توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتجاجات الشعب الإيراني... إلى أين؟!

  مصر اليوم -

احتجاجات الشعب الإيراني إلى أين

بقلم - جبريل العبيدي

منذ انطلاق الاحتجاجات وسماع صرخات غضب الشارع الإيراني على سلوك النظام القمعي في محاولاته وأد الاحتجاجات السلمية التي اندلعت لأسباب مجتمعية وسياسية واقتصادية، لم يستطع أحد التكهن أو حتى معرفة مسارها إلى أين، بل إن أنصار النظام وسدنته ظنوها زوبعة في فنجان ويمكن قمعها وإطفاء لهيبها المشتعل في تقدير خاطئ كعادة سدنة النظام وأنصاره في كهنوت الإعلام الفضائي والمكتوب.
فبعد مرور أربعين يوماً على أحداث الجمعة الدامية التي راح ضحيتها نحو 400 شخص بين قتيل وجريح، كبرت الاحتجاجات واتسعت رقعتها في أسبوعها الثامن مخالفة لجميع التوقعات بسرعة إخمادها، ففي البدء حاول النظام اختزالها في غضب بضعة أنفار من أهل وذوي وأصدقاء الفتاة المغدورة مهسا أميني التي قتلها النظام عبر «شرطة الأخلاق» بحجة عدم ارتداء الحجاب، فاستخدم جميع الأساليب القمعية، التي تفننت فيها وتخبرها أجهزة النظام القمعي الإيراني، إلا أن الاحتجاجات كانت كل غروب شمس تتسع رقعتها بل وتزداد حدة على سابقاتها، ما يعكس حالة من الغضب المكبوت لسنوات من القهر والذل، الذي انفجر لموت شابة بريئة قتلت بدم بارد، وكانت بمثابة «بوعزيزي» إيران لثورة تجتاح ولا أحد يمكن معرفة مفاتيحها ولا متى تتوقف وإلى أي مدى سوف يصل لهيبها، خاصة في ظل نظام فاشل يراهن فقط على الحل الأمني ولا رؤية تصالحية ولا إصلاحية له مع شعبه.
استمرار النظام الإيراني في قمع معارضيه وإخماد الاحتجاجات في ظل صمت عالمي من دول العالم، خاصة الأوروبية التي أطلقت دعوات خجولة تراوحت بين مطالبة رعاياها بمغادرة إيران وتجنب الاحتكاك في مناطق الاحتجاجات وبين مطالبة خجولة بإطلاق سراح من اعتقل من رعاياها ممن يحملون الجنسية الإيرانية، بينما تواصل سلطات النظام الإيراني احتجاز الرعايا والسياح الأجانب من دول مختلفة بذريعة التحريض على الاحتجاجات والعمل ضد «الأمن» القومي الإيراني غير آبهة بما يصدر عن الدول الأوروبية التي يعد بعضها أسيراً للمصالح مع النظام الإيراني.
احتجاجات إيران ليست مجرد غضب لمقتل صبية، فهذا تسطيح للأزمة المتفاقمة في إيران التي هي أشبه بكرة اللهب المتدحرجة، فالأزمة الإيرانية أسبابها متعددة تتأرجح بين الظروف الاقتصادية الصعبة بسبب انهيار الاقتصاد والعملة الإيرانية والظروف السياسية التي جعلت من إيران محاصرة لأكثر من ثلاثة عقود بسبب سياسات الولي الفقيه وزمرته في إيران وإصرارهم على تصدير «الثورة» الخمينية على حساب احتياجات الشعب الإيراني والصرف المفرط على تنظيمات عابرة للحدود كـ«حزب الله» اللبناني ونظيره العراقي وميليشيا الحوثي في اليمن لمجرد البحث عن موطئ قدم ونفوذ زائف للولي الفقيه.
النظام الإيراني أصبحت أيامه معدودة في إيران، فتسونامي الغضب الشعبي لن تصمد أمامه أدوات القمع البوليسي وأساليب القتل بدم بارد التي تجيدها أجهزة النظام من «الباسيج» و«الحرس الثوري» و«شرطة الأخلاق» والميليشيات المدعومة من النظام الإيراني التي بدأت طلائعها بالقدوم إلى طهران لحماية النظام من شعبه، إذ أرسل كل من «حزب الله» في لبنان والعراق بعضاً من عناصرهما للمشاركة في قمع احتجاجات الشعب الإيراني، وكذلك يجهز الحوثي بعض عناصره للسفر إلى إيران لمؤازرة النظام الإيراني في مصيبته، في محاولة من أنصار النظام الإيراني لإنقاذ النظام الممول لوجودهم.
إيران، البلد المنتج للنفط والغني وفق إيرادات النفط، يعيش أكثر من ثلث شعبها تحت خط الفقر منذ وصول الخميني للحكم في طهران واستمرار جماعته في حكم إيران من بعده في ظل ركود اقتصادي غير مسبوق وأزمات اقتصادية تسببت فيها سياسات اتبعها النظام الإيراني تسببت في انهيار العملة المحلية أمام العملات العالمية، فرغم أن إيران بلد منتج للنفط بشكل كبير، فإن الإنفاق على التسلح وإهدار الأموال على الحروب العبثية وتمويل ميليشيات متطرفة تعتبرها إيران أذرعاً لها، جميعها أرهقت الخزينة العامة للدولة في إيران، وهي أحد أهم مسببات الاحتجاجات الشعبية على سلوك النظام الإيراني.
احتجاجات الشعب الإيراني انطلقت ولن تتوقف في القريب العاجل مهما دفع النظام بالمزيد من الرصاص في بنادق جنوده، فالمعالجة ليست أمنية لأزمات متراكمة لأكثر من ثلاثين عاماً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتجاجات الشعب الإيراني إلى أين احتجاجات الشعب الإيراني إلى أين



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon