توقيت القاهرة المحلي 02:20:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إعلان بوتفليقة... ما وراءه؟

  مصر اليوم -

إعلان بوتفليقة ما وراءه

بقلم - د. جبريل العبيدي

إعلان بوتفليقة عدم ترشحه لولاية خامسة، وتأجيل الانتخابات، لا أنظر إليه على أنه تمديد لولايته الرابعة بطريقة مراوغة، كما يفسره البعض، ولا أنظر إليه على أنه انحناءة أمام العاصفة، بل أراه من خلال تاريخ الرجل الوطني، فبوتفليقة كان تاريخه وطنياً بامتياز، ولهذا من المنصف أن ننظر للأمر من خلال تاريخ الرجل، لا من خلال منافسيه، الذين تزعمهم علي بن فليس بالقول: «الخطوات التي اتخذها الرئيس بوتفليقة بتأجيل الانتخابات هي (قرار غير دستوري)، وتهدف إلى تمديد بقائه في الحكم». في حين يعارضه البعض بالقول إن قرار تأجيل الانتخابات يستند إلى المادة 107 من الدستور الجزائري.
البعض ممن يفضلون اشتعال النيران في الجزائر، يقرأ ما حدث على أنه مناورة سياسية، وتمديد لولاية منتهية، ومخادعة كبيرة، ونوع من «الالتفاف» على مطالب الشعب، وفرض لشرعية الأمر الواقع، قد لا يكون بوتفليقة أحد أطرافها لغياب الرجل من المشهد بسبب وضعه الصحي، وتحكم أركان النظام بجميع دقائق الأمور، لكن لو صدقنا فرضية ذلك، فالمشهد السياسي والحكمة والمصلحة الوطنية التي تسبق القوانين والدستور، تتطلب مخرجاً من الأزمة، وأعتقد أن ما أعلنه الرئيس بوتفليقة، يحقق الكثير من مطالب الشعب، الذي خرج رافضاً الولاية الخامسة، ولكن يبدو أن جماعات الإسلام السياسي تقرع طبول الفوضى وتأجيج الوضع.
المظاهرات التي عمت عموم البلاد الجزائرية، وحملت شعار «dégage – ارحل»، وآخر «ترحلو يعني ترحلو»، التي كانت وراء اتخاذ الرئيس بوتفليقة قراره بعدم الترشح، كانت محل إطراء وإعجاب من كثيرين لسلميتها، وعدم انجرارها نحو العنف، لدرجة الإشادة بها من الرئيس بوتفليقة نفسه قائلاً: «شاهدنا خروج عدد من مواطنينا ومواطناتنا في مختلف ربوع الوطن، للتعبير عن آرائهم بطرق سلمية، ووجدنا في ذلك ما يدعو إلى الارتياح، لنضج مواطنينا، بمن فيهم شبابنا».
قد تكون الحنكة السياسية للسياسي المخضرم بوتفليقة، جعلته يسعى إلى استخدام سياسة الاحتواء والاستفادة من دروس سابقة لا تزال شعوبها تدفع ثمن تعنت حكامها، ورفضهم القبول بالتغيير. صحيح أن الرئيس بوتفليقة فيما أعلنه، أو أعلن نيابة عنه، قدم أوراقه للترشح، في حين أوضح أنه لم يكن في نيته الترشح، في تناقض صريح، وإرباك في مؤسسة الرئاسة.
وكان بوتفليقة طالب بالترشح والبقاء عاماً واحداً يتعهد فيه بعدم الترشح مرة أخرى، ثم سرعان ما تغير سيناريو مؤسسة الرئاسة بإعلان تأجيل الانتخابات، الذي هو بقراءة أخرى تمديد لولايته الرابعة، وبذلك قسم الشارع صفين، بين من سيرضى بتمديد الولاية الرابعة، وهي أهون الشرّين، وبين من سيرفضها، وقد صرح بعض القيادات الرافضة بذلك، ولكن هذا لم يخرج بوتفليقة بخفي حنين، بل قد كسب بعض الوقت لترتيب الأوراق والبيت الداخلي.
ما حدث هو إعادة لصياغة النص، وليس تغييراً في موقف الرئاسة، فبدلاً من ولاية خامسة، مرفوضة بالمطلق، تم الإعلان عن عدم الترشح للخامسة، بمقابل تمديد الرابعة، بحجة تأجيل الانتخابات، وهو بذلك «فسر الماء بعد الجهد بالماء»، في سابقة لا مثيل لها.
لا أحد يحب للجزائر أن تنزلق إلى الفوضى، فالجزائر البلد العربي الكبير، الذي قدم مليون شهيد ضد الاستدمار الفرنسي، وعانى تجربة مريرة مع عنف الجماعات الإرهابية، التي قتلت أكثر من 200 ألف مواطن جزائري بدم بارد في تسعينات القرن الماضي، وكان عبد العزيز بوتفليقة المرفوض اليوم أحد معالجيها وصناع استقرارها، لا يمكن أن ينزلق نحو العنف مجدداً في ظل أمثلة عربية يراها أمامه عصفت بها الفوضى.
وأخيراً، فإن اختيار الأخضر الإبراهيمي وجميلة بوحريد لقيادة الحوار الوطني تعتبر خطوة جادة، وتعبر عن جدية بوتفليقة في خريطة الطريق التي أعلن عنها، على الرغم من اتهام بوتفليقة بتمديد الولاية الرابعة من لدنه.

نقلا عن الشرق الأوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعلان بوتفليقة ما وراءه إعلان بوتفليقة ما وراءه



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon