توقيت القاهرة المحلي 21:12:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا... ولادة حكومة من الخاصرة

  مصر اليوم -

ليبيا ولادة حكومة من الخاصرة

جبريل العبيدي
بقلم - جبريل العبيدي

في ليبيا تجري محاولة لولادة حكومة جديدة تحت اسم «حكومة الاستقرار»، يزعم بعض من مناصريها أنها تأتي نتيجة ضرورة ملحّة للخروج من الانسداد السياسي في ليبيا، بعد أن فشلت الحكومة الحالية في تحقيق الانتخابات التي تم اغتيالها وإلغاؤها تحت ذرائع عديدة، اتفق عليها أصحاب المصلحة والمنفعة الخاصة في التأجيل وإدخال البلاد في مرحلة انتقالية خامسة، لكي تتمدد الأجسام السياسية المنتهية الولادة بحجة الفراغ السياسي وتأجيل الانتخابات بحجج كثيرة منها «القوة القاهرة»، التي لا يعلم أحد ما هي إلى الآن.
ولكن «حكومة الاستقرار» تواجه مشكلة المحاصصة بين الأقاليم، والصراع على الوزارات السيادية، والوزارات التي لها ميزانيات ضخمة، ما جعل شبهة الفساد قائمة ومستمرة، كما أن إعادة تدوير أسماء سابقة تجعل الحكومة القادمة لا تختلف عن الحالية إلا في الأسماء لا الأخطاء، وبذلك سنضمن نفس السوء في معدل الأداء.
ليبيا مرّت بمسميات حكومات متعددة من دون إنجاز أدنى درجات تحقيق الوصف الوظيفي لها، فليبيا عرفت حكومة «الإنقاذ» وما حدث الإنقاذ، وحكومة «وفاق وطني» وما كان هناك أدنى درجات للوفاق، بل ضاع الوطن بسبب جلبها المرتزقة والقوات الأجنبية وورّطت البلاد في اتفاقية بحرية حدودية تم فيها تزييف الجغرافيا، ثم جاءت حكومة «وحدة وطنية» وما تحققت الوحدة بين الشرق والغرب ولا المصالحة الوطنية، التي تعد حجر الزاوية في استقرار ليبيا، واليوم نشهد ولادة حكومة الاستقرار، التي يأمل الجميع أن تحقق الاستقرار فعلاً وليس مجرد تسمية كسابقاتها.
الأزمة الليبية ليست أزمة حصص أو محاصصة في حكومات بمسميات جذابة، بل الأزمة تحتاج إلى قاعدة حل، تنطلق من تحقيق المصالحة الوطنية، التي فشلت جميع الحكومات في توفير أرضية ومناخ لتحقيقها، بل إن بعض الحكومات أسهمت في تأجيج خطاب الكراهية، بعد حالة من الانقسام غير المسبوق تسببت فيه حروب أغلبها بالوكالة باستثناء الحرب التي شنها الجيش الوطني على الجماعات الإرهابية.
تشكيل حكومة جديدة صحيح أنها ليست من الأولويات الآن، ولكن فرضتها الحاجة بعد أن غرقت الحكومة الحالية في مستنقع الفساد وإهدار المال العالم، وفشلت في توفير حتى الكتاب المدرسي، في سابقة لم تحدث طيلة خمسين عاماً، حكومة ثلث الوزراء والمسؤولين فيها في السجن بأمر من النائب العام بسبب تهم فساد وإهدار المال العام، ما استوجب ولادة حكومة جديدة ولو من الخاصرة.
سيكون على الحكومة القادمة مهمة تحقيق التوافق الداخلي، بعد حالة التشظي السياسي للبلاد، وتشكيل حكومة تلقى القبول في شرق البلاد وغربها، بينما الموقف الدولي يبدو أقل ترحيباً بتغيير السلطة التنفيذية، رغم بيان التأييد الواضح من الخارجية الروسية، وبقي الموقف الغربي والأميركي متأرجحاً بلا ترحيب واضح، بينما بقي موقف الأمم المتحدة غير واضح.
بينما أهم أهداف أي حكومة رفع المعاناة عن الليبيين، ودعم جهود اللجنة العسكرية المشتركة والعمل على التوافق حول الدستور، والإعداد للانتخابات، خاطب رئيس الحكومة المكلف البرلمان قائلاً إن أولوياته «تحقيق المصالحة الوطنية وصولاً إلى إجراء الانتخابات، وإصلاح المالية العامة، وترشيد الإنفاق الحكومي، وضبط السلاح وتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، وانتهاج مبدأ اللامركزية وتحقيق التنمية المكانية، والتكامل مع السلطات التشريعية والقضائية، واحترام مبدأ الفصل بين السلطات».
لا يكفي فقط أن تسرد الحكومة أهدافها وخطتها، وإن كانت تتضمن أغلب مكامن الأزمة الليبية، فالمشكل الحقيقي يكمن في السؤال عن الآليات والكيفية التي ستنفذ بها الحكومة تلك الأهداف التي لا تخفى على أحد، ولكن حلها بقي مستعصياً لسنوات طوال وعلى رأسها ضبط السلاح وحل الميليشيات وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد منزوعة السلاح، كونها ستشكل خطراً إقليمياً لو خرجت (تلك الميليشيات) بالعتاد والسلاح الذي تسلحت به من قبل جماعات الإسلام السياسي التي استخدمتها لفرض سياسة التمكين في البلاد.
الحكومة الجديدة (حكومة الاستقرار) تواجه تعنتاً من الحكومة المقالة (حكومة الوحدة الوطنية)، حيث أعلن رئيس الأخيرة تعنته ورفضه التسليم للحكومة الجديدة بذريعة أنها ليست حكومة منتخبة، وتناسى أن حكومته أيضاً ليست منتخبة، بل جاء بها اتفاق تنكر له أغلب حضوره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا ولادة حكومة من الخاصرة ليبيا ولادة حكومة من الخاصرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس

GMT 10:21 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يفرض سيطرته على الدوريات الكبرى برقم مميز

GMT 08:40 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الخمس 29 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 08:19 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

تعرفي على 5 طرق مبتكرة للتنظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon