توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا وانغلاق الحل السياسي

  مصر اليوم -

ليبيا وانغلاق الحل السياسي

بقلم - د. جبريل العبيدي

المبعوث الدولي غسان سلامة انتقل مبكراً إلى الخطة «ب»، وهذا يُعدّ قفزة على التفاهمات السابقة التي شارك هو نفسه فيها في تونس، ما يعتبر بمثابة إعلان فشلها لحل الأزمة الليبية، فالخطة «ب» متمثلة فيما سماه المؤتمر «الليبي الجامع» الذي ظهر بنسخة الملتقيات «الوطنية» المجزأة بين المدن، حيث جمع فيها مجموعات لا أحد يعرف آلية الاختيار للمشاركين فيها دون سواهم ولا طبيعتها، ولا من هي الجهة المباشرة، سوى بضعة تصريحات يطلقها مكتب سلامة، كرر فيها إشراف مؤسسة خارجية غير حكومية على هذه الملتقيات، الأمر الذي يبدو أنه فشل في الخطة «أ»، والدليل الهروب إلى الخطة «ب» حتى قبل استكمال الخطة «أ» فيما أعلن عنه سابقاً في بداية تسلمه المهام من خلفه الألماني مارتن كوبلر.
الملتقى «الوطني» الذي قال سلامة عنه هو المرحلة الثانية، ويضمن إتاحة الفرصة لضم «المنبوذين دون إقصاء» ليبقى السؤال الجوهري: من سيحاور من؟ وسلامة الذي قدّم إحاطة لمجلس الأمن تحدث فيها عن تحسن الوضع الأمني في ليبيا بضرب مثل عن الاشتباكات الأخيرة التي قال عنها: «إن ما قتل فيها لا يتعدى عدد أصبع اليد الواحدة»، وأنه وفريقه يسكنون طرابلس منذ شهرين، سلامة لم يخفِ انزعاجه من تهتك النسيج الاجتماعي الليبي بسبب الحروب، وإن كانت هذه قراءة أحادية للسيد سلامة، لكونه يتحدث عن بقعة جغرافية هي جزء من ليبيا، ولكنها ليست جميع ليبيا.
الملتقى «الوطني» الذي تشرف عليه وتنسق له مؤسسة خارجية لا أحد يضمن استقلاليتها، ولا يعرف أحد إلى أي درجة تتمتع هذه المؤسسة بالنزاهة والشفافية، لتكون وسيطاً نزيهاً بين فرقاء كُتب عليهم الاختلاف والخلاف والشك والتخوف من التفاصيل، حيث مكمن الشيطان.
سلامة الذي بدأ خطته في ليبيا بقراءة جيدة للمشهد وبخطوات تعتبر مختلفة عن سابقيه، إلا أنه بعد أن قطع شوطاً ماراثونياً في الأزمة الليبية، يبدو أن أنفاسه خانته في استكمال الماراثون وما بدأ فيه، واستعجل الانتقال إلى المرحلة الثانية دون تحقيق النجاح المطلوب في الخطة «أ»، فهو دعا إلى مؤتمر وطني «جامع» يضم جميع «المهمشين والمنبوذين» وفق تعبيره، من الذين لم يمثلوا في الأجسام السابقة، وكأن الأمم المتحدة تبحث عن «ليوجيركا» ليبية لحلحلة الأزمة الليبية.
ومن المنتظر أن يعقد ملتقى جامع خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل، ليتم فيه جمع كل التوصيات التي خرجت بها الملتقيات التشاورية الحالية، حيث تشبه الفكرة المؤتمرات الشعبية التي كان يعقدها نظام القذافي في المدن، ثم تجتمع في مؤتمر جامع يسمى مؤتمر الشعب العام، لتكون المحصلة الضرب في الرقم صفر.
يبدو أن سلامة يحاول استنساخ تجارب كثيرة، ولكن بطريقة: من كل بستان زهرة، فخلط بين فكرة المؤتمرات الشعبية للقذافي ومؤتمر الليوجيركا الأفغاني، حيث يكون «اجتماع قبائل ووجهاء ورجال الدين وساسة وأساتذة جامعات ومفكرين أشبه باجتماع مصالحة عام»، ولكن لا هذا حدث ولا ذاك.
ملتقيات سلامة في ليبيا نتمنى لها النجاح لحلحلة الأزمة الليبية الخانقة، ولكن بصيغتها الحالية، حيث غياب أي خطة واضحة ولا وجود لبرنامج محدد الخطوط والمعالم، ستكون جزءاً من سياسة الترحيل والهروب إلى الأمام، وبالتالي لن ينتج عنها سوى إطالة عمر الأزمة الليبية ومعاناة المواطن.
يحدث هذا في ظل هذه الفوضى العارمة، وتوقف تام لعمل الإدارات والمؤسسات، وخسارة ليبيا كل يوم ملايين الدولارات بسبب هذا التناحر السياسي الذي أهدر ثروات ليبيا وخاصة النفطية التي تعدّ مصدر الدخل الوحيد الحالي للبلاد التي تكاد تكون على حافة الإفلاس، رغم أن ليبيا تعد إحدى أغنى دول المنطقة نفطياً، وتقدر الاحتياطات النفطية المؤكدة فيها بنحو قرابة 47 مليار برميل، إلا أن النفط بدلا من أن يكون مصدراً لسعادة الليبيين تحول إلى مصدر تعاسة لهم، ولعنة تلاحقهم بسبب تلاحق الأزمات المصطنعة، وفشل سياسات الاستثمار الأفضل لواردات النفط المالية، والتناحر على السلطة الذي تسببه جماعات الإسلام السياسي.
خسائر القطاع النفطي كانت بسبب تضرر البنية التحتية بالحروب المتكررة، أو التوقف عن الإنتاج وقدم البنية التحتية للنفط وتهالكها وحاجتها للتطوير، كما أكد البنك الدولي في تقرير له: أنه لا يتوقع استعادة النفط قدرته القصوى في الإنتاج قبل 2020، قبل أن يتم إصلاح البنى التحتية التي تكبدت أضرارا فادحة، وكذلك بانتظار استتباب وعودة الأمن وتحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا.
إن من يعرقل الحل السياسي هم جماعات الإسلام السياسي، وهم من وصلوا بالبلاد إلى هذا المستوى من الانحدار.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وانغلاق الحل السياسي ليبيا وانغلاق الحل السياسي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon