توقيت القاهرة المحلي 11:02:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتجاجات الشعب الإيراني... إلى أين؟!

  مصر اليوم -

احتجاجات الشعب الإيراني إلى أين

بقلم - جبريل العبيدي

منذ انطلاق الاحتجاجات وسماع صرخات غضب الشارع الإيراني على سلوك النظام القمعي في محاولاته وأد الاحتجاجات السلمية التي اندلعت لأسباب مجتمعية وسياسية واقتصادية، لم يستطع أحد التكهن أو حتى معرفة مسارها إلى أين، بل إن أنصار النظام وسدنته ظنوها زوبعة في فنجان ويمكن قمعها وإطفاء لهيبها المشتعل في تقدير خاطئ كعادة سدنة النظام وأنصاره في كهنوت الإعلام الفضائي والمكتوب.
فبعد مرور أربعين يوماً على أحداث الجمعة الدامية التي راح ضحيتها نحو 400 شخص بين قتيل وجريح، كبرت الاحتجاجات واتسعت رقعتها في أسبوعها الثامن مخالفة لجميع التوقعات بسرعة إخمادها، ففي البدء حاول النظام اختزالها في غضب بضعة أنفار من أهل وذوي وأصدقاء الفتاة المغدورة مهسا أميني التي قتلها النظام عبر «شرطة الأخلاق» بحجة عدم ارتداء الحجاب، فاستخدم جميع الأساليب القمعية، التي تفننت فيها وتخبرها أجهزة النظام القمعي الإيراني، إلا أن الاحتجاجات كانت كل غروب شمس تتسع رقعتها بل وتزداد حدة على سابقاتها، ما يعكس حالة من الغضب المكبوت لسنوات من القهر والذل، الذي انفجر لموت شابة بريئة قتلت بدم بارد، وكانت بمثابة «بوعزيزي» إيران لثورة تجتاح ولا أحد يمكن معرفة مفاتيحها ولا متى تتوقف وإلى أي مدى سوف يصل لهيبها، خاصة في ظل نظام فاشل يراهن فقط على الحل الأمني ولا رؤية تصالحية ولا إصلاحية له مع شعبه.
استمرار النظام الإيراني في قمع معارضيه وإخماد الاحتجاجات في ظل صمت عالمي من دول العالم، خاصة الأوروبية التي أطلقت دعوات خجولة تراوحت بين مطالبة رعاياها بمغادرة إيران وتجنب الاحتكاك في مناطق الاحتجاجات وبين مطالبة خجولة بإطلاق سراح من اعتقل من رعاياها ممن يحملون الجنسية الإيرانية، بينما تواصل سلطات النظام الإيراني احتجاز الرعايا والسياح الأجانب من دول مختلفة بذريعة التحريض على الاحتجاجات والعمل ضد «الأمن» القومي الإيراني غير آبهة بما يصدر عن الدول الأوروبية التي يعد بعضها أسيراً للمصالح مع النظام الإيراني.
احتجاجات إيران ليست مجرد غضب لمقتل صبية، فهذا تسطيح للأزمة المتفاقمة في إيران التي هي أشبه بكرة اللهب المتدحرجة، فالأزمة الإيرانية أسبابها متعددة تتأرجح بين الظروف الاقتصادية الصعبة بسبب انهيار الاقتصاد والعملة الإيرانية والظروف السياسية التي جعلت من إيران محاصرة لأكثر من ثلاثة عقود بسبب سياسات الولي الفقيه وزمرته في إيران وإصرارهم على تصدير «الثورة» الخمينية على حساب احتياجات الشعب الإيراني والصرف المفرط على تنظيمات عابرة للحدود كـ«حزب الله» اللبناني ونظيره العراقي وميليشيا الحوثي في اليمن لمجرد البحث عن موطئ قدم ونفوذ زائف للولي الفقيه.
النظام الإيراني أصبحت أيامه معدودة في إيران، فتسونامي الغضب الشعبي لن تصمد أمامه أدوات القمع البوليسي وأساليب القتل بدم بارد التي تجيدها أجهزة النظام من «الباسيج» و«الحرس الثوري» و«شرطة الأخلاق» والميليشيات المدعومة من النظام الإيراني التي بدأت طلائعها بالقدوم إلى طهران لحماية النظام من شعبه، إذ أرسل كل من «حزب الله» في لبنان والعراق بعضاً من عناصرهما للمشاركة في قمع احتجاجات الشعب الإيراني، وكذلك يجهز الحوثي بعض عناصره للسفر إلى إيران لمؤازرة النظام الإيراني في مصيبته، في محاولة من أنصار النظام الإيراني لإنقاذ النظام الممول لوجودهم.
إيران، البلد المنتج للنفط والغني وفق إيرادات النفط، يعيش أكثر من ثلث شعبها تحت خط الفقر منذ وصول الخميني للحكم في طهران واستمرار جماعته في حكم إيران من بعده في ظل ركود اقتصادي غير مسبوق وأزمات اقتصادية تسببت فيها سياسات اتبعها النظام الإيراني تسببت في انهيار العملة المحلية أمام العملات العالمية، فرغم أن إيران بلد منتج للنفط بشكل كبير، فإن الإنفاق على التسلح وإهدار الأموال على الحروب العبثية وتمويل ميليشيات متطرفة تعتبرها إيران أذرعاً لها، جميعها أرهقت الخزينة العامة للدولة في إيران، وهي أحد أهم مسببات الاحتجاجات الشعبية على سلوك النظام الإيراني.
احتجاجات الشعب الإيراني انطلقت ولن تتوقف في القريب العاجل مهما دفع النظام بالمزيد من الرصاص في بنادق جنوده، فالمعالجة ليست أمنية لأزمات متراكمة لأكثر من ثلاثين عاماً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتجاجات الشعب الإيراني إلى أين احتجاجات الشعب الإيراني إلى أين



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon