توقيت القاهرة المحلي 12:30:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية

  مصر اليوم -

ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية

بقلم - جبريل العبيدي

بمجرد أن أطلق الجيش الليبي عملية غضب الصحراء لملاحقة فلول العصابات والجماعات الإرهابية في الصحراء الليبية، حتى سارعت الحكومة الإيطالية بتزكية من البرلمان الإيطالي إلى الموافقة على إرسال قوات إضافية للأراضي الليبية، ضمن أجندة لا تخفيها الحكومة الإيطالية بلسان رئيسها باولو جينتيلوني الذي قال: «لدينا أجندتنا بشأن ليبيا». هكذا قال، كأن ليبيا جزء من الأراضي الإيطالية.

بيد أن الوجود الإيطالي، مهما كانت مبرراته، لا يمكن فهمه إلا أنه انتهاك للسيادة الترابية والمياه الإقليمية الليبية، فوجود قوات برية أو غيرها تحت أي اسم دون إذن من البرلمان الليبي (السلطة العليا في البلاد)، يجعلها قوات غازية، ما يعطي الجيش الليبي حق الرد، فالتعاطي الإيطالي مع الأزمة الليبية تقلب من حالة الابتعاد إلى حالة التدخل المافيوي المباشر.
وقد سبق لإيطاليا أن أرسلت قطعاً بحرية عسكرية استفزازية إلى الشواطئ الليبية، بمجرد الإعلان على توافق بين المشير خليفة حفتر وفائز السراج في باريس تنافساً على من تكون له اليد الطولى في ليبيا.

في المقابل، هناك أصوات سياسية إيطالية تطالب بالتنسيق والاتفاق مع الجيش الليبي، ومن هؤلاء النائب الإيطالي المعارض السندرو باجانو، الذي أشار صراحة إلى ضرورة «الاتفاق مع المشير حفتر وقوات الجيش الليبي في شرق البلاد للتعاون في مجال بسط الاستقرار في ليبيا»، إلا أن الحكومة الإيطالية لا تزال تركن إلى العمل مع الميليشيات في محاولتها الحد من تدفق المهاجرين عبر البحر.

التدخل الإيطالي بل والاستقواء به جاء في أوضح صورة له في نقل السراج وحكومة «الوفاق» على متن فرقاطة إيطالية من تونس إلى ليبيا، في أول دخول لهم للأراضي الليبية في عام 2016، بعد أن هددت حكومة «الإنقاذ» التي شكلها المؤتمر الوطني، منتهي الولاية، والمسيطر عليه من جماعات الإسلام السياسي بمنعهم من دخول طرابلس.
قرار البرلمان الإيطالي - الذي لا يزال بعض أعضائه المهيمنين يعيشون في جلباب الفاشي موسيليني ويتعاطون مع ليبيا على أنها الشاطئ الرابع - إرسال قوات إضافية إلى ليبيا تتمركز في أجزاء من الأراضي الليبية، يجعل من إيطاليا طرفاً في الصراع وليس وسيطاً يمكن التعويل عليه لتحقيق الاستقرار، كما أنه يطيل من أمد الصراع في بلد يعاني التشظي السياسي منذ سنين.

التدخل الإيطالي والاستهتار بالسيادة الليبية جاهر به بعض السياسيين الطليان، ومنهم السياسي الإيطالي (من الحزب الفاشي) سيمون دي ستيفانو بتغريدة على «تويتر» صحبة سياسي آخر، عبرا فيها عن رغبتهما الصريحة في الاستحواذ على النفط الليبي، ولكن «خطوة، خطوة»، حسب قولهما.

التدخل الإيطالي تسبب في غضب الشارع الليبي، واعتبرته النخب الليبية عودة للمستعمر القديم بترحيب ممن صفق أجدادهم للمستعمر قبل مائة عام، ليتكرر التاريخ بحنينهم للمستعمر والاستقواء به والتحصن خلفه، رغم خروج النخب المختلفة في بيانات استنكار وتنديد بهذا التطاول الإيطالي على الأراضي الليبية، في ظل صمت حكومة «الوفاق»، إلا من بيان خجول هزيل وضعيف عبر مطلبه الإيضاح من الحكومة الإيطالية دون الجرأة على إدانة انتهاك السيادة الوطنية.

ليبيا في زمن السيادة الوطنية، قام الملك الراحل إدريس السنوسي بمعاقبة والي برقة سنة 1954، لمجرد استضافة الإقطاعي الإيطالي مازاروتو، الذي كان يستغل مساحات شاسعة من الأراضي الليبية زمن الاحتلال الإيطالي، حيث رتّب له استقبالاً حافلاً، ورتب له أيضاً جولة على «أملاكه» السابقة، ما تسبب في احتجاج القبائل الليبية، فصدرت الأوامر الملكية بإيقاف والي برقة حينها عن العمل. وحتى في زمن القذافي الذي طرد المستوطنين الطليان الذين اغتصبوا مزارع الليبيين زمن الاحتلال الإيطالي في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1970، وقام بتأميم المزارع التي كانوا يسيطرون عليها، وأصدر أوامر مشددة للجوازات والهجرة بمنعهم من الدخول إلى ليبيا، أو إعطائهم تأشيرات دخول للأراضي الليبية تحت أي مسبب لسنوات طويلة.

اليوم وفي زمن «الربيع» العربي، يتم انتهاك السيادة الليبية في ظل تهاون وتراخٍ ممن يزعمون الشرعية الدولية ومنها حكومة «الوفاق»، وتسويف الجانب الإيطالي الذي يظنّ أن ليبيا مجرد بئر بترول من دون راعٍ يحرسه أو يذود عنه، وتناسى أنها شعب وأرض وتاريخ أنجب عمر المختار، الذي حاربهم لعشرين عاماً وهو شيخ طاعن في السن، وما ترك السلاح حتى أسقط بالرصاص عن فرسه واستشهد قائلاً: «نحن لا نستسلم... ننتصر أو نموت، وستكون عليكم محاربة الجيل القادم والذي يليه».

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon