توقيت القاهرة المحلي 09:28:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوكرانيا... أزمة لها جذور

  مصر اليوم -

أوكرانيا أزمة لها جذور

بقلم :د. جبريل العبيدي

أوكرانيا تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والانضمام إلى الناتو، وتعتبر هذا حقاً سيادياً لها، بينما روسيا تراه خطراً على أمنها، فروسيا لا تزال تستذكر التاريخ القديم وأن أوكرانيا كانت مجرد تابعة إلى روسيا، حيث كانت روسيا القيصرية تسيطر على معظم الأراضي الأوكرانية وتطلق عليها «روسيا الصغيرة»، بينما الأوكرانيون لا يستذكرون من علاقتهم بالروس سوى ذكرى المجاعة الكبرى في ثلاثينات القرن الماضي، التي ذهب ضحية لها ملايين الأوكرانيين.
منذ أن بدأ الاجتياح الروسي لأوكرانيا كانت الجهود الغربية والأميركية موجهة لوضع خطط معاقبة روسيا وإضعافها، خصوصاً اقتصادياً، ولم يكن هناك أي جهود لمنع وقوع الحرب أو التوسط لإيقافها، فالأزمة الأوكرانية والفشل في معالجتها سياسياً، غربياً وشرقياً (روسيا وأوكرانيا) وبعيداً عن التذرع بالضعف الواضح في الخبرة السياسية للرئيس الأوكراني لكونه جاء من خلفية فنية لا سياسية، تبقى الأزمة الأوكرانية لها جذور عميقة تتجاوز العنوان العريض، وهو ضرورة تحييد أوكرانيا ومنع انضمامها لحلف الناتو، لكونها على حدود روسيا، فهناك كثير من دول الناتو على حدود روسيا وتشكل خطراً أكبر، ولكن المعادلة السياسية في أوكرانيا لا يمكن تسطيحها بهذا الشكل، بل وتبقى مستعصية التفسير والحل، ما دام هناك تجاهل لجذور الأزمة، ونظراً لعدم الاتزان بين طرفي المعادلة، وتشابك الأسباب وردود الفعل بين جميع الأطراف، التي تجاوز عددها أوكرانيا وروسيا، فالأزمة منذ البدء لم تكن أزمة أوكرانية خالصة، بل كان لأطراف كثيرة دور كبير فيما انتهت إليه الأمور في أوكرانيا، حتى اندلعت الحرب، التي كان من الممكن تجنبها، لولا عناد بعض الأطراف التي لا يمكن استثناء الطرف الأوكراني من بينها.
الخطر النووي يعد من أكبر المخاوف من الحرب في أوكرانيا، سواء بضرب المفاعلات النووية في أوكرانيا، مثل محطة زابوريجيا، أومحطة تشرنوبل أو استخدام السلاح النووي ولو بشكل محدود في أوكرانيا، خصوصاً بعد أوامر بوتين الرئيس الروسي، بوضع الترسانة النووية الروسية في حالة استعداد وتأهب، وإن كانت حقيقية مجرد محاولة ردع روسية لأي تدخل مباشر من قبل حلف الناتو، الذي يعد متدخلاً في الحرب، ولو من خلال الدعم اللوجيستي والاستخباراتي وقاعدة البيانات والتزويد بالأسلحة للجانب الأوكراني، ما يجعل العالم أمام حرب عالمية ثالثة غير معلنة.
بعد الغزو والاجتياح الروسي لأوكرانيا، هل سينهي الحرب المندلعة مجرد تحييد أوكرانيا، ونزع سلاحها؟ لا أعتقد أن الأمر بات يمكن تسويته بهذا الشكل فقط، بل سيتجاوز الأمر إلى تقسيم وتجزئة الجغرافيا الأوكرانية، التي لن تعود كما كانت قبل الحرب، فالأزمة جزء من جذورها إعادة رسم خريطة المنطقة وإعادة توزيع ديموغرافيا السكان وفق المنظور الروسي المتحالف مع الانفصاليين في المنطقة، وهي أحد مسببات الحرب.
الأزمة الأوكرانية لم تعالج غربياً بشكل يسمح بمنع الحرب ونزع فتيلها، بل كانت جميع القرارات والمفاوضات الخجولة تدفع نحو مزيد من التصعيد الروسي، كأن الغرب والناتو هما من جرا الرئيس بوتين نحو مستنقع الحرب بأوكرانيا لإغراق روسيا المثقلة بوضع اقتصادي صعب، متناسية أن سرعة التموضع والتعود الروسي سيمكنها من الاستمرار في حرب كان من الممكن منع حدوثها.
محاولات إسقاط بوتين وحصار روسيا وشدة العقوبات، جميعها لن تجدي نفعاً في منع الرئيس بوتين من استكمال الحرب، فهو بالتأكيد لم يدخل الحرب بحسابات خاطئة كما يفسر البعض، وبالتالي له حسابات أخرى، ولهذا كان الأفضل للغرب التفاوض على وقف الحرب ومنع مزيد من الخسائر بدلاً من التصعيد، خصوصاً بعد قبول روسيا التفاوض من دون شروط مسبقة.
العمليات الإنسانية في حدود أوكرانيا تعرضت لانتقادات كثيرة في إطار التمييز «العنصري»؛ لاجئون عرب ومن جنسيات غير «أوكرانية» تواصل بولندا منعهم من عبور حدودها هرباً من الحرب في أوكرانيا التي وصفت بلون العنصرية، خصوصاً ضد الأجانب الفارين من الحرب.
فالأزمة الآوكرانية تتجاوز اختزالها في الخلاف حول زعماء الثورة البرتقالية، التي اندلعت في أوكرانيا سنة 2004 بعد التشكيك في نتائج الانتخابات بين المرشح الموالي لروسيا والمرشح الموالي لأوروبا وأميركا، إنها أزمة لها جذور ضاربة في التاريخ، ولحلحلتها لا بد من الرجوع إلى التاريخ والجغرافيا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا أزمة لها جذور أوكرانيا أزمة لها جذور



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon