بقلم - د. جبريل العبيدي
تنظيم الإخوان الذي لا يؤمن بالدولة الوطنية ولا بحدودها الجغرافية، يسهل عليه بيع البلدان، التي يفترض أن أعضاءه ينتمون إليها بحكم الأصل والمولد والعيش فيها، وهي العوامل التي تفرض على صاحبها الوفاء للتراب الذي ولد وعاش فيه، لا أن يجعله سلعة للبيع بثمن بخس.
منذ إسقاط الدولة الليبية في مشروع فبراير (شباط) 2011، وتنظيم الإخوان يمارس النهب، وبيع ممتلكات الدولة الليبية بثمن بخس، بدءاً من تسليم أرشيف المخابرات الليبية والجيش الليبي إلى قطر، وإشراك المؤسسات القطرية في البنوك الليبية من دون أن تدفع درهماً واحداً، وبيع عقود النفط والغاز بالشراكة بالباطل لشركات قطرية وتركية.
إخوان البنا وقطب في ليبيا نهبوا الأموال لدعم الليرة التركية، تحت بند شراء مواد غذائية ومواد بناء.
أيضاً اتهم ديوان المحاسبة الليبي بعض المسؤولين من ضمنهم القيادي الإخواني خالد المشري، رئيس ما يسمى مجلس الدولة غير الدستوري بممارسة بمخالفات وتجاوزات مالية وإدارية، إذ طلب الديوان رفع الحصانة عنه للتحقيق معه، لارتكابه هذه المخالفات عندما كان عضواً ورئيساً للجنة المالية في المؤتمر الوطني العام، وفقاً للديوان.
وكان المشري أعلن انسحابه من تنظيم جماعة الإخوان. الأمر الذي يعتبر سابقة في الجماعة - الفرع الليبي، والذي يعتبر في رأي الأغلبية مجرد تحرك تكتيكي مفضوح.
التدخل التركي في ليبيا تنوع بين التمويل والاحتضان والإيواء والحماية للجماعات الإرهابية، ومنها جماعة الإخوان خاصة، والسبب هو نزعة الهيمنة والنفوذ التركي التي تنطلق من العقدة الطورانية، ومحاولة استعادة الإمبراطورية العثمانية الثانية، التي تقاطعت مع مشروع الخلافة الإخواني، ما جعلهما حليفين، يستخدم أحدهما الآخر.
ليبيا كانت وما زالت ضحية هذا التقاطع؛ حيث دعمت تركيا الجماعات الإرهابية في ليبيا بالسلاح عبر قوافل السفن، التي تم ضبط 4 سفن منها حتى الآن. الأمر الذي يجب أن يرفعه مجلس النواب الليبي إلى مجلس الأمن، لملاحقة المتورطين. ورغم تعهدات مولود جاويش أوغلو، أثناء زيارة لطرابلس بعد اكتشاف حادثة التهريب الأولى، إذ قال الوزير التركي إن مثل هذه الأعمال «لا تمثل سياسة الدولة التركية أو نهجها»، ووعد بإجراء تحقيق مشترك في الحادث، فإن الأمر لم يحدث، ونكث الوزير وعده، بل تم ضبط 3 سفن أخرى محملة بالأسلحة، آخرها محملة بالمدرعات.
الدعم التركي القطري تبلور في خريطة طريق تركية - قطرية، لتمكين إخوان ليبيا من الحكم، بعد معرفة تركيا وقطر حجم الخسارة الكبيرة للتنظيم في أي استحقاق انتخابي، بعد أن كشفهم الشارع الليبي ونبذهم، ولهذا سعوا إلى تحالفات أخرى. من بينها محاولة العودة إلى الدفاتر القديمة، وإحياء مشروع ليبيا الغد لسيف القذافي، من خلال إقناع بعض أنصار النظام السابق بالتحالف معهم، خاصة بعد محاولات جماعة الإخوان تنظيم صفوفها في تركيا؛ حيث يقيم كبار قادتها مثل المفتي المعزول صادق الغرياني، وعراب التنظيم المطلوب عربياً في قضايا إرهاب، الإخواني علي الصلابي، المتنقل بين الدوحة وإسطنبول، والذي دعا إلى تشكيل «التكتل الوطني» وما هو إلا واجهة سياسية لتنظيم الإخوان، بعد فشل حزب «العدالة والبناء» الذي هو امتداد لحزب «العدالة والحرية» في مصر، و«العدالة والتنمية» في تركيا، و«العدالة والإصلاح» في الأردن، وهكذا. والتي هي مجرد حزب واحد لتنظيم الإخوان الدولي بواجهات متعددة.
تركيا التي تشرعن لنفسها حق اختيار من يحكم ليبيا، وتتعاطي مع ليبيا كأنها لا تزال مستعمرة عثمانية، بدءاً من إردوغان، الذي تلقى جائزة القذافي الدولية لحقوق الإنسان، وصف حينها القذافي بأنه «أخ»، قبل أن يتآمر مع قطر على إسقاطه، ضمن منهج البراغماتية التركية من أجل تحقيق حلم العودة إلى الإمبراطورية العثمانية الثانية، عبر ليبيا بوابة أفريقيا، واعتبار ليبيا ونفطها وثرواتها بيت مال مشاع لها.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع