توقيت القاهرة المحلي 17:13:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة

  مصر اليوم -

احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة

بقلم: د. جبريل العبيدي

أظهرت جائحة «كورونا» وجهاً آخر لبشاعة التفرقة العنصرية، واحتكار توزيع اللقاح ضمن منظومة الدول المصنعة، خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي في عمومها، حيث ظهرت أصوات بل وقرارات تمنع خروج اللقاحات خارج دول الاتحاد قبل الاكتفاء الداخلي، وإتمام عملية التلقيح داخل الاتحاد، في مقابل ظهور أصوات قليلة ومبادرات محدودة تطالب بتعليق العمل باتفاقيات الملكية الفكرية المتعلقة بإنتاج اللقاح، وتطالب بتبادل التكنولوجيا المتعلقة بتصنيع اللقاح المضاد للفيروس الشرس، الذي لم يفرق في الإصابة بين شعوب العالم، وبالتالي يجب أن يكون حق العلاج ومقاومة الفيروس متاحاً للجميع، خصوصاً أن الفيروس عابر للقارات والحدود ولن تمنعه أي حواجز، وبالتالي بقاء دول وشعوب من دون تلقي اللقاحات سيكون بؤرَ وباءٍ ستعيد الجائحة إلى المربع الأول، وتفسد الجهود الضخمة التي بذلت، وبالتالي من الحكمة منع الاحتكار للقاح المضاد.
منظمة التجارة العالمية بذلت جهداً لمنع الاحتكار تحت شعار «الطريق الثالث» الذي تقترحه لمنع الاحتكار لإنتاج اللقاح، خصوصاً بعد تصريحات تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، التي جدد فيها الدعوة لمصنعي اللقاحات لتبادل المعرفة من خلال تبادل التكنولوجيا المتعلقة بـ«كورونا» (C - TAP)، وهي آلية لتبادل المعرفة والبيانات حول اللقاح.
احتكار لقاحات «كورونا» يعد انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان، ولا بد من محاربته ومنعه، وطالب غيبريسوس بأن «الحصول العادل لكل دول العالم على لقاح فيروس كورونا المستجد هو في مصلحة كل بلد، واحتكار دول بعينها للقاح سيطيل من أمد الجائحة ولن يختصرها».
لا بد من إيجاد طريق ثالث لجعل اللقاح متاحاً إنتاجاً وتوزيعاً للجميع، ومنع الاحتكار، في ظل وجود دول غنية تشتري المزيد من اللقاحات، بكميات كبيرة وهائلة تزيد عن حاجة سكانها، مما يجعل الدول الفقيرة في خطر دائم ومستمر لعجزها مالياً ولوجيستياً عن الحصول على اللقاح، في ظل ضعف برنامج «كوفاكس» (COVAX)، الذي يسعى لتوفير دفعات من اللقاح للدول الفقيرة بدعم من بعض الدول الغنية، ولكن البرنامج لا يزال متعثراً، نظراً لسياسات الاحتكار المتعمد من بعض الدول الكبرى التي تراهن على الربح المالي، من دون النظر لخطر بقاء دول بلا لقاح يمنع انتشار الفيروس، ضمن ما يعرف بمنعة الجموع (القطيع).
حرب اللقاحات لا تزال تعرقل الجهود العالمية للوصول إلى مناعة الجموع التي تعد الحاجز الوقائي الأمثل لمنع انتشار الفيروس، فالحروب بين روسيا والصين والاتحاد الأوروبي حول الاعتراف باللقاحات المنتجة في البلدان التي ليست بلدانهم ظاهرة للعيان، فالصين مثلاً أصدرت قرارات صارمة بأنها لن تسمح بمنح تأشيرات دخول إلا للذين تلقوا اللقاح الصيني، في ظل عدم اعتراف به في الاتحاد الأوروبي، وكذلك اللقاح الروسي، رغم ثبات فاعلية واضحة، مما يجعل الأمر مجرد مناكفات سياسية تدخلت في البرامج العلمية، ولعل صفقة سرية لشراء اللقاح الروسي التي أطاحت بالحكومة السلوفاكية، والتي كانت تتضمن حصول سلوفاكيا على مليوني جرعة من لقاح «سبوتنيك في» الروسي المضاد لـ«كورونا»، الذي لم تتم الموافقة عليه في الاتحاد الأوروبي، هي وجه آخر لحرب اللقاحات، في مقابل صمت أوروبي عن تقارير علمية تتهم لقاح «أسترازينيكا» بالتسبب في جلطات لعدد ممن تلقوا اللقاح، بل ظهرت توصيات أوروبية تخفف المخاوف من «أسترازينيكا»، في ظل عدم التعاطي مع اللقاحين الصيني والروسي؛ الأمر الذي يضر بالمصداقية العلمية، وأن المنع سياسي بحت.
استمرار احتكار إنتاج وتوزيع اللقاح ستكون نتائجه كارثية، مع وجود دول تلقى 100 مليون من مواطنيها اللقاح، مقابل دول أخرى لم يتلقَ أي فرد من مواطنيها جرعة واحدة يتيمة، ولا أمل لها قريباً في الحصول على اللقاح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon