توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الوطن الأزرق» وتمكين جماعة «الإخوان»

  مصر اليوم -

«الوطن الأزرق» وتمكين جماعة «الإخوان»

بقلم: د. جبريل العبيدي

تنامي الدور التركي العابث في القضايا العربية، وتعاطي تركيا الدولة «المسلمة» مع العرب كان من خلال الغزو ومحاولات الهيمنة، وإذكاء الفتن الطائفية وقتل مئات الآلاف، في حروب عبثية خلال حقبة استعمارية دامت أربعة قرون ونيف، دفعوا فيها «الميري» صاغرين، ونُصبت المشانق لمن يعترض أو يتمرد على حكم الأتراك، فكان الحكم التركي دائماً مصدر ضرر وشر منذ الخلافة العثمانية، وهي حقيقة إمبراطورية طورانية تخفي آيديولوجيا طورانية لا علاقة لها بالخلافة الإسلامية؛ ولهذا كان جميع الحكام والسلاطين الولاة والأمراء والقادة في العهد «العثماني» من أصول تركية طورانية ولم يكن بينهم عربي واحد، وهذا يدحض أنها خلافة إسلامية لعموم المسلمين، بل كان الحكم قاصراً على من هم أصولهم تركية، من خلال مفهوم الدولة السّلطانية التابعة للباب العالي.
تركيا إردوغان التي ترفع شعار الإسلام صحبة طابورهم الخامس جماعة الإخوان المسلمين، هي أول دولة إسلامية تعترف بدولة إسرائيل، وهي ترتبط معها باتفاقيات دفاع مشترك ومصانع أسلحة، تركيا التي يوظف رئيسها إردوغان الإسلام لصالح مصالحه هي الدولة الإسلامية الوحيدة في حلف الناتو.
تركيا إردوغان ناصبت العداء كبرى الدول العربية، مصر والسعودية، وتحتضن جماعات هاربة من بلدانها العربية بسجل إجرامي وإرهابي ومكّنت لها ووفرت لها الملاذ الآمن، بل ومكّنتها من وسائل إعلامية للتحريض على العنف والفوضى، وتسببت في الفوضى في ليبيا وسوريا والعراق واليمن رغم زعمها تبني سياسة «صفر مشاكل» إلا أن واقع الحال يؤكد عكس ذلك.
التاريخ الحديث وحتى القديم شاهد على ماضٍ بغيض وتركة مأساوية تركها الاستعمار التركي باسم الخلافة الإسلامية من نهب وسرقة وجمع «الميري» (الجزية) من شعوب مسلمة لحملها للباب العالي، ناهيك عن التفنن في بشاعة القتل والتعذيب الذي تفنن فيه الأتراك، وحالات الخطف للفتيات ونقلهن إلى جناح حريم السلطان في الباب العالي، ليسطر تاريخاً مؤلماً وقاسياً مملوءاً بالدماء.
فالشواهد التاريخية تؤكد أن الإمبراطورية العثمانية كانت دولة غازية وليست خلافة إسلامية يمكن وضعها ضمن الخلافة الراشدة؛ وتركيا إردوغان هي الوريث لجرائم العثمانية التي تسببت في مآسٍ في العالم العربي طيلة أربعة قرون من الظلام، لم تترك فيها الإمبراطورية العثمانية أي معالم حضارة يمكن الاستدلال بها على نهضة أقامتها في البدان العربية التي استعمرتها.
ففي ليبيا مثلاً لا وجود لأي أثر تركي حضري كالمستشفيات والجامعات والمدارس والمصانع، فلا يوجد سوى مقابر بعض القادة الأتراك المهزومين والتي بنت عليها الدولة العثمانية جوامع لتعظم من شأنهم، وتجبر أهل البلاد بجمعهم على الصلاة فيها، حتى زمن الاستعمار التركي، والمتلبس بعباءة «الخلافة»، فليبيا لم تخضع فيها القبائل الليبية لسلطة الباب العالي، وكانت دائمة التمرد على هذه السلطة. محاولات تركيا استعادة العثمانية الثانية من خلال أفكار أحمد داود أوغلو وكتاباته والحديث عن «كومنولث إسلامي» الذي هو محاولة خديعة ثانية لاستعادة الإمبراطورية العثمانية، وخاصة أن أوغلوا هو من أشهر عرّابي «العثمانية الثانية» من أجل السيطرة والاستحواذ على النفط والغاز العربي.
إردوغان الذي يجاهر بالقول «ليبيا بالنسبة لنا إرث مصطفى كمال أتاتورك» إرث عثماني، الإرث العثماني الذي يتباهى به إردوغان وتابعوه جماعة الإخوان، ما هو إلا مرحلة استعمارية ملطخة بالدم والفقر والجهل والضرائب والنهب.
الدولة العثمانية دولة «الخلافة» باعت ليبيا المسلمة للإيطاليين، مقابل جزيرة في بحر إيجه عام 1912.
وتورط تركيا إردوغان في دعم الفوضى في بلاد العرب، خاصة في ليبيا وسوريا والعراق، أصبح واضحاً من خلال دعم وإنشاء مجموعات إرهابية وشركات أمنية لتدريب وتجهيز مرتزقة في سوريا أغلبها مرتبطة بالجيش السوري الحر وجبهة النصرة، وفرقة السلطان مراد.
ولكن يبقى همّ وهوس إردوغان بعودة العثمانية ثانية، ومشروعه لابتلاع البحار المحيطة بتركيا، والذي أطلق عليه «الوطن الأزرق» ما هو إلا أكبر عملية تزوير وتلاعب بالجغرافيا عرفها التاريخ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الوطن الأزرق» وتمكين جماعة «الإخوان» «الوطن الأزرق» وتمكين جماعة «الإخوان»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon