توقيت القاهرة المحلي 00:03:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

  مصر اليوم -

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»

بقلم - جبريل العبيدي

سيبقى «منبر جدة» الفرصة الحقيقية لإنتاج حل واقعي للأزمة السودانية، خصوصاً أن المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال سياستها قائمة على تحقيق الوفاق والسلام بين الطرفين، والعودة إلى طاولة الحوار، رغم الصدام والحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، والمطالبة بفناء أحد الطرفين، وفق ما قال البرهان، قائد الجيش.

العودة إلى «منبر جدة» حاجة ضرورية لطي ملف الحرب المستمرة منذ أكثر عام، لأنه لا يوجد حتى الآن أي طاولة تتسع للطرفين المتنازعين سواه، خصوصاً بعد إغلاق قائد الجيش السوداني بوابة الحل الأفريقي كردة فعل على تجميد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان، وذلك بعد قرار البرهان حل مجلسَي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ؛ الأمر الذي عدّه الاتحاد الأفريقي انقلاباً على السلطة المدنية المتوافَق عليها من القوى السياسية.

فرص العودة إلى «منبر جدة» لا تزال قائمة وواقعية وقابلة للحل رغم خيبة الأمل في تنفيذها من المتحاربين، لا سيما أن المنبر ترعاه السعودية والولايات المتحدة؛ فـ«منبر جدة» تناول جوانب الأزمة بشكل شامل، وناقش جميع التفاصيل وآليات الحل؛ إذ نصّ «إعلان جدة» على 7 بنود، أهمها: «الالتزام بحماية المدنيين كشرط أساسي، والتزام الجانبين بسيادة السودان ووحدته، والامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية، وإجلاء الجرحى والمرضى من دون تمييز».

العودة إلى «منبر جدة» دعوة جدية لإنهاء الصراع المسلَّح في السودان، من خلال الجلوس إلى طاولة الحوار لحل أزمة الاقتتال بالتفاوض لا بالسلاح، خصوصاً في ظل رسائل إيجابية عن القبول بـ«إعلان جدة» السابق يطلقها الطرفان، وليس آخرها تصريح البرهان من أم درمان بالقول: «نحن ملتزمون بـ(منبر جدة)»، وطالب «قوات الدعم السريع» بتنفيذ التزاماتها.

ولكن فرص النجاح ستبقى رهينة بالتزام الطرفين تنفيذ التزاماتهما بما جاء في «إعلان جدة» الذي تم التوقيع عليه في 11 مايو (أيار) الماضي، لأنه لم يتم أي التزام يُذكر، ولم تتوقف حالة الاستقطاب والانقسام بين الفرقاء السودانيين، حيث اصطفت قوى مدنية وسياسية إلى طرفَي الصراع، مما يهدد بإطالة عمر الصراع، والابتعاد عن «إعلان جدة».

وبعد مرور عام كامل من دون أن يحقق أي من الطرفين نصراً حقيقياً يؤشر لتفوق طرف على الآخر، لا بد من العودة إلى الحوار، خصوصاً أنه عند بداية الحرب كانت التصريحات بأن إنهاء «تمرد (قوات الدعم السريع)» لن يستغرق أسابيع، وإذا بنا أمام العام الأول و«قوات الدعم السريع» لا تزال تسيطر على مراكز قوى وسط الخرطوم وخارجها؛ الأمر الذي يجعل الحل يكمن في التفاوض.

يُذكر أن الطرفين كانا إلى الأمس القريب طرفاً واحداً، كما أن «قوات الدعم السريع» العسكرية وبقرار جمهوري هي قوات نظامية تابعة للجيش السوداني، وأغلب قادتها هم ضباط منتدَبون من الجيش؛ فكيف توصف بـ«الميليشيا»، وهي قوى نظامية؟!

ولذلك فإن توصيف قوى «الدعم السريع» بـ«الميليشيا» وشيطنتها يُعد توصيفاً غير منصف، ولا يخدم حل الأزمة، وهي قوات من الجيش ومن أبناء القبائل وتلقى الدعم المجتمعي وليست «مرتزقة» خارجية جاءت إلى السودان.

الحل في السودان أصبح واضحاً بعد مرور عام على الحرب من دون أي حسم فيها؛ هو بالتفاوض والحوار، ولهذا يُعدّ «منبر جدة» أكثر وأهم منبر يمكن أن يُنتِج حلاً للأزمة السودانية بعيداً عن التجاذبات والاصطفافات الإقليمية حول الطرفين؛ الأمر الذي لا تنتهجه المملكة العربية السعودية في سياساتها، وتُعدّ ميزان توازن وعدل بين الطرفين المتحاربين، مما يؤهلها لقيادة حل ناجع يمكن أن ينهي الحرب الضروس التي أفقرت وأجاعت الشعب السوداني أكثر مما هو فقير وجائع.

وأفادت تقارير عن الحرب الدائرة في السودان أكَّدها وزير الخارجية الأميركي بأن هناك جرائم حرب ارتكبها الطرفان، إضافة إلى عرقلة وصول المساعدات، ومن المتوقَّع وفاة 250 ألف طفل سوداني خلال شهر من الجوع، رغم امتلاك السودان الماء الوفير والأرض الخصبة التي تمكِّنه من توفير سلة الغذاء للعالم كله، وليس فقط للسودان الجائع اليوم بسبب تحارب إخوة السلاح، بسبب التركة الإخوانية.

الحل في السودان يكمن في إيقاف التصعيد، والتراضي بين جميع الأطراف، والعودة إلى المفاوضات حول المرحلة الانتقالية الآمنة. فتركة نظام البشير «الإخواني» ستبقى عائقاً حقيقياً أمام التغيير وانتقال السودان إلى مرحلة السلام، ما لم تتم معالجتها وتنقية قيادات الجيش السوداني من الضباط الموالين لتنظيم «الإخوان» الذين تسللوا إليه منذ زمن البشير؛ فتنظيم «الإخوان» الذي كان دائماً ذراعاً للسلطة ومتنفذاً في أجهزتها، هو مَن سيكون عائقاً مهماً أمام أي تغيير جديد في السودان.

الحل لا بد أن ينتج عن حوار سوداني - سوداني، والعودة إلى «منبر جدة» الفرصة الوحيدة الناجعة التي تجمع الطرفين المتحاربين لإنتاج حل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة» لا حل في السودان إلا بالعودة إلى «منبر جدة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon