توقيت القاهرة المحلي 21:08:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العراق وعشرينية الخوف والرعب

  مصر اليوم -

العراق وعشرينية الخوف والرعب

بقلم: جبريل العبيدي

لن يكون على صواب من يظن أو يتوهَّم أن العراق اليوم المنكوب بالميليشيات الطائفية والأذرع الإيرانية المختلفة لأكثر من عشرين عاماً، أحسن حالاً مما كان عليه ما قبل غزوه عام 2003، لمجرد سقوط «الطاغية». كان الله في عون رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الساعي إلى الإصلاح والتغيير.

فمن يصف العراق بجمهورية الخوف قبل عشرين عاماً، متناسياً ما تبعه من رعب تجاوز درجات الخوف مصحوباً بالخطف والقتل في العشرينية السوداء، يكون مخطئاً.
أعتقد أنه من الواقعية أن توصف عشرينية العراق الماضية بجمهورية الرعب المشبع بالميليشيات الطائفية، فالعراق اليوم يعاني من سطوة الميليشيات الطائفية وبطشها، والتي في أغلبها تأتمر بأوامر إيرانية للعبث بالوضع الأمني واستقرار العراق، بدءاً من «حزب الله» (الفرع العراقي) إلى «سرايا الخراساني» و«كتائب أبو الفضل العباس» و«كتائب وعصائب الحق»، مروراً بـ«الزينبيين» و«الفاطميين» وغيرهم الكثير، التي بدأت عام 2003، ممولة إيرانياً، وسرعان ما تحولت إلى منقذ إيران اقتصادياً من خلال الصفقات الفاسدة والمخدرات والتجارة والأموال المهربة عن طريق سيطرة بعضها على المنافذ الحدودية مع إيران.
فالميليشيات والأذرع الإيرانية في العراق جعلت من العراق أرض الخوف والرعب، فـ«عصائب أهل الحق» مثلاً، التي انشقت عن «جيش المهدي»، مارست الخطف وفرض الإتاوات على التجار وتهريب النفط، خصوصاً النفط من حقول عجيل وعلاس في محافظة صلاح الدين، التي تهرب إلى إيران، مروراً بـ«سرايا طليعة الخرساني» المرتبطة بشكل مباشر بإيران، وتحمل شعار الحرس الثوري الإيراني، و«سرايا الخرساني» هي فصيل من «الحشد الشعبي» تنشط في عمليات الاختطاف والمقاولات، وهي إحدى الأذرع الإيرانية التي جعلت من العراق أرضاً للرعب، بجانب «منظمة بدر» وزعيمها هادي العامري، التي تعد من أغنى الميليشيات التي تفرض «الإتاوات»، والتي شكلت إمبراطورية من غسل الأموال، خصوصاً في عهد نوري المالكي، الذي يعد أكثر ولاءً لإيران من الإيرانيين أنفسهم؛ المالكي الذي حكم العراق بعباءة إيرانية، وتلاحقه فضيحة هزيمة «جيش» العراق أمام «داعش»، وانسحابه من دون قتال أمام مسلحي «داعش» إبان احتلال التنظيم للموصل والأنبار، حيث استولى على ملايين قطع السلاح، منها الثقيل والدبابات، بعد أن جاء أمر المالكي للجيش بالانسحاب تاركين السلاح ومخازنه مفتوحة لـ«داعش»، وهكذا سُلّح «داعش» بعتاد ثقيل متطور جعل من أرض العراق أرض الخوف والرعب لسنوات.
أرض الرعب في العراق سببها التدخل والتغول الإيراني غير المسبوقين في هذا البلد، وسببها ولاء بعض القيادات السياسية وتابعيها لإيران، لعل من أبرزهم نوري المالكي، الذي جعل من العراق أرضاً مشاعاً للحرس الثوري الإيراني، وعزل العراق عن محيطه وأصله العربي، وجعله يدور في الفلك الإيراني.
صحيح أنَّ العراق في زمانه عانى كغيره من الجمهوريات العسكرية العربية من سطوة العسكريين الديكتاتوريين، لكن العراق كان منارة للعلم والتعلم، وقصد أبواب جامعاته العديد من العرب والعجم لنيل المعرفة وتطوير الذات، فالنهضة التعليمية في العراق كان يضرب بها المثل، وخريجو الجامعات العراقية في الماضي كانوا مضرباً للفخر حتى من العسكريين ممن تخرجوا من الأكاديميات العسكرية العراقية كانوا أشد بأساً وقوةً عندما رجعوا إلى بلدانهم، التي أصبحوا فيها قادة جيوش.
العراق بغض النظر عمَّن حكمه في الماضي، كان منارة للعلم رغم تبدل حكامه وحكوماته، إلا أن العراق منذ سقوط دولته في احتلال عام 2003 تراجع إلى الوراء وتحول إلى جمهورية الرعب والفقر والجهل طيلة العشرينية السوداء، حيث تصدر العراق قوائم الفساد الحكومي ونهب المال العام.
حتى عندما خرج الشارع العراقي رافضاً للفساد تعرض للقتل والاغتيال في الساحات، حيث مارست الميليشيات المسلحة الموالية لإيران القتل والترويع بحق المتظاهرين السلميين في ساحات الاحتجاجات.
قراءة ومتابعة المشهد العراقي بشكل حقيقي وواقعي لا يمكن أن تتم من خلال قراءة عوراء، ولا من خلال خلط الرواية بالخرافة وإسقاطها على الواقع، ولا بالحديث عن «منافع أو مكاسب» للعراقيين هي من نسج الخيال بعد غزو بلادهم.
فعن أي مكاسب يتحدَّث من يتجاهل العشرينية السوداء الماضية في العراق؟ سوى تجاهلٍ للتغول الإيراني الذي فاقت جرائمه ما كان يروى من قصص عن قمع «الطاغية» صاحب جمهورية الخوف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق وعشرينية الخوف والرعب العراق وعشرينية الخوف والرعب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon