توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثورة اليسار في إسرائيل

  مصر اليوم -

ثورة اليسار في إسرائيل

بقلم: جبريل العبيدي

إسرائيل على شفا حرب أهلية، هذه ليست نبوءات ولا تكهنات عرافين، بل هي توقعات محللين سياسيين كانوا بالأمس القريب أنصارا لإسرائيل وليسوا بأعداء يتمنون لها الشر والاقتتال الداخلي، فالقلق طال حتى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الذي قال: «سمعت خطاباً مروعاً، كراهية حقيقية وعميقة، وسمعت أشخاصاً من جميع الأحزاب يقولون إنَّ فكرة إسالة الدماء في الشوارع لم تعد تصدمهم» وقال أيضاً: «إسرائيل تمرُّ بأزمة مقلقة».

في إسرائيل اليوم لا يمكن تجاهل مشاركة نحو 300 ألف متظاهر في تل أبيب ضد حكومة اليمين الإسرائيلي، والتي ما هي إلا رأس الجبل الجليدي المغمور تحت الماء، فالأزمة في الداخل الإسرائيلي كبيرة وتكبر وتتدحرج ككرة اللهب أو الثلج، وقد لا تقف عند مظاهرات سرعان ما يمل أو يتعب أصحابها وتنتهي كما بدأت.
بنيامين نتنياهو الذي بقي أطول فترة رئيسا لوزراء إسرائيل، صاحب عقيدة متشددة، يسعى إلى تأسيس «إسرائيل الكبرى» ورغم ملاحقته قضائيا في قضايا فساد متكررة، فإنه قرر التخلص من القضاء والمحكمة العليا عبر تشريعات يمكنها أن تنهي أو تلغي قرارات المحكمة العليا بمجرد تصويت في الكنيست، وهذا ما سعى إليه بنيامين نتنياهو لخلاص نفسه من أي أحكام قد تصدر ضده بعد انتهاء الحصانة الرئاسية التي يتمتع بها الآن، فنتنياهو وكما وصف من قبل بأنه لا يتردد عن فعل أي شيء ما دام هذا الشيء يبقيه في السلطة، خاصة وهو يرى نفسه «حامي» الشعب اليهودي مستفيداً من سمعة عائلته التي توصف بالمحاربة لكون جميع أفرادها عملوا في جيش إسرائيل.
رغم خروج مئات الآلاف من المتظاهرين ضد سياسات اليمين الذي يتزعمه نتنياهو، فقد سبق لنجل نتنياهو يائير، وهو النجل الأكبر له، وصف المتظاهرين الإسرائيليين ضد والده بتنظيم «داعش» حيث كان المتظاهرون يسيرون في قافلة سيارات يحملون الأعلام السوداء، فنشر ابن نتنياهو فيديو لعناصر داعش وعلَّق عليه قائلاً «تذكرت أين رأيت القوافل التي تحمل الأعلام السوداء» بينما يظهر عناصر داعش في الفيديو الذي نشره نجل نتنياهو يضلون الطريق، فيعلق يائير: «توجهوا يساراً»، في إشارة إلى اليسار الإسرائيلي، مما عقد المشهد أكثر مما هو معقد وأظهر حالة من الغيبوبة السياسية تعانيها العائلة السياسية الحاكمة في إسرائيل.
فاليمين الإسرائيلي كان ولا يزال يحاول اختزال «إسرائيل» في نسختها الأحادية وفق منظور الحريديم والأشكيناز من دون باقي الطوائف اليهودية الأخرى، بل ينظر باستعلاء على الباقين. «الثورة» المنفجرة عبر مظاهرات واحتجاجات واعتصامات، ولا تزال تجتاح «إسرائيل» في أغلبها من اليسار على سياسات اليمين المتطرف الإسرائيلي، الذي استحوذ على الحكم والسلطة داخل «إسرائيل» وأقصى باقي المكونات الأخرى.
ما يسميه نتنياهو وصقور حكومته «الإصلاحات» القضائية تمنح الكنيست الصلاحيات في تعيين القضاة وتتيح لنواب الكنيست بأغلبية بسيطة إلغاء قرار صادر من المحكمة العليا، مما يشكل تدخلاً سافراً في القضاء وجعله محكوماً سياسياً.
طرح نتنياهو بعض التراجعات في سياساته التي يحكمها المنهج والمفهوم اليميني المتطرف، الأمر الذي يهدّد بالانزلاق نحو حرب أهلية أو صدام إسرائيلي داخلي مما سيتسبب في تفكك «دولة» إسرائيل المفككة مجتمعيا وطائفيا أصلا، فالمحتجون (غالبيتهم من اليسار) يتهمون اليمين بإرسال مسلحين لتهديد اليسار وخاصة وزير الشرطة والأمن (اليميني المعتقد والهوى) بدلا من العمل على التهدئة، مارس التهديد والترهيب على جموع المتظاهرين.
ما يسعى إليه رئيس الليكود واليمين المتطرف بنيامين نتنياهو هو تغيير بشكل جذري للقضاء الإسرائيلي، من خلال السماح للبرلمان (الكنيست) بإلغاء قرارات المحكمة العليا بأغلبية بسيطة، ليتمكّن هو وغيره من سياسيي الليكود واليمين المتطرف من التهرب من قرارات القضاء عبر أغلبية بسيطة يمكن أن يؤمنها في جلسة برلمانية محدودة النصاب.
سيبقى الوضع مقلقاً في «إسرائيل» -وكما قال رئيس الدولة- بسبب خطاب الكراهية وفكرة القبول بسيل الدماء في شوارع «إسرائيل» لأجل بقاء اليمين في السلطة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة اليسار في إسرائيل ثورة اليسار في إسرائيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon