توقيت القاهرة المحلي 19:17:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل انقلب الغنوشي على الاتحاد المغاربي؟

  مصر اليوم -

هل انقلب الغنوشي على الاتحاد المغاربي

بقلم: د. جبريل العبيدي

تصريحات رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة، ومحاولته تشكيل اتحاد بين ثلاث من دول الاتحاد المغاربي يشمل ليبيا وتونس والجزائر، واستبعاد دولتين فيه هما المغرب وموريتانيا، تعد تصريحات غير مسؤولة، وتخرج عن العرف السياسي والدبلوماسي، بل وهي محاولة انقلاب على كيان معترف به دولياً هو الاتحاد المغاربي. ولقد لاقت تصريحاته هذه استياء من النخب المغربية. بل وجدت معارضة حتى من قيادات في حزب العدالة والتنمية الإخواني، وإن كانت خجولة والتمست العذر له، حيث صرح عبد العزيز أفتاتي بالقول «إن كلام الغنوشي غير موفق، وجاء تحت الضغط».
لقد تناسى الغنوشي أنه يقف مخاصماً التاريخ والجغرافيا المكونة للاتحاد المغاربي، فالمملكة المغربية لا يمكن إبعادها عن الاتحاد المغاربي بمجرد تصريحات وشطحات فرد، حتى ولو كان مسؤولاً كبيراً. ولا موريتانيا التي هي ذخر المخطوطات العربية وبلد المليون شاعر.
وفي اعتقادي، أن هذه الشطحات جاءت للهروب من أزمة الغنوشي الداخلية الخانقة، فهو الذي فشل في إدارة جلسات البرلمان وجعل منه برلماناً مأزوماً ومشلولاً، وتخاصم مع مؤسسة الرئاسة في بلاده، كيف له أن يكون منظراً في الاتحاد المغاربي الذي وجد قبل أن يعرف الغنوشي معترك السياسة بشكل صحيح، وإن كان عاصر زمن انطلاق الاتحاد المغاربي بحكم السن.
الغنوشي بمثل هذه التصريحات العبثية، يخالف حتى الدستور التونسي الذي يحصر السياسة الخارجية في رئاسة الجمهورية، ولا يعطى الحق لرئيس البرلمان للعب أي دور سياسي خارجي، بل إنَّ تصريحات الغنوشي باختزال الاتحاد المغاربي من خمس دول إلى ثلاث انتقاها الغنوشي بمزاجه تعد مخالفة لسياسة الحياد في السياسة الخارجية التونسية، كما يقرها الدستور والعرف السياسي التونسي عبر التاريخ منذ زمن بورقيبة.
وتحجج الغنوشي في مشروعه بمحاولته إنعاش الاتحاد المغاربي هو تبرير غير مقنع وغير مقبول، فكيف لك أن تستثني العضو المؤسس في الاتحاد ودولة بحجم المملكة المغربية، ثم تقول إن هدفك إنعاش الاتحاد، ففي الحقيقة هذه محاولة كتم لأنفاس الاتحاد المشلول أصلاً منذ ما يقارب العقدين من الزمن لمسببات كثيرة.
محاولة الغنوشي الانقلاب داخل الاتحاد المغاربي واستبعاد المملكة المغربية العضو المؤسس والفعال في الاتحاد المغاربي، وموريتانيا تعد خطوة بائسة وتعبر عن جهل بالسياسة والجغرافيا والتاريخ، بل وتعد خطوة غير محسوبة النتائج من قبل الغنوشي، الذي حاول استغلال حالة الخلاف بين دولتين في الاتحاد لتمرير مخططه في اختزال الاتحاد المغاربي في ليبيا البترولية وتونس والجزائر البترولية، أي بمعنى آخر هي محاولة من الغنوشي لحل الأزمة الاقتصادية التونسية.
محاولات الغنوشي المستمرة للتدخل في شؤون البلاد المجاورة لتونس، أصبح من غير الممكن السكوت عنها، فقد سبق للغنوشي التدخل في الشأن الليبي بشكل منحاز لتيار الإسلام السياسي المنقلب على نتائج الانتخابات في ليبيا، بل إنَّ الغنوشي كان يجاهر بتدخله ليبيا ويصفه بـ«الحياد الإيجابي»، بينما الحقيقة هي اصطفاف خلف جماعة في ليبيا توافقه في أفكار وآيديولوجيا اسلاموية، مما يجعله متدخلاً سافراً في الشأن الليبي لصالح جماعته، فالغنوشي بصفته رئيس برلمان تونس وليس «النهضة»، من المفترض أنه كان عليه أن يتواصل مع المستشار صالح رئيس البرلمان الليبي، لا مع المشري، مما يؤكد أن الغنوشي يتصرف كرئيس لحزب النهضة لا كرئيس لبرلمان تونس.
محاولة راشد الغنوشي اختزال الاتحاد المغاربي جاءت في الزمن والتوقيت الخطأ، فلا الجزائر يمكن أن تقبل، ولا ليبيا التي تنتظر تغييراً في رئاستها وحكومتها (حكومة الشراكة الوطنية) تقبل هي الأخرى بمشروع الغنوشي الذي أساسه محاولة جعل ليبيا والجزائر بنكاً لتمويل مشاريع الإسلام السياسي.
النضج السياسي في الجزائر لا يمكن له أن يقبل مشروع الغنوشي، والحقيقة التي لا يمكن القفز عليها هي أن المملكة المغربية، التي توالى على حكمها ثلاثة وعشرون ملكاً متواتراً منذ منتصف القرن السابع عشر، لا يمكن أن تختزل من دول الاتحاد المغاربي بتصريحات كهذه، فهي تبقى الدولة المؤسسة للاتحاد والفاعلة فيه. وكذلك موريتانيا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل انقلب الغنوشي على الاتحاد المغاربي هل انقلب الغنوشي على الاتحاد المغاربي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية

GMT 19:10 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الكتاكيت في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon