توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا... 50 عاماً بين سبتمبر وفبراير

  مصر اليوم -

ليبيا 50 عاماً بين سبتمبر وفبراير

بقلم: د. جبريل العبيدي

الفاتح من سبتمبر (أيلول) 1969 كانت ليبيا مع تغيير كبير في الواقع المحلي والسياسة الداخلية والخارجية، حيث اعتلى الحكم في ليبيا من كانوا يسمون «الضباط الوحدويون الأحرار»؛ بعد إعلان انقلاب عسكري لم يعلن في البدء اسم مدبره وقائده، الذي اتضح أنه ضابط صغير برتبة ملازم أول سرعان ما تمت ترقيته لرتبة عقيد خلال ساعات، ليعلن للعالم ميلاد «ثورة» في خطاب موجه مكتوب بدقة لم يغفل فيه كاتبه طمأنة الأجانب والقواعد الأجنبية، بالقول إنه عمل داخلي وليس خارجياً.
انقلاب سبتمبر 1969 يلاحقه كثير من الروايات المخالفة لما أعلنه «الضباط الوحدويون الأحرار»؛ فهناك من يقول إن الأصح هو تسميته حركة blackboots الأحذية السوداء، التي كان يجتمع بعض أفرادها في قاعدة ويلس Wheelus Air Base في طرابلس للتآمر على الدولة والتمرد عليها، الأمر الذي يعد خيانة للوطن في منظور من يؤمن بهذه الرواية التي يراها البعض مؤامرة استخباراتية دولية، لإنهاء حكم ملك صالح رفض الهيمنة الأميركية على النفط الليبي وتبديدها على نزاعات ودعم للأعمال القذرة، نيابة عن المخابرات الأميركية، فجاءت بهؤلاء.
وإن كان خروج القواعد جميعها ومنها الأميركية بعد عام من انقلاب سبتمبر، والصدام المباشر بين القذافي وأميركا، التي كان يعتبرها «راعية الإمبريالية العالمية»، لدرجة محاولة قتله في عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان بقصف منزله في باب العزيزية، يعتبر دحضاً لرواية الأحذية السوداء، بل ويعتبرها محط سخرية ممن كتب فصولها، التي يرى بعض أنها مسرحية كتبها أحد أتباع تنظيم (جماعة الإخوان المسلمين)، وعزَّزها بتلفيقات أخرى عن أصول القذافي، رغم أن نسب القذافي لقبيلة القذاذفة الليبية معروف ومعلوم.
مرَّ أكثر من خمسين عاماً على انقلاب سبتمبر، الذي خاض حرباً على البرجوازية والإقطاعية في البلاد، وسار في محاولة إصلاح القطاع الزراعي، ومحاربة احتكار المال، لدرجة مجاراة الاشتراكية بنكهة ليبية أطلق عليها «النظرية العالمية الثالثة» (الكتاب الأخضر)، وأطلق مشروع «شركاء لا أجراء» ومنع الاقتصاد الحر، والملكية الخاصة، وأوجد بدلاً منها الملكية الجماعية، ضمن إطار التشاركيات بدلاً من الشركات، ونظام الموزع الفرد بدلاً من التاجر في محاكاة شبه صريحة للاشتراكية الماركسية. لكنه أخطأ المسار وتعرض لكثير من الأخطاء بعد أن اعتمد القذافي على رجال خيمته، بدلاً من رفاق السلاح الذين مات بعضهم في ظروف غامضة مثل المقريف وبعضهم سجن بتهم الانقلاب كالواحدي والحاسي، ومن تبقى منهم تم تهميشه كوزير الدفاع الفريق أبو بكر يونس، الذي فضل الموت مقاتلاً بجانب القذافي، في حين فر وهرب أغلب رجال خيمته المقربين طلباً للنجاة، بعد أن أثقلتهم ضربات حلف الناتو في فبراير (شباط) 2011.
الحقيقة أن القذافي أخطأ مرتين؛ الأولى عندما تخلى عن رفاق «الثورة» واستبدل بهم رجال الخيمة، ظناً منه أنهم أكثر ولاء له ولمشروع توريث «الثورة» ولكن أغلبهم كان الولاء عنده للمال، ولا طاقة له بالتضحية من أجل مشروع العقيد وابنه، والخطأ القاتل الآخر عندما سمح بتحالف ابنه سيف الإسلام مع جماعة الإخوان، وأطلق سراحهم من السجون بل ومكن لهم، وهو يعلم خطرهم ومدى غدرهم، فكانت النهاية لحكمه.
ولكن بعد مرور أكثر من خمسين عاماً على انقلاب سبتمبر 1969 ومرور ما يقارب ثماني سنوات عجاف أخرى على «ثورة» فبراير، تبقى الحقيقة الراسخة، التي يجب أن يؤمن بها الليبيون هي أن «سبتمبر» انتهت و«فبراير» فشلت في أن تكون ثورة تغيير إلى الأفضل، وتحولت مجرد فوضى ونهب وإهدار للمال العام بعد أن تمكنت منها وتمتطيها جماعات الإسلام السياسي بقيادة التنظيم الشرس؛ تنظيم إخوان البنا، الذين لا يؤمنون بالدولة الوطنية ولا بجغرافيا ليبيا.
بعد نصف قرن من تجارب الثورة والثوار، على الشعب أن يستيقظ من غفوة الثورات و«الربيع العربي» ويساند الجيش الليبي في النهوض لاستعادة الدولة، لكي يعيش في دولة مدنية خالية من الميليشيات والفوضى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا 50 عاماً بين سبتمبر وفبراير ليبيا 50 عاماً بين سبتمبر وفبراير



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon