بقلم: د. جبريل العبيدي
السيد إردوغان، وفي حالة استفزازية، طالب جنود بلاده بتحقيق «ملاحم» في ليبيا، باستلهام «بطولات» القرصان خير الدين بربروس المسمى أمير البحارة العثمانيين.
إردوغان الذي يهرب من أزماته الداخلية بالتدخل في ليبيا، وفي مشهدية تصويت هزلية صورية مضمونة النتائج مسبقاً، انتظر موافقة برلمان بلاده لشرعنة غزو ليبيا، بينما تجاهل إردوغان البرلمان الليبي الذي لم يقر أصلاً «حكومة الوفاق» التي أبرم معها إردوغان اتفاقاً معيباً ومخالفاً حتى لبنود ونصوص «اتفاق الصخيرات» الذي أنتج «حكومة الوفاق»، فبرلمان تركيا ذو اللون الإخواني، غالبية أعضائه من حزب «العدالة والتنمية»، الواجهة السياسية لتنظيم «الإخوان».
مقامرة إردوغان لغزو ليبيا تم التخطيط لها، من خلال إبرام اتفاق إردوغان وتابعه السراج، الذي كان محاولة لشرعنة إردوغانية، ولاستنساخ حصان طروادة جديد لاحتلال ليبيا وابتلاع ثرواتها، بمساعدة حفنة من العملاء، الذين سيسقطون كما تتساقط أوراق الخريف أمام تحرير الجيش الليبي.
السلطة الشرعية الليبية (مجلس النواب الليبي) التي تجاهلها إردوغان وتابعه السراج، رفضت الاتفاق، واعتبرته احتلالاً تركياً لأراضي ليبيا، بينما لجنة الخارجية بمجلس النواب الليبي اعتبرت ما قام به السراج «يرقى إلى تهم الخيانة العظمى، بتحالفه مع النظام التركي».
إردوغان يدعم «حكومة الوفاق» بزعم وحجة أنها المعترَف بها دولياً من الأمم المتحدة، إذن وبالقياس ذاته: لماذا لا يدعم إردوغان الحكومة السورية المعترَف بها من الأمم المتحدة، وفق ما يقوله عن حكومة السراج مثلاً؟! أم أنه الكيل بمكيالين عند قرصان البحر المتوسط؟!
إنها مغامرة ومقامرة إردوغان بالتدخل في ليبيا، واستخدام الدولة التركية، وتعريض جنودها للخطر والموت في ليبيا من أجل نصرة تنظيم «الإخوان»، فليبيا ليست في حالة حرب مع تركيا، ولا هي في حالة نزاع حدودي، ولا هي تشكل خطراً على الأمن القومي التركي، إذن لماذا الزجّ بالدولة التركية في حرب خاسرة بليبيا من أجل تنظيم مفلس؟!
وهمُ إردوغان بعودة العثمانية، عبر مشروع إردوغان الوهمي لابتلاع المتوسط، الذي أطلق عليه «الوطن الأزرق»، يُعتبر أكبر عملية تزوير وتلاعب بالجغرافيا عرفها التاريخ، وهي المحرك الرئيسي لأفعال إردوغان ومطامعه الحمقاء، التي وجدت في أتباع البنا وقطب، مطية مناسبة له لتحقيق حلمه بالخلافة المزعومة.
مغامرة ردوغان في ليبيا تستمر في ظل صمت دولي مريب، رغم التحذير الخجول لترمب، كما أعلن البيت الأبيض، بأن «الرئيس الأميركي دونالد ترمب حذر الرئيس التركي إردوغان من التدخل العسكري في ليبيا، وأن التدخل الأجنبي في ليبيا سيؤزّم الأوضاع»، بينما نائب رئيس لجنة الدوما الروسي للشؤون الخارجية، ديمتري نوفيكوف، قال إن «التدخل العسكري التركي في ليبيا سيزيد من تأزم الأوضاع، وسينعكس سلباً على الشعب الليبي».
الأميركان والإنجليز عرّابو تنظيم الإخوان في حالة صمت عجيب أمام عبث إردوغان والتهديد بإرسال قوات إلى طرابلس، وكأنهما في حلف إردوغان، ولو بالصمت والإشارة، لفرض تسوية بمقاس أميركي إنجليزي. إردوغان سيحارب في ليبيا بالمرتزقة الأجانب، بقيادة حامية تركية سيرسلها إلى طرابلس؛ بوصول عدد كبير من المقاتلين السوريين إلى ليبيا، عن طريق رحلات جوية غير مسجّلة، وقد هبوطت 4 طائرات تحمل مقاتلين سوريين وأجانب موالين لتركيا في مطار معيتيقة، وفق مصادر متعددة، ومنها إذاعة «إر إف إي» الفرنسية.
إردوغان يرسم معالم نهايته بسعيه إلى تدمير اقتصاد بلده.