توقيت القاهرة المحلي 18:29:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا والعراق وهيمنة الميليشيات

  مصر اليوم -

ليبيا والعراق وهيمنة الميليشيات

بقلم - جبريل العبيدي

ليبيا والعراق ليست العروبة ما يجمعهما فقط، بل المآسي المشتركة أيضاً قبل إسقاطهما كدولتين وبعده،.بلدان جمعهما الكثير والكثير من التاريخ والجغرافيا والمعاناة من حكم الدكتاتوريات لكونهما كانا مصدر قلق وتوتر دولي في ظل نظامي صدام والقذافي زمن الدكتاتوريات العربية، والانتفاضات المتكررة فيهما كانت تقلق النظامين، وكونهما يتربعان على أكبر مخزون احتياطي نفطي، وكون شعبيهما يعيشان في بؤس تحت تجبر الميليشيات، وما يعانيانه من انهيار تام للبنية التحية والخدمية من تعليم وصحة وكهرباء. نفوذ الميليشيات المسلحة، والتهميش، والفساد، والانتفاضات على الظلم، معاناة تاريخية جمعت البلدين لتؤكد أن سياسة التهميش التي مارستها الأنظمة الدكتاتورية سابقاً، ولا تزال تكررها ديمقراطيات «الربيع» العربي، لا تختلف إلا في الزمن والتواريخ.

ففي العراق تجاوز عدد الميليشيات السبعين، وجميعها تتجبر على سلطة «الدولة» التي يجب أن يكون بيدها كل الأمر، فالدولة في كلا البلدين لا تستطيع فرض سيطرتها على السلاح وحركة الميليشيات وانفلاتاتها. ففي ليبيا نجد الدولة مؤجلة، خاصة في غرب البلاد، حيث تنتشر الميليشيات وعددها أكثر من 300 ميليشيا مسلحة تتنوع مشاربها والولاء بين أفرادها ما بين قبلي ومؤدلج في أغلبه بين فكر «القاعدة» و«داعش» و«الإخوان».

وفي ليبيا أيضاً ومنذ الأيام الأولى لحراك فبراير (شباط) 2011 انتهى الأمر بالفوضى وانتشار السلاح، ولم يكن هناك أي نية صادقة أو جهد صادق لجمعه ولملمة الفوضى من قبل حلفاء الناتو، الذي أسقط الدولة الليبية لتنهشها الميليشيات المؤدلجة وميليشيات الإسلام السياسي، التي تأتمر بأوامر من الخارج، وتتنوع بين «داعش» و«القاعدة» والمرشد وجماعته، ويوحدها استمرار الفوضى فقط.

توجد الميليشيات في العاصمة الليبية خاصة، حيث موطن الحكومة المفترض، ما يجعل من الحكومة رهينة لها وتحت سطوتها وابتزازها، رغم ادعاء البعض تبعيته للدولة، تحت وزارات، كالداخلية أو العدل أو الدفاع، بينما الحقيقة غير ذلك، وأثبتت الحوادث أنها خارج سيطرة الحكومة في طرابلس.

ميليشيات الإسلام السياسي وتنوعها هي الميليشيات السائدة في العراق وليبيا، وهناك منها من هو متحالف مع «داعش» وأخواتها، التي منها الجماعات الإسلامية الليبية المقاتلة، التي سبق لها أن بايعت «تنظيم القاعدة»، وكانت نشأتها خارج ليبيا بين جبال تورا بورا ومانشستر ولندن، حيث كانت تقيم القيادات وتجد المأوى والتستر، وهي إحدى ميليشيات الإسلام السياسي. وفي العراق هناك مثلاً «حزب الله العراقي» و«عصائب أهل الحق» وهو المكان الذي نشأت فيه «داعش»، وأعلنت دولتها.

في العراق، تنوعت الميليشيات، وكثير منها طائفية، من «منظمة بدر» و«جيش المهدي»، الجناح المسلّح للتيار الصدري، وميليشيات «عصائب أهل الحق»، و«حزب الله العراقي»، وجميعها ميليشيات معتقدها خارج سلطة الجيش العراقي.

وفي ليبيا ميليشيات ذات تركيبة جهوية، تتحدر من مدينة أو قبيلة واحدة، مثل كتيبة ثوار طرابلس ولواء الحلبوص ولواء المحجوب وكتيبة المرسي، وخرجت من طرابلس كتيبة الصواعق والقعقاع، وجميعها لا يمكن أن تشكل جيشاً وطنياً ما لم تحلّ وتفكك، ويعاد تشكيلها بشكل وطني متنوع من جميع القبائل والمناطق، وليس بتركيبة جهوية قبلية، فالجيش الوطني أو الحرس الوطني الحقيقي لا يمكن تشكيله من كتائب مؤدلجة أو أخرى جهوية قبلية، فهذا لن يحقق أي نوع من الولاء الوطني بقدر الانتماء الجهوي أو الفئوي أو الحزبي.

هناك كتائب أخرى في طرابلس الليبية، مثل كتيبة الردع ذات التوجه السلفي، التي تعلن التبعية لوزارة الداخلية، إلا أنَّ هناك من يوجه إليها الانتقاد خاصة، وهي من تدير سجناً داخل مطار معيتيقة، المنفذ الجوي اليتيم في طرابلس، بعد أن دمرت ميليشيات الإسلام السياسي، في تحالف «فجر ليبيا»، مطار طرابلس العالمي، بطائراته وبنيته التحتية، وأشعلت النيران فيما تبقى من ركامه.

استمرار وجود الميليشيات في ليبيا والعراق، في ظل تغاضي أممي من «الأمم المتحدة» وتجاهل دولي، سوف يشكل خطراً إقليمياً، إن لم يكن دولياً، فهدف هذه الميليشيات هو السيطرة على العواصم في المنطقة لتضمّها لمسبحة الخلافة المزعومة.

والعراق مثلاً الذي يتربع على مخزون نفطي كبير يشتعل ليس بزيوت البترول ولكن بغليان شارعها الذي سئم من الفساد ونهب الأموال، فيما الناس تعاني ضنك العيش، والحال نفسه في ليبيا التي تتربع على أكبر احتياط للنفط في أفريقيا، وهي الأخرى شهدت انتفاضات متعددة، سقطت للسبب ذاته نتاج السياسة المركزية، وسوء توزيع الموارد بشكل غير عادل، والتساؤل الذي يطرح نفسه هو: أين تذهب كل هذه الأموال الطائلة في كلا البلدين، وحال الناس في كليهما لا يوحي بأنَّهما بلدان غنيان؟ في حين تنفق الأموال بسخاء على السيارات الفارهة والمصفحة للمسؤولين وتبذر الأموال بشكل لا حدود له.

ليبيا والعراق جمعهما الماضي المتوتر ودكتاتوريات العسكرتارية زمن القذافي وصدام، واليوم تجمعهما معاناة سطوة الميليشيات لأجل غير مسمى، قد تستمر حتى ينضب النفط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا والعراق وهيمنة الميليشيات ليبيا والعراق وهيمنة الميليشيات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon