توقيت القاهرة المحلي 18:08:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أزمة دولية في ليبيا

  مصر اليوم -

أزمة دولية في ليبيا

بقلم: د. جبريل العبيدي

الأزمة الليبية منذ 2011 تعاني من التدخلات الخارجية، فالجميع يتدخل لتشكيل وتفصيل كيان سياسي تابع له في ليبيا على مقاس أحلامه ومطامعه فيها، فليبيا ضحية التدخل الخارجي؛ بدءاً بتدخل حلف الأطلسي (الناتو)، وانتهاءً بتنظيم «الإخوان» وأخويه «القاعدة» و«داعش».
لم تكن الأزمة ليبية خالصة؛ بل كانت، ولا تزال، أزمة دولية في ليبيا، فالصراع الأوروبي في ليبيا بين فرنسا وإيطاليا ليس بخافٍ، ولا المناكفة الأميركية لأي تقارب روسي مع ليبيا، فأميركا لا ترى عشرات الآلاف من المرتزقة الذين تنقلهم تركيا إلى أتون الحرب في ليبيا، ولكنها ترى فقط بضع عشرات من الخبراء الروس مع الجيش الليبي بحكم أن الترسانة العسكرية روسية وتحتاج إلى صيانة؛ وهذا أمر طبيعي.
تعاطي الإدارة الأميركية مع الملف الليبي براغماتي؛ تارة تقذفه لأوروبا، وتارة تسلمه لإردوغان يعبث به، إذ لولا ضوء أخضر أميركي لمحه إردوغان لما استطاع جلب 7 فرقاطات عسكرية ومئات الطائرات المسيّرة والمدرعات ونقل 17 ألف مرتزق إلى ليبيا؛ بينهم 3 آلاف داعشي، فالسياسة الخارجية التركية تحاول استعادة المستعمرات القديمة في محاولة «إحياء» ما تدعيه إرثها التاريخي.
أيضاً التدخل القطري - التركي هو للاستحواذ على ليبيا وتحويلها إلى بنك مال لصالح «الإخوان» لتمويل مشروعهم في المنطقة وما جاورها.
الأزمة الليبية والصراع والتدخل الخارجي توقف عند خط سرت - الجفرة، ولعل «مقترح» سرت والجفرة (وسط ليبيا) منطقة منزوعة السلاح بوجود قوات دولية، وفق الولايات المتحدة، قد يؤسس في اعتقادي لانقسام البلاد، كما أن الأطراف لا تزال بعيدة عن أي اتفاق أو توافق، وذلك لانعدام الثقة بين الطرفين من جانب؛ وبسبب الاستقواء بالخارج من جانب آخر.
ورغم التدخلات التركية السافرة عبر ترسانة حربية هائلة، فإن الجيش الوطني الليبي لديه العزيمة أولاً والقوة لردع القوات التركية، إذ هو كمؤسسة شرعية مكلفة من البرلمان الشرعي المنتخب، يملك الحق في الدفاع عن أرضه وحدوده، وليس بالضرورة أن يمتلك القوة المساوية للترسانة التركية، إذ يحق له طلب مؤازرة أشقائه وجيرانه العرب وفق اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وهذا ما طلبه البرلمان الليبي لاستعادة التوازن العسكري مع ترسانة تركيا - الناتو المشتركة.
لقد أصبحت التدخلات الخارجية شرقاً وغرباً سمة المشهد الليبي، فلو جرى إبعاد ليبيا من هذا المستنقع، لو صدقت النوايا الوطنية، فإنه يمكن إبعاد التدخلات الخارجية والجلوس أو العودة للجلوس في غدامس كما كانت البداية.
أدوار دول جوار ليبيا، تقع بين دور حيادي، وآخر غارق في المستنقع الليبي، فالدور الجزائري والمصري وحتى المغربي مثلاً متوازن، ويمكن أن يتبلور عنه حل قابل للحياة والنقاش، على العكس من سياسة المغالبة والاصطفاف التي ينتهجها راشد الغنوشي، مما جعله ينحرف عن الحياد التونسي التاريخي في القضايا الخارجية، حيث مارس سياسة المحاور والتصادم في مخالفة صريحة للدستور التونسي الذي لا يمنحه أي حق في التدخل في السياسة الخارجية.
الجميع لا يمتلك مشروعاً سياسياً يخرج ليبيا لبر الأمان، كما أن البرلمان الليبي متعثر بسبب الأعضاء؛ بين متغيب ومقاطع وخامل، مع وجود قلة وطنية تجتمع من حين إلى آخر، وأيضاً محاولة البعض الفاشلة تشكيل برلمان موازٍ في طرابلس رغم بقاء الأمم المتحدة والدول الكبرى على اعترافها بالمستشار عقيلة صالح رئيساً للبرلمان.
أيضا جماعة «الإخوان» الليبية ذات انتماء دولي ولا تقبل بالدولة الوطنية القومية، ولذلك فهي تمارس الإقصاء لمعارضيها بمجرد الوصول إلى السلطة، وتتحالف في الخفاء مع الجماعات الإرهابية؛ ومنها «داعش» و«القاعدة»، لتحقيق مكاسب سياسية، ولا ننسى محاولاتها المتكررة لإحداث كيانات موازية للجيش؛ مثل ميليشيات «الدروع» في السابق، وحالياً «مشروع الحرس الوطني»، وهي في الواقع ميليشيات إخوانية موازية، هو ما أفقدها شعبيتها في ليبيا.
كل ما سبق ليس العقبة الوحيدة أمام الشعب الليبي، فمافيا الفساد المتحالفة مع الميليشيات الإجرامية ومرتزقة السياسة النفعية والنعرات الجهوية والمحاصصات القبلية والمناطقية، يعدّون جميعاً عقبات أمام فرص الحل في المشهد الليبي.
فهل بعد وضوح الصراع الأوروبي (الإيطالي - الفرنسي) والتدخل والابتزاز الروسي - التركي واستخدامهما ليبيا ورقة ابتزاز في سوريا وصراعات أخرى... هل لا يزال هناك من يرى ويقرأ الأزمة في ليبيا على أنها أزمة ليبية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة دولية في ليبيا أزمة دولية في ليبيا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 14:12 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
  مصر اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon