بقلم: جبريل العبيدي
الساحة الأفغانية وما جاورها قد تصبح ساحة مفتوحة للحرب بين «طالبان» و«داعش خراسان»، التنظيم الدموي، فـ«داعش» استخدام مسميات للدول والمناطق تعود للتاريخ القديم، خصوصاً التي تعود للعهد الإسلامي، مثل ولاية الشام وولاية بغداد وولاية برقة وغيرها، لكي يلعب بعواطف مناصريه، ولهذا السبب نجده اختار مسمى ولاية خراسان للتنظيم في أفغانستان وما جاورها، في محاولة لاستدعاء وتوظيف التاريخ والجغرافيا، خصوصاً أن إقليم «خراسان» يشمل من الناحية التاريخية شمال غربي أفغانستان وجنوب تركمانستان، إضافةً لمقاطعة خراسان الحالية في إيران، مما يعنى أن «داعش» يخطط لاستخدام هذه الدول منطلقاً لعملياته وقاعدة له في المنطقة، فـ«داعش» لا يستخدم المسميات لمجرد الإعجاب بلفظها.
تنظيم «داعش» فرع ولاية خراسان أعلن مسؤوليته عن تفجيرات مطار كابل الدامية، والذي ظهر لأول مرة في شرق أفغانستان أواخر عام 2014 وقاتل «الحكومة الأفغانية السابقة»، وحتى حركة «طالبان» التي وصفها التنظيم بالكافرة، فهو ينظر إلى «طالبان» على أنها مرتدة عن نهج «الخلافة».
الواقع أنَّ تنظيم «داعش خراسان» أكثر دموية من غيره، فقد سبق أن ذبح أطفالاً رضعاً حديثي الولادة في مستشفى تديره منظمة «أطباء بلا حدود».
ورغم أن أميركا استخدمت «أم القنابل»، وهي أضخم قنبلة تقليدية غير نووية على كهوف لتنظيم «داعش ولاية خراسان» فإن التنظيم ظهر مجدداً وضرب مطار كابل المحصن بالجيش الأميركي حيث تسلل انتحاري بين الحشود البشرية في مطار كابل، حتى وصل إلى مسافة تقترب من خمسة أمتار من الجنود الأميركان ليوقع بينهم ضحايا كغيرهم من الأفغان بين قتيل وجريح، في أضخم تفجير يقوم به «داعش» في مكان «يُفترض» أنه محصن عسكرياً، مما أسفر عن مقتل 72 شخصاً، من بينهم 13 جندياً أميركياً، مما تسبب في حرج وانتقاد كبير في الداخل الأميركي للرئيس بايدن بسبب الانسحاب المفاجئ من دون خطة واضحة حتى لتأمين الرعايا الأميركيين، وسارع بايدن بنفي أي تواطؤ لـ«طالبان» مع «داعش» في الهجوم.
وبمجرد حدوث التفجير الدامي سارعت «وكالة أعماق» الراعي الرسمي لأخبار «داعش»، بإعلان اسم المفجر «اللوغاري»، مؤكدة أن «مقاتلها استطاع التغلب على جميع التحصينات الأمنية، حيث وصل إلى مسافة لا تزيد على خمسة أمتار من القوات الأميركية».
عودة تنظيم «داعش خراسان» والذي يضم أفغاناً كانوا ينتمون لـ«طالبان» وانشقوا عنها وبايعوا البغدادي قبل مقتله، وآخرين من قبائل ألأوزبك، تعد خطيرة جداً، خصوصاً أن «طالبان» الجديدة لم تستطيع حتى الآن ملء الفراغ الأمني والعسكري الذي سبّبه الانسحاب المفاجئ للقوات الأميركية.
يبدو أن الانسحاب الأميركي المفاجئ قد مكَّن تنظيم «داعش ولاية خراسان» من الحصول على موطئ قدم في أفغانستان، وقد يكون هذا منطلقاً لهجمات إرهابية متطرفة كبيرة مستقبلاً، تستهدف الداخل والخارج الأفغاني، خصوصاً أن التنظيم عابر للحدود، مستفيداً من الحروب والقتال الداخلي.
فالحرب على أفغانستان كانت إحدى الحروب الفاشلة التي خاضتها أميركا في المنطقة قبل العراق وليبيا، والتي جميعها أصبحت دولاً فاشلة ومنهارة، بعد التدخل الذي كان شعاره الرئيسي نشر الديمقراطية، بينما في الواقع أصبحت هذه الدول أكثر فوضى وبلاءً مما كانت عليه، مما يؤكد الخطأ الاستراتيجي في التدخل من دون خطة والانسحاب من دون خطة كما حدث في الحالات الثلاث.
ظهور هذا التنظيم الشرير «داعش» الخراساني، وما فعله في مطار كابل ينذر بشرٍّ مستطير ينطلق من الساحة الأفغانية.