توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفاجأة انتخابات تونس

  مصر اليوم -

مفاجأة انتخابات تونس

بقلم: د. جبريل العبيدي

الانتخابات التونسية أظهرت مفاجأة أذهلت الكثيرين، وجود مرشحين «من خارج المنظومة»، وصفتها الصحافة التونسية بالزلزال، حيث انهزم فيها تيار الإسلام السياسي وتقهقر، ممثلاً في هزيمة عبد الفتاح مورو والجبالي وحتى المرزوقي ثالثهم المتقاطع معهم في المصالح، وجميعهم حصل على نسب متدنية مخجلة، أظهرت ضعف شعبيتهم، رغم دفع منظومة الإخوان مناصريها للتصويت لهم، وتقدم من هو ليس بالحزبي ولا الفئوي ولا ينتمي إلى جماعة، ولا الذي هو قام بحملة انتخابية ضخمة، إنه الحقوقي قيس سعيد، عربية فصحى يتكلمها الأكاديمي الذي فضل المشي في شوارع وأزقة ودكاكين ومقاهي تونس ليلتقي شعبها يحدثهم ويحدثونه، وجهاً لوجه، وقاطع الظهور الإعلامي والتلفزيوني، بل ورفض حتى ما قدمته الحكومة من دعم لجميع المرشحين للدعاية الانتخابية، التي لم تكن جُل همه، وبرز فيها أيضاً الإعلامي نبيل القروي، الذي خاض الجولة الأولى خلف القضبان.

الناخب التونسي فضَّل أن يعطي صوته لمن رأى أنهم بعيدون عن السلطة الحاكمة، وحتى التي كانت حاكمة، فهو صوّت بشكل عقابي لجميع من كانوا أو ما زالوا في السلطة كيوسف الشاهد والمرزوقي هو الآخر، بل إنه عاقب حتى أنصار النظام السابق مثل عبير موسى، (فمن ينتخب المسؤولين الفاسدين، هم المواطنون الصالحون الذين لا يدلون بأصواتهم)، ولهذا خاض الشعب التونسي الانتخابات بنسبة لا بأس بها تجاوزت 45 في المائة من إجمالي الناخبين.

وإن كانت قد ظهرت أصوات تغمز بوجود تقارب بين قيس سعيد وحركة النهضة، وأنها ترى فيه الآن عصفورها النادر، بل وأنه كان على قائمة اختياراتها، ولكن هذا الأمر لا يمكن أخذه مأخذ الجد لأنه مبني على تقاطع أفكار عامة كان ينادي بها قيس سعيد قبل ترشحه، من بينها رفضه للمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة ورفضه للمثليين، الأمر الذي قبل به عبد الفتاح مورو، بينما رفضه قيس سعيد، جُل هذه الأفكار والرؤى ليست حكراً على جماعة أو حركة النهضة، فكثير من التونسيين كان يعبر عنها ومنهم قيس سعيد، وبالتالي لا يمكن قراءتها على أنها حالة تقارب مع حركة النهضة.

افتقار قيس سعيد لأي مشروع واضح، وكذلك لكتلة برلمانية لكونه لا ينتمي لأي حزب، سيجعل من فوزه برئاسة تونس، أشبه بالمغامرة بالرئيس المعزول، بسبب العجز أمام البرلمان، وخاصة أن صلاحيات الرئيس محدودة أمام سلطة البرلمان، ما لم يحدث قيس سعيد أي تحالفات مع القوى الوطنية الوسطية، أو أنه سيصبح العصفور النادر للنهضة، أو البقاء معزولاً في قصر قرطاج إن كتب له النجاح في الجولة الثانية، وجميعها فرضيات تحمل المفاجأة.

من بين أسباب خسارة النهضة هو الانقسام داخل الحركة ذات التوجهات الإخوانية، والذي عبر عنه القيادي في الحزب، رفيق عبد السلام، بالقول إن «اختيار مرشح داخل النهضة خيار خاطئ ولا يستجيب لمقتضيات المرحلة» في ظل إصرار مرشح النهضة على التأكيد على مرجعية الحركة الإخوانية بالقول إن «حركة النهضة لن تغيّر جلدها، وهي باقية على مرجعيتها» الأمر الذي يفهم على أنه استمرار في نهج التبعية لجماعة الإخوان ومنهجها.

يعتري كل من التحول الديمقراطي والتغيير السياسي في العالم العربي عموماً وتونس ليست استثناء، الكثير من العلل والإشكاليات والتجاذبات، وظهور محاولات للهيمنة واحتكار الديمقراطية، أغلبها يقودها تيار الإسلام السياسي الشغوف بالسلطة قبل الدعوة رغم أنها شعاره المعلن.

انتخابات تونس تقدم فيها الرجل الروبوت قيس سعيد كما يصفه بعض منتقديه لحركته الثابتة، والمسترسل دائماً في حديث بلسان عربي فصيح، ندر اليوم بيننا من يتقنه دون أن يلحن في القول، كما تقدم فيها نبيل القروي، الذي يتهمه القضاء بتهمة غسل أموال، لا يزال رهن التحقيق بسببها، الأيام ستكون كفيلة بالإجابة عمن سيكون ساكن قصر قرطاج القانوني أم السجين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاجأة انتخابات تونس مفاجأة انتخابات تونس



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon