توقيت القاهرة المحلي 20:12:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استقرار تونس باستقرار ليبيا

  مصر اليوم -

استقرار تونس باستقرار ليبيا

بقلم: جبريل العبيدي

الترابط بين ليبيا وتونس ليس وليد اليوم، بل هو ترابط تاريخي، ولهذا فإن اضطراب ليبيا وعدم استقرارها أثر في الوضع الاقتصادي وحتى السياسي في تونس، فالبلدان تربطهما حدود طولها 460 كيلومتراً، تشكل عاملاً جغرافياً مهماً في التنقل والتبادل الاقتصادي، وشاهداً على حركة التنقل والهجرة عبر التاريخ بين البلدين، قبل أن تقيدها كتيبات السفر المسماة «جوازات السفر»، والحدود والجمارك.
ارتباط ليبيا وتونس تجاوز اللهجة المشتركة، وخصوصاً لغرب ليبيا، والعادات المتشابهة بنكهة المطبخ الموحد بأكلات شعبية من أشهى وأطيب المأكولات، يتصدرها «طبق الكسكسي» الضارب في تاريخي البلدين اللذين جمعهما تاريخ وطني مشترك زمن كفاح المستعمر، رغم اختلافه في البلدين بين فرنسي في تونس، وإيطالي في ليبيا.
ارتباط وتقارب ليبيا وتونس يعود لزمن الإمبراطورية القرطاجية، إلى الفتح الإسلامي ومروراً بحقبة الاستعمار العثماني، إلى عهد القذافي وبورقيبة اللذين أعلنا وحدة بين البلدين وإن كانت الأقصر عبر التاريخ (48 ساعة) ولم تدم طويلاً، إلا أن حالة الارتباط الاقتصادي بين البلدين حافظت على وضعها حتى في لحظات التوتر بين القذافي وبورقيبة، رغم كونهما ليبيين، فالرئيس بورقيبة من أصول ليبية، وكذلك هناك ليبيون آخرون من أصول تونسية كون البلدين قبل استقلالهما لم تكن هناك حدود تمنع التنقل والهجرة بينهما؛ بسبب علاقات المصاهرة والقرابة.
حتى الحالة السياسية في البلدين لا تختلف، سوى أن ليبيا تعرضت لعملية إسقاط دولة وإنهاك جيش وليس فقط إسقاط نظام؛ مما تسبب في بروز ميليشيات مسلحة، بينما في تونس سقط النظام فقط من دون أن تسقط الدولة.
لذا، لا يمكن أن يحدث استقرار سياسي أو اقتصادي في تونس، ما دام الوضعان السياسي والأمني في ليبيا يواجهان عديداً من المشكلات، حتى درجة الانسداد السياسي، صحيح أن تونس الباجي قائد السبسي، مارست سياسة النأي بالنفس عما يحدث في ليبيا من دون المشاركة بشكل فعال في حل الأزمة، في مقابل تدخل سافر على النقيض قامت به حكومة «النهضة» بالاصطفاف بجانب حكومة الميليشيات والإسلام السياسي ضد الجيش الوطني الليبي، مما انعكس سلباً على الحالة الاقتصادية في تونس، والسبب تجاهل حكومة «النهضة»، في وقتها، معالجة الأزمة في ليبيا من باب المصالحة والتقارب بين الأطراف، ولكن ما حدث كان العكس تماماً، حيث تدخل عراب «النهضة» وزعيمها راشد الغنوشي لصالح أقرانه من الإسلام السياسي في ليبيا، بل وتطاله اليوم هو ورئيس حكومته السابق اتهامات بنقل الشباب التونسيين ذكوراً وإناثاً، والتغرير بهم ودفعهم للقتال في ليبيا وسوريا باسم الدين وتحت شعار «الجهاد والنكاح»، عبر خطباء محسوبين على حركة «النهضة».
الحسابات الخاطئة لحكومة «النهضة» طيلة العشرية السوداء في ليبيا وتونس، حيث حكم أنصار الإخوان في كلا البلدين، تسببت في ضياع الاستقرار في ليبيا وتونس معاً.
ولعلَّ التكامل الاقتصادي بين ليبيا وتونس يبدأ من كونهما «بوابة أفريقيا»، بما يمثل إحدى أهم مراحل الخطوات الجادة نحو تعزيز العلاقات وترجمتها بشكل اقتصادي وصناعي بين البلدين اللذين يشكلان بوابة أفريقيا على الاتحاد الأوروبي.
الدبلوماسية التونسية كانت دائماً تستوعب الغضب الليبي، منذ زمن القذافي وشطحاته و«أحداث قفصة» والسجال بين بورقيبة والقذافي، إلى السجال الأخير والمفتعل من قبل الإسلام السياسي، مما دفع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، في سابقة لرئيس حكومة، للرد على تصريحات صحيفة تونسية وُصفت بـ«المستفزة»، ذكرت أن ليبيا «مأوى للإرهابيين»، فجاء رد الدبيبة متجاوزاً الدبلوماسية، حيث قال: «إن تونس هي التي جاء منها الإرهابيون إلى ليبيا خلال السنوات الماضية، وإنها بلد الإرهاب».
ولكن الحقيقة أن ليبيا وتونس كانتا ضحية للإسلام السياسي الذي استخدم العنف للتمكين في السلطة، فنقل الإرهابيين والسلاح بين البلدين؛ مما تسبب في مآسٍ للطرفين طيلة العشرية السوداء المشتركة بين ليبيا وتونس، استطاعت ليبيا وتونس اليوم تجاوزها.
على الرغم من سحابات الصيف العابرة في العلاقات الليبية التونسية، فإن الروابط التاريخية والجغرافية والشعبية المتجذرة بين البلدين، أكثر متانة وصلابة، وجعلت من الأمن القومي والاقتصادي مشتركاً مهماً بينهما، ولهذا فلا يمكن أن يتحقق أي نوع من الاستقرار في البلدين بمعزل عن البلد الآخر، وكذلك الحال في النهضتين الاقتصادية والصناعية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استقرار تونس باستقرار ليبيا استقرار تونس باستقرار ليبيا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon