توقيت القاهرة المحلي 19:21:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا حلبة صراع بين «إيني» و«توتال»

  مصر اليوم -

ليبيا حلبة صراع بين «إيني» و«توتال»

بقلم - د. جبريل العبيدي

ليبيا التي كانت من ضمن ضحايا الاستعمار بين إيطاليا وفرنسا في القرن الماضي، تواجه اليوم تداعيات صراع النفوذ الحالي بين قصري كيجي والإليزيه، ومكان هذا الصراع في الصحراء الليبية، صراع سماسرة النفط والغاز، ليتجدد بذلك تاريخ الصراع بين موسوليني وبيير لافال، تحت ظلال كتب شارل ديغول من حد السيف (Le fil de l›épée) إلى فرنسا وجيشها La France et son armée.

جذور الصراع الإيطالي الفرنسي على ليبيا، عميقة وليست سطحية وتمتد إلى زمن الصراع على شريط أوزو الليبي الغني باليورانيوم مع الحدود التشادية، في خمسينات القرن الماضي، وأدت إلى الحرب الليبية التشادية المعروفة التي تقاسمت ليبيا فيها النفوذ مع فرنسا في تشاد، فقد كان ما فوق خط 16 لليبيا وما تحته لفرنسا. وأدى هذا إلى خروج إيطاليا من المعادلة على الرغم من أن هناك معاهدة قديمة بين إيطاليا في عهد موسوليني وفرنسا (في عهد رئيس وزرائها بيير لافال)، عُرفت بمعاهدة موسوليني - لافال، حول شريط أوزو.

الصراع الإيطالي الفرنسي في ليبيا، ظهر للعلن ولم يعد خفياً ولعل منع الجنود الإيطاليين من إنشاء قاعدة في النيجر البلد المجاور لجنوب ليبيا، ومنعهم من الوجود في تونس المستعمرة الفرنسية السابقة اعتبرته إيطاليا محاصرة وتقليصاً لنفوذها في ليبيا، وقد حاولت إيطاليا أيضا إقامة قاعدة عسكرية في الجنوب الليبي بحجة المساهمة في كبح الهجرة من أفريقيا إلا أن ذلك قوبل بالرفض الشعبي، وإن كان السفير الإيطالي لدى ليبيا، جوزيبي بيروني، قد نفى الأمر واعتبره شائعات، رغم أن موقع «ماسجيرو» الإيطالي، ذكر أن «وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني عقد اتفاقا مع حكومة (الوفاق) بإقامة قاعدة عسكرية إيطالية في غات جنوب ليبيا»، النفي الإيطالي المتكرر يأتي رغم وجود قوات إيطالية على الأرض في ليبيا بذريعة حماية مستشفى في مدينة مصراتة، رغم أن عدد القوات يفوق عدد حراسة أو توفير حماية لمستشفى.

التدخل الإيطالي السافر في ليبيا الذي تعده الأعراف الدبلوماسية، سواء بالتصريحات الفاشية التي يطلقها وزراء روما، أو بما تفعله القوات الإيطالية من انتهاك صريح للمياه والأراضي الليبية، كان سبباً في إفساد محاولتي تقارب جرتا بين الفرقاء الليبيين إحداها في قصر لاسيل سانت كلود غرب باريس العام الماضي، والأخرى في قصر الإليزيه العام الحالي، جمعت المشير خليفة حفتر قائد الجيش وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، حيث حرضت إيطاليا الأطراف التي لا تزال تحن للمستعمر الإيطالي، لإفساد تفاهمات باريس للمرة الثانية، الذين هم أخلاف لأسلاف كانوا عملاء للمستعمر وجنوداً بين جنودها، في حين كان عمر المختار ورجاله الشرفاء يقارعون الطليان الفاشيست، فالتاريخ يعيد نفسه.

حقيقة الصراع بين إيطاليا وفرنسا، كانت لها تداعيات على أي محاولة للتقارب بين الفرقاء الليبيين، وكان الخلاف بينهما حاضراً أكثر من الاتفاق أو حتى التوافق، فقد أشارت صحيفة «لاستامبا» الإيطالية إلى أن مباراة حامية تجري بين روما وباريس في ليبيا، خاصة بعد التصريح المستفز لوزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا، الذي نشرته صحيفة «جورنال» الإيطالية، قالت فيه إن «ليبيا من أملاكنا» مما يؤكد هيمنة منطق اليمين المتطرف الإيطالي بزعامة ماتيو سالفيني، زعيم حزب اليمين المتطرف، الذي يستمد قوته من العقلية الفاشية، التي كانت سائدة في عهد المستعمر بينيتو أندريا موسوليني حليف هتلر وفرانكو، في ظل تأخر الاشتراكيين في التشكيلة الحكومية الإيطالية الحالية.

رغم احتدام الصراع ومرحلة كسر العظم بين الأطراف الخارجية وتكاثر الأكلة حول القصعة الليبية، فإن ليبيا لن تدار من غرف قصر كيجي ولا قصر الإليزيه، وحتى الديوان الإخواني في قطر بواجهته نظام الحمدين أو غيره، فليبيا لن تكون حلبة صراع الشركات النفطية، سواء لإيني الإيطالية أو توتال الفرنسية، ولا قطر بترويليام، رغم ضخ أموالهم الفاسدة في أتون حرب أهلية في ليبيا على منابع وآبار وموانئ تصدير النفط، لتمكين نظام الإخوان العالمي من السيطرة على منابع نفط ليبيا وغازها، إلا أن التاريخ أثبت أن ليبيا صخرة تحطم عليها كثير من المستعمرين والغزاة والمتصارعين، والقائمة طويلة للتكثير ولعل آخرها إرفين رومل وبرنارد مونتغمري.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا حلبة صراع بين «إيني» و«توتال» ليبيا حلبة صراع بين «إيني» و«توتال»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon