توقيت القاهرة المحلي 07:40:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا وأزمة ثقة مع الأمم المتحدة

  مصر اليوم -

ليبيا وأزمة ثقة مع الأمم المتحدة

بقلم: د. جبريل العبيدي

أزمة ثقة تطفو على السطح بين الليبيين ممثلين في النخب الوطنية، وبين بعثة الأمم المتحدة، بعد إصدارها قائمة المشاركين في الحوار الليبي المقبل في تونس، وهي قائمة غلب عليها طيف واحد؛ هو أنصار وممثلو وقيادات جماعة الإخوان، بل ومن يجاهر بالانتماء صراحة.. جاءت أسماؤهم على أنهم «مستقلون»، الأمر الذي أكد اختراق البعثة من قبل هؤلاء.
التحيز وعدم توازن التمثيل في قائمة الأمم المتحدة لاقى اعتراضاً واسعاً حتى من ممثلي القبائل الليبية، حيث اعتبره المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، عملية إقصاء وتهميش للقبائل ومحاباة لجماعة الإخوان المسلمين.
التمثيل الواسع للإخوان، في قائمة الحوار الذي دعت إليه الأمم المتحدة يضع الحصان أمام العربة، ويضع مزيداً من العصي بين دواليبها، خاصة بعد تغييب أطياف مهمة من الشعب الليبي، لا سيما من فزان وبرقة، في مقابل تمثيل واسع لجماعات الإسلام السياسي، خصوصاً جماعة الإخوان، بل إن القائمة شملت شخصيات جدلية كانت ولا تزال تجاهر بدعم الفوضى والإرهاب.
صمت البعثة عن المعايير التي اتبعتها في اختيار الأسماء، يهدد ويضر بمصداقية الاختيار وشفافيته، لأن القائمة ليست سراً فقد ظهرت للواقع، والأسماء الجدلية والتمثيل غير المتوازن واضح ولا يمكن للبعثة نفي ذلك، الأمر الذي دفع بكثير من الشخصيات الليبية إلى مطالبة البعثة بسحب القائمة وإعادة النظر فيها.
ونظراً لتاريخ طويل ومتكرر مع الأمم المتحدة، أصبحت هناك حالة من التخوف والقلق، بل وأحياناً الريبة عند الليبيين، لدرجة أن أغلبهم لا يثقون أو يعولون كثيراً على قرارات الأمم المتحدة وبعثاتها، خصوصاً أن البعثة بعد عام 2011 شابها لغط كبير رغم تغير وتجدد رؤسائها، إلا أن المساعدين والموظفين لم يتغيروا كثيراً، لدرجة أن بعضهم يتهم من قبل البعض من النخب الليبية بالانحياز لجماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي ظهر جلياً في اختيار البعثة لعدد 75 محاوراً ليبياً، غلبت عليهم سمة الانتماء أو التوافق مع جماعة الإخوان ومشروعهم، ما دفع بعض الذين شعروا بالقسمة الضيزي في التمثيل إلى الانسحاب، نظراً لأن النتائج ستكون في هذه الحال في صالح جماعة الإخوان.
البعثة الأممية أمام اختبار خطير، خصوصاً أن التمثيل الكبير لجماعة الإخوان في قائمة الحوار التي اختارتها البعثة يظهر ويؤكد حالة الانحياز لجماعة لا تمثل 5 في المائة من سكان ليبيا، كما أن تركيز البعثة عند اختيار أعضاء الحوار السياسي على تيارات وجماعات «سياسية» لا تمثل الشعب الليبي وليس لها حضور يذكر، هو اختيار خاطئ لن يساعد على حل الأزمة، بل سيطيل من عمرها وسيزيد من معاناة الشعب الليبي الذي يراد أن تُفرض عليه جماعة الإخوان كشريك في الحكم أولاً، ومن ثم بعد تمكنها من مفاصل الدولة، تصبح هي الحاكم الفعلي والأوحد كما هو نهجها دائماً.
ليبيا منذ إعلان تأسيسها كدولة حديثة، منذ عام 1949، وهناك محاولات لتقسيمها إلى دول ثلاث ضمن اتفاق بيفن سفورزا (توضع أقاليم ليبيا الثلاثة تحت وصاية دولية)، ثم التدخل السافر عام 2011 المشرعن بالناتو الذي بدلاً من أن تنحصر مهمته في حماية المدنيين، انتهت مهمته إلى إسقاط الدولة الليبية وفتح مخازن السلاح بدلاً من تدميرها، ما تسبب في انتشار أكثر من ثلاثين مليون قطعة سلاح بين جماعات وتنظيمات تسللت إلي ليبيا أمام مرأى ومسمع الأمم المتحدة التي استخدمت الفصل السابع بازدواجية معايير، فيما سمته حماية المدنيين، الذين خشيت عليهم من رتل القذافي المتجه نحو بنغازي ولم يصل إليها، بينما لم تخشَ الأمم المتحدة على المدنيين من جرائم «داعش» أيام كان يذبح ويسحل ويحرق الليبيين في درنة وبنغازي وسرت.
التحيز وعدم توازن قائمة البعثة الأممية للحوار الليبي سيشكلان عقبة كبيرة أمام أي مخرجات ستنتهي إليها حوارات تمت بالمغالبة والمحاباة وتهميش الآخر برعاية وإشراف وتدخل مباشر من بعثة المفترض أنها تمارس الحيادية لا الوصاية والتدخل في شأن شعب ودولة عضو في الأمم المتحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وأزمة ثقة مع الأمم المتحدة ليبيا وأزمة ثقة مع الأمم المتحدة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon