توقيت القاهرة المحلي 01:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان... الدولة أم الحزب؟

  مصر اليوم -

لبنان الدولة أم الحزب

بقلم: جبريل العبيدي

لبنان اليوم يعاني من التصدع والتشظي السياسي وفقدان الهوية السياسية جراء التناطح الحزبي والطائفي. ولعل التصريحات غير المسؤولة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، هي القشة التي قصمت ظهر البعير، وذلك بسبب عبثيتها وانحيازها وحتى سذاجتها السياسية وخروجها عن الأدب الدبلوماسي وسطحيتها في تفسير مسببات الحرب اليمنية وإرهاب ميليشيات الحوثي، إذ كشفت هذه التصريحات عن الواقع السياسي الذي يعيشه لبنان، فهل نحن أمام لبنان الدولة المسؤولة عن تصرفات الوزراء والمسؤولين وتصريحاتهم، أم نحن أمام لبنان تتقاسمه الأحزاب وتمزق كيان الدولة فيه لحساب مصلحتها ضاربة بمصلحة لبنان عرض الحائط؟!
أزمة قرداحي أم أزمة لبنان؟ هو السؤال الأهم؛ فلبنان يواجه أزمة داخلية أطرافها خارجية، فأزمة تصريحات الوزير قرداحي كان يجب أن تعالج لبنانياً بطريقة «تنزع فتيلها ولا تذكي نارها» كما وصفها بيان الجامعة العربية.
لكن يبدو أن الأزمة أصبحت أكبر من لبنان، كما وصفها وزير الخارجية اللبناني، كون أن الأطراف الداعمة لوزير الإعلام مرتبطة بأجندة خارجية لا تخفى على أحد، وهي محاولة إبعاد الحضور العربي عن لبنان وانفراد إيران بالوجود ومن ثم الهيمنة في لبنان، فهناك أطراف لديها مصلحة في تفكيك ارتباط لبنان وشعبه بجذروه العربية، خاصةً في ظل مجاهرة «حزب الله» بالعداء للعرب.
من جانبه وصف السياسي اللبناني سمير جعجع ما يجري بالمأساة، قائلاً «إن هناك أزمة متدحرجة كبيرة جداً بين دول الخليج والحكومة اللبنانية.. إن تعطل كل علاقات لبنان بمحيطه العربي مأساة كبرى ليس بعدها مأساة».
كما طالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط بإقالة قرداحي، قائلاً: «أقيلوه... كفانا كوارث»، ولهذا على الحكومة اللبنانية الاستماع لأصوات النخب السياسية والتصرف كممثل لدولة وليس لأحزاب، فتصريحات قرداحي وتعنته على الاستمرار في الخطأ يجعلان من الحكومة طرفاً في أزمة، وإقالة قرداحي تعتبر نزعاً لفتيل الأزمة مثلما طالب بعض السياسيين اللبنانيين، فمطلب الإقالة في الأصل جاء من النخب السياسية اللبنانية.
الواقع السياسي أن النظام اللبناني الحالي هو عبارة عن نظام سياسي لتقاسم حصص طائفية بين أحزاب هي مجرد كيانات طائفية، في شكل أحزاب بعضها مسلح مثل «حزب الله»، الأمر الذي جعل من الحياة السياسية عبارة عن صراعات وتناطح قوى لبعضها ارتباطٌ خارجي، مما عقّد الحياة العامة للشعب اللبناني الذي رفض هذا النهج الطائفي وخرج للشارع في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي يطالب بإسقاط العهد الطائفي، الذي يحميه ويرتزق من وجوده أمثال حسن نصر الله زعيم ميليشيا «حزب الله»، الذي يلعب دور المعطل لأي حل سياسي خارج الطائفية، التي يقتات منها الحزب وعناصره.
اللبنانيون «الشعب» عبروا عن رغبة جامحة في دولة وطنية مدنية فيها حق المواطنة مكفول بالتساوي لجميع اللبنانيين بعيداً عن التمييز الطائفي، والحل يكمن في إنهاء العهد الطائفي، وتشكيل حكومة تكنوقراط في لبنان، وهو الأمر المرفوض بالمطلق بفيتو ميليشيا حسن نصر الله.
لقد أظهرت مظاهرات لبنان حقيقة «حزب الله» المتآكل من داخله والمعرقل لأي حالة إصلاح سياسي في البلاد، خاصةً بعد استشعاره الخطر على وجوده الهش في الحياة السياسية اللبنانية.
الشارع اللبناني خرج في أكثر من مناسبة مطالباً بإسقاط النخب الطائفية الحاكمة من دون استثناء، والتي يحمّلونها مسؤولية انهيار اقتصاد البلاد من خلال الفساد وسوء الإدارة، وهو اليوم يرى أناساً من أمثال الوزير قرداحي يجاهرون بالعبث السياسي من خلال تصريحات لا تخدم سوى أعداء لبنان والعرب معاً، وكما قال السياسي وليد جنبلاط «أقيلوه وكفانا كوارث».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الدولة أم الحزب لبنان الدولة أم الحزب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:09 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة
  مصر اليوم - مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 09:24 2023 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى إبراهيم تكشف كيف تظهر بصحة جيدة رغم محاربتها المرض

GMT 11:00 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات العبايات الأنيقة والعصرية هذا العام

GMT 08:58 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

روتين ضروري قبل النوم للحفاظ على نضارة البشرة

GMT 07:12 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مرتضى منصور يعلق على رسالة طارق حامد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon