توقيت القاهرة المحلي 04:15:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوهام الإسلام السياسي في ليبيا

  مصر اليوم -

أوهام الإسلام السياسي في ليبيا

بقلم - د. جبريل العبيدي

شيء غريب ومرعب ما نشاهده في المشهد السياسي الليبي الذي تتحكم فيه الميليشيات الإرهابية المسلحة، وعلى رأسها عصابات الإسلام السياسي ممثلة في جماعة إخوان البنا.
الكل يعلم أنه لا دولة في ليبيا، وأن الأمور آلت إلى فوضى عارمة اختلط فيها كل شيء. لكن أن يظن بعض «السياسيين» أن في ليبيا دولة، ويخدعون أنفسهم بذلك فهذا أمر عجيب. هؤلاء استطاعوا التنفذ في السلطة عبر ميليشيات دموية إرهابية، وكيانات كرتونية تفتقر إلى قاعدة شعبية، واهمين بأن الأمر قد استقر لهم، وأن الشعب قد رضي بهم.
حالة الصراع الدائرة بين الأحزاب الكرتونية، حديثة الولادة والعهد بالسياسة وحتى الوطن وأهله، والمفتقرة إلى قاعدة شعبية حقيقية وصحيحة، داعمة لها في ليبيا، تشكل خطراً على حياة المواطنين لكونها تسببت في نزاعات مسلحة، بسبب أن بعض هذه الأحزاب تحتمي بميليشيات مسلحة تستخدمها في تحقيق نفوذها السياسي، وهذا قد يترجم ضمن مفهوم الصراع، فحيث يوجد فرد يسود السلام، وعند وجود اثنين ينشأ الصراع، وعند وجود أكثر تبدأ التحالفات، والأحزاب.
الحضور الحزبي في ليبيا أغلبه لا يزال يفتقر إلى المشروع الوطني الناضج الحقيقي والرؤية الواضحة والاستقلالية التامة عن مصادر التمويل، خصوصاً الخارجي، ما جعل أغلب هذه الأحزاب مجرد كيانات تمثل صراعات إقليمية بالوكالة في ليبيا، وليست وطنية خالصة، خصوصاً تلك التي تروج لنفسها بأنها واجهة لمشروع «الخلافة».. نعم الخلافة التي لا تؤمن بجغرافيا وطنية وتتجاهل الأوطان، ولهذا السبب قد يثق المواطن بشيخ القبيلة، أو حتى مختار المحلة، ولا يثق بزعيم حزبي يمارس الدجل.
ظهور الأحزاب على الساحة السياسية الليبية، قبل كتابة الدستور وإقراره، ظاهرة خطيرة تضر بالوطن، بل ترهن الوطن لحسابات خارجية، لعدم وجود قانون منظم لها، وجهاز رقابي نافذ تابع للسلطة وقادر على التتبع والمراقبة، خصوصاً لمصادر التمويل، والدليل تجربة «المؤتمر الوطني» السابقة، التي استطاع تنظيم القاعدة الإرهابي أن يكون له ممثلون في السلطة من خلاله في سابقة تاريخية نادرة، حيث كانت التجربة المريرة عبارة عن خليط من أحزاب وما يسمى «مستقلين»، سرعان ما ارتمى بعضهم في حضن حزبه بمجرد فوزه بعباءة «مستقل» التي اختفى تحتها، وأحزاب سياسية تريد كل منها عزل الآخر من خلال استغلال قميص عثمان «العزل السياسي»، فالكيانات الحزبية في أغلبها استبدادية الفكر، ناتجة عن فرض سطوتها على الدولة من خلال الاستحواذ على السلطة، بمفاصلها المختلفة.
للخروج من هذا النفق المظلم، هناك اشتراطات وطنية، لتحقيق مصلحة الوطن أولاً، على رأسها التخلص من العباءة الحزبية أو الفئوية، في التعاطي مع الاستحقاقات الوطنية العامة، وإنهاء حالة الصراع، وكتابة الدستور أولاً، وتضمينه حق المواطنة، وحصر التنافس في إطار الشأن السياسي المتعارف عليه، بعيداً عن أي خصومة في الاستحقاقات الوطنية، فالمواطنون يعيشون في الوطن مواطنين بكامل حقوق المواطنة، لا خصوماً سياسيين.
التهميش لم يكن مقتصراً وحكراً على أقلية محددة، أو أكثرية بعينها، فمعظم شعب ليبيا عانى منه، فنحن شركاء وطن ونضال، ولهذا في اعتقادي أن أسلم نهج للتعايش في ظل الوطن، هو التحرر من أي تعصب، والابتعاد عن منهج التصادم والتضاد. وعلى جماعات الإسلام السياسي أن تعي أن شعب ليبيا لا يريدها مهما وظفت من أموال وإغراءات، ومهما استقوت بالخارج، فالشعب الليبي يرفض رفضاً قاطعاً إقحام الدين في السياسة، وتوظيف الدين لغايات ومآرب شيطانية أخرى. فقد عاش هذا الشعب في وئام وسلام بنهجه الوسطي الذي لا يعرف التشدد أبداً.
لذا، ينبغي أن يعلم الجميع أن أي استقواء بالخارج مهما كان هذا الخارج، ستكون نتائجه عكسية تماماً، حتى في ظل ضعف الدولة هذا.


نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوهام الإسلام السياسي في ليبيا أوهام الإسلام السياسي في ليبيا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon