالولاء للبشير بصفته مفتشاً عاماً للجيش في عهد البشير، وهو نفسه الذي انقلب على الوثيقة الدستورية وحكومة حمدوك التكنوقراط المدنية، وأطلق ما يشبه سلطة شمولية عسكرية، ويُتهم من معارضيه بعرقلة مجريات التحقيق في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة في السودان، وبالتالي الجنرال البرهان مثقل ملفه بالتناقضات والقضايا الجدلية ليكون الخيار الأمثل للخروج من الأزمة السودانية، والأمر ذاته للجنرال حميدتي الذي لم يدخل أكاديمية عسكرية مثل البرهان وأصبح جنرالاً «بالخبرة»، والمتهم هو الآخر بتلقي دعم خارجي ومشاركة قواته في أعمال عدائية بعضها قد يصل لجرائم حرب والأمر مشابه للجيش، وفق تقارير منظمات دولية.

السودان يعيش منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2021 أزمة سياسية، إثر حل الحكومة المدنية وتسلم العسكر الحكم، وفرض الطوارئ، لينتقل الخلاف بين العسكر وتحديداً الجنرالين البرهان وحميدتي، ومَن سيتسلم منصب قائد الجيش؟ هل سيكون، كما يرى حميدتي، رئيساً مدنياً أم جنرالاً عسكرياً واسمه عبد الفتاح البرهان تحديداً كما يرى الجنرال البرهان؟ وذلك يضمن بقاء السودان في معسكر «العسكرتاريا»، خاصة بعد يمين الطلاق الذي تلفظ به البرهان على المكون المدني في مجلس السيادة السوداني بعد أن قرر البرهان حله في انقلاب عسكري ناعم على وجوده شريكاً في الحكم.

التدخل الخارجي بالدعم والتمويل بالسلاح للطرفين أصبح جلياً واضحاً، فكل طرف له دعم خارجي، وهنا بداية التدويل واللانهاية للصراع في السودان، مع تغير اللاعبين، وهنا يتشابه الصراع في السودان مع الصراع في ليبيا باختلاف النفط الذي يفتقر إليه السودان ويكثر في ليبيا، إلا أن الصراع الآن بدأ في التشابه شكلاً وموضوعاً وحتى بجغرافيا المتدخلين والداعمين للطرفين المتصارعين؛ جيش البرهان وقوات حميدتي.

محاولات جيش البرهان تدريب المدنيين وتسليحهم، كما جاء في ولاية البحر الأحمر، تجعل الأمر أكثر تعقيداً، بل تطرح تساؤلات حول رفض الجيش «قوات الدعم السريع» وعدّها «ميليشيا» مسلحة، بل ومتمردة، وهي التي كانت بالأمس القريب جزءاً من المكون العسكري السوداني وبقيادة من الجيش نفسه، ولها قرارات شرعية عسكرية صادرة عن رئاسة الجيش ورئاسة الدولة، فكيف يمكن التعاطي مع «تسليح المدنيين» والمجاهرة بذلك من قبل «جيش» البرهان؟

هناك إصرار على أنَّ «قوات الدعم السريع» (قوات حميدتي)، قوى متمردة، بينما هي قوى من الجيش السوداني نفسه، الذي يعاني فقدان الشرعية المنقوصة ذاتها، خاصة في ظل من يسميه جيش «البرهان» لا جيش السودان، بعد اختراقه من قيادات عسكرية إخوانية ذات ولاء للجماعة وتنظيم الإخوان لا ذات عقيدة وطنية كما تنبغي أي عقيدة عسكرية للجيش الوطني، وهو الاتهام الذي يوجهه الجنرال حميدتي للجيش الذي يقوده البرهان، ما يجعل من مشكلة الشرعية العسكرية محل جدال بين القوات المتحاربة في السودان.

لا شك أنَّ الأزمة السودانية لها جذور سياسية واقتصادية عميقة، والانسداد السياسي وصل إلى الإضرار بسعر الرغيف إلى 3 أضعاف، مع ندرة دقيق الخبز والسيولة النقدية، وهي ظروف حدثت حتى في ليبيا التي تطفو على بحيرة نفط نتيجة المماحكات السياسية، فما بالك ببلد فقير بالنفط والغاز مثل السودان بعد التقسيم، ما أدى إلى فقدانه ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي، وإن كان غنياً بالماء والتربة الخصبة للزراعة، إلا إن الفقر في السودان وصل إلى درجات كبيرة، فأصبح 50 في المائة من الشعب تحت خط الفقر، وفق تقارير الأمم المتحدة، فهو ليس في حاجة للحروب والقتال، بل في حاجة للتنمية وإطعام الناس وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم وليس القتال والتناحر والخلافات بين الجنرالين المتنافسين على حكم السودان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان وحرب الجنرالين السودان وحرب الجنرالين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon