توقيت القاهرة المحلي 21:08:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

برلمانات بين الحرق والحل والاحتلال

  مصر اليوم -

برلمانات بين الحرق والحل والاحتلال

بقلم :د. جبريل العبيدي

في بلاد العرب برلمانات بين الحرق والحل والاحتلال، والسبب الرئيسي غضب شعبي على سياسة تلك البرلمانات، ففي درجة حرارة تجاوزت نصف درجة غليان الماء، وقف آلاف العراقيين لصلاة الجمعة من أجل العراق وطلباً لإسقاط البرلمان بعد أن قام الكثير من العراقيين باقتحام مقر البرلمان واحتلال المبنى، وإقامة خيام الاعتصام داخل باحة البرلمان العراقي، حيث شاركت أطراف متعددة منها الشيعية والسنية، مما يعكس حالة شعبية عامة لا يمكن اختزالها في تيار واحد، وإن كان التيار الصدري أول من دعا أنصاره إلى إسقاط البرلمان، بعد أن كان قد طلب من النواب التابعين للتيار الصدري الاستقالة، قبل أن تطفو حالة الخصام في البيت الشيعي بعد تسريبات المالكي التي عُدّت فضيحة سياسية من العيار الثقيل، تسببت في شقاق كبير وصدع يصعب ردمه، حيث أظهرت التسريبات ما يفكر فيه المالكي ورؤيته لخصومه ومنافسيه، وعطائه السياسي قبل وبعد التسريبات، مما عقّد الأمر وكاد ينزلق إلى حالة من الصراع المسلح، قد تنزلق البلاد بعده إلى حالة الفوضى.
سبقت عملية الاحتلال الشعبي للبرلمان في العراق، حالةُ إحراق البرلمان في ليبيا، حيث قام المتظاهرون باقتحام مبنى البرلمان الليبي وحرق المبنى وإتلاف محتوياته، ومنها مستندات ذات أهمية عالية بعد حالة من الغضب الشعبي في شتى بقاع ليبيا، مطالبين بإسقاط الحكومات المتنازعة ورحيل البرلمان ومجلس الدولة معاً، والذهاب إلى انتخابات تنتهي بسلطة ليست انتقالية، بعد أن يئس الشارع الليبي من الأجسام السياسية الحالية، والتي رفضت المغادرة بأي شكل من الأشكال، ومارست التسويف، حيث اتفق مجلسا النواب والدولة على عدم الاتفاق على قاعدة دستورية تمهد لانتخابات تُنهى الجسمين، لأنهما ببساطة لا يريدان الخروج من المشهد السياسي بالطرق السلمية والديمقراطية، فلا يمكن رهن إرادة الليبيين لجسمين آخر همهما إنتاج حل ينهي المراحل الانتقالية، التي تجاوزت عشر سنوات عجاف أهلكت النسل والزرع والحرث في ليبيا، التي تنهشها الفوضى والميليشيات، والهجرة غير الشرعية كبلد عبور، بل محاولات الأوروبيين جعلها بلداً لتوطين المهاجرين لإضافة أزمة على أزمات ليبيا المنكوبة.
والمشهد البرلماني ليس أحسن حالاً في تونس من ليبيا، فالبرلمان الذي أفشله راشد الغنوشي بسياسة التناطح مع رئاسة الجمهورية، وخلق سلطة موازية لرئاسة الجمهورية، في أكبر مخالفة للدستور التونسي، وأصبح يتصرف كـ«رئاسة» موازية لرئاسة الجمهورية، وتعاطى مع رئاسة البرلمان بسياسة فوقية مع النواب المعارضين لسياسة «النهضة» والغنوشي، لأنه حاول أن يكون فوق البرلمان التونسي، وطموحه جعله يتصور أن منصب رئيس مجلس النواب، أصغر مما يناله شخص مثله.
وفي تونس تم حل البرلمان، فأزمة البرلمان التونسي كان المتسبب فيها الأول الغنوشي وسياسة التناطح ومحاولة عزل رئيس الجمهورية في قصر قرطاج، وجعل منصبه مجرد منصب شرفي لا يتجاوز استقبال وتوديع الرؤساء الضيوف من دون التشاور معهم في الشأن التونسي، الأمر الذي دفع الرئيس التونسي قيس سعيد للخروج عن صمته وهدوئه وممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، وتفعيل مواد الدستور في حماية الجمهورية من أي خطر، فقام بتعليق البرلمان ثم حله.
ما قام به الرئيس التونسي، كان ضرورة مهمة لحماية البلاد من الانزلاق نحو العنف والانهيار كجارتها ليبيا التي لا تزال تعاني من حالة الفوضى والفشل السياسي.
العمل البرلماني في بلاد العرب لا يزال متعثراً، بسبب حداثة التجربة، فالكثير من البرلمانات لم يحتلها متظاهرون ولا طالتها ألسنة اللهب من غاضبين ولا حتى قرارات رئاسية بالحل، ولكنّ هذا لا يجعلها أحسن حالاً من البرلمان العراقي المحتل، ولا البرلمان الليبي المحترق، ولا البرلمان التونسي المنحل، فالعمل السياسي البرلماني العربي في أغلبه عاجز عن النهوض بالسياسة الوطنية، ولا حتى تحقيق أبسط طموحات ناخبيهم، فمن احتلّ أو أحرق هم من الناخبين، وليسوا قوات غازية من خارج البلاد، فجميعهم من الناخبين الذين فقدوا الثقة بمرشحيهم، بعد أن خيّبوا آمالهم في تحقيق أدنى مطالبهم المعيشية وليست الترفيهية التي تبدو كأنها من سابع المستحيلات تحت قبة البرلمانات العربية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

برلمانات بين الحرق والحل والاحتلال برلمانات بين الحرق والحل والاحتلال



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon