توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

منطقة آمنة أم إسكندرون جديد؟!

  مصر اليوم -

منطقة آمنة أم إسكندرون جديد

بقلم :د. جبريل العبيدي

محاولات التخلص من اللاجئين السوريين في العالم، خصوصاً بعد حرب أوكرانيا وانشغال أوروبا برعاية اللاجئين الأوكرانيين على حساب السوريين طبعاً، هو ما شجع الحديث عن استقطاع منطقة آمنة في داخل الأراضي السورية، لإعادة السوريين الهاربين من ويلات الحرب والصراع إليها.
وبينما تُعرّف «هيومان رايتس ووتش» المناطق الآمنة بأنها «مناطق تتوافق عليها الأطراف المتصارعة في نزاع ما، وتمتنع القوات المقاتلة عن دخولها أو شن هجمات عليها»، إلا أنه في الحالة السورية يختلف التعريف، إذ إن إحدى الدول المتدخلة في الصراع السوري لصالح طرف على حساب آخر، وهي تركيا، من يسعى إلى إنشاء المنطقة «الآمنة» بشروطها، مما سيجعل منها منطقة نزاع، بل قد يعتبرها الطرف السوري منطقة احتلال بغض النظر عن الرأي في النظام السياسي.
الحديث عن منطقة «آمنة» من دون وجود أي ضمانات دولية ولا حتى إقليمية، أو حتى أي معيار أو تعريف قانوني دولي لهذه المنطقة، مثل من سيحميها، وممن سيحميها، ومن هم لهم حق السيادة عليها وتحت أي سلطة ستكون، ومن سيمول أي مشاريع داخلها؟ أسئلة كثيرة لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها. فمحاولات فرض القبول بمنطقة «آمنة» على النظام السوري كشرط تعجيزي لأي تفاهمات حول تطبيع وإعادة علاقات مع النظام السوري القائم، يعد حقاً أريد به باطلاً، فأولاً يجب التفريق بين خلاف سياسي مع النظام السوري، وبين سلامة ووحدة الأراضي السورية، من أي استقطاع تحت أي مبررات، فوحدة التراب السوري تعد خطاً أحمر، لا يمكن القبول بتجاوزه واستقطاع أجزاء من الأراضي السورية تحت أي مبرر حتى لو كان هو الخلاف مع النظام السوري، فلا يمكن لأي دولة القبول بهكذا مشروع، مما لا يمكن تفسيره إلا ضمن استقطاع أراضٍ عربية سورية، ستنتهي إلى توطين جماعات أو قوميات فيها هي في حالة عداء مع الوطن الأم سوريا، خصوصاً في ظل وجود سوابق تاريخية انتهت باستقطاع أراضٍ عربية ابتلعتها بلدان أخرى؛ مثل الأحواز العربية ولواء الإسكندرون السوري والجولان ومزارع شبعا وجزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى الإماراتية وسبتة ومليلة المغربيتين ومنطقة شريط أوزو الليبي.
الحديث عن إنشاء أو استقطاع منطقة «آمنة» بمفهوم إقليمي أحادي الرؤية لإحدى دول التدخل في الصراع السوري، سيجعل من تلك المنطقة «آمنة»، وفق مفهوم ومنظور أحادي، وليس وفق معيار دولي مما سيجعلها شبه مأوى للهاربين والفارين من العدالة، بل وقد تصبح منطلقاً لأي أعمال عنف في المنطقة، ناهيك عن تسببها في تغيير ديموغرافي قد ينتهي باستقطاع تلك المنطقة وتحولها إلى شبه «دويلة» فاشلة أو تابعة في أحسن أحوالها، مما سيجعلها خنجراً في خاصرة الوطن الأم.
إجبار السوريين على العودة إلى سوريا، والزعم بإنشاء منطقة «آمنة» لهم داخل الأراضي السورية، بدون أي ضمانات، يعد محاولة خبيثة بجميع المعايير وعودة قسرية لللاجئين السوريين، وإقناع دول الملجأ بإعادتهم تحت ذريعة المنطقة «الآمنة»، على الرغم من أن تصريحات الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، تتناقض مع القائلين بجهوزية المنطقة «الآمنة» والترويج لها، إذ قال المسؤول الأوروبي، إن «موقف الاتحاد الأوروبي فيما يخص العودة لم يتغير، وإن الاتحاد يتفهم ويدعم تطلعات بعض السوريين للعودة الطوعية إلى ديارهم، إلا أن الظروف اللازمة للعودة على نطاق واسع لم تتوفر بعد».
فالحديث عن توطين ثلاثة ملايين سوري في مناطق «آمنة» يعد أكذوبة كبيرة، وما هي إلا دليل على العبث بالفسيفساء والديموغرافيا السورية، التي هي الترجمة الحقيقية للتهديدات والمطامع التركية في مناطق شمال وشرق سوريا قديمة متجددة، ولا تختلف عن مطامع تركيا الطورانية في الموصل العربية العراقية، فالمطامع في الاستحواذ على الأراضي السورية قديمة متجددة، وليس احتلال تركيا السابق للواء الاسكندرون ببعيد.
المناطق «الآمنة» ما هي إلا محاولات للعبث بالديموغرافيا، سواء في منبج وعين العرب السوريتين، أو غيرها بين تهجير وتوطين وطرد للسكان الأصليين، من المناطق التي تسيطر عليها تركيا في سوريا، بل وصل الأمر إلى استخدام اللغة والعملة التركيين مثلاً في التعاملات، إلى افتتاح كليات جامعية تركية في سوريا، الأمر الذي لا يمكن تفسيره إلا في إطار الاحتلال وتغيير الديموغرافيا تحت اسم المنطقة «الآمنة» التي ستكون فاشلة لأسباب كثيرة لوجيستية وأخرى سياسية كمعارضة أميركا ودول فاعلة لأي محاولة لإبعاد المعارضين الأكراد السوريين عن المنطقة «الآمنة» افتراضياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منطقة آمنة أم إسكندرون جديد منطقة آمنة أم إسكندرون جديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon