توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا... تحقيق الأمن قبل الانتخابات

  مصر اليوم -

ليبيا تحقيق الأمن قبل الانتخابات

بقلم: د. جبريل العبيدي

الانتخابات في ليبيا لا يمكن تحقيقها بشكل نزيه في ظل وجود الميليشيات في العاصمة طرابلس، لأنه من اشتراطات الانتخابات النزيهة توفير حالة أمنية لانطلاق العملية الانتخابية الحرة، بحيث تسمح للناخب والمرشح بحرية الحركة والتنقل والانتخاب دون ضغوطات، أو ابتزاز أو تهديد، لتحقيق مبدأ التكافؤ في الفرص، الأمر الذي صعب تحقيقه في ظل وجود عاصمة رهينة للميليشيات، ولهذا كان تحرك الجيش الليبي لاستعادة العاصمة من قبضة الميليشيات، خصوصاً أن الجيش الوطني أعلن دعمه مدنية الدولة، بل واستعداده لحماية العملية الانتخابية والمسار الديمقراطي، وحياد المؤسسة العسكرية في العملية الانتخابية والسياسية، وأنه بمنأى عن المسار السياسي.
فالانتخابات تبقى الرهان الأصعب في ظل تحدٍّ كبير تتزعمه جماعات الإسلام السياسي التي دفعت بـ«داعش» لضرب المفوضية العليا للانتخابات، خصوصاً بعد أن تيقنت تلك الجماعات بضآلة فرص فوزها في انتخابات شعبية ليس لها فيها أي حضور شعبي يمكنها من الفوز حتى بممارسة الخداع والتضليل، الذي سبق أن مارسته في الانتخابات السابقة، وفشل مشروعها العابر للحدود، وثبوت أنه مشروع غير وطني ولا يؤمن بجغرافيا أو حدود وطنية، رغم أن مبعوث الأمم المتحدة أكد ضرورة توفر «الشروط الأمنية»، وأن «تحترم حرية التعبير والتصويت، وأن تقبل جميع الأطراف بنتائج الانتخابات»؛ الأمر الذي لم يحدث في انتخابات 2014؛ حيث رفضت جماعات الإسلام السياسي النتائج لخسارتها الانتخابات رغم نزاهتها بشهادات دولية، لأن مبدأ هذه الجماعات هو الاعتراف بالنتائج في حال فوزها بها، أما في حال الخسارة، فإنها تتنكر لها وتنقلب عليها، وتعلن الحرب الضروس كما فعلت في حرب «فجر ليبيا»، حيث احتشدت ميليشيات موالية لجماعات الإسلام السياسي واختطفت العاصمة وشكلت حكومة موازية، بينما تقاعس المجتمع الدولي، فبدلاً من محاسبة المنقلبين على المسار الديمقراطي والمتنكرين لنتائج الانتخابات، والذين أحرقوا العاصمة والمطار الدولي بطائراته، قامت المنظمة الدولية، وبتدخل قطري سافر، بإشراك الانقلابيين في اتفاق سياسي في الصخيرات، وإعادة إنتاج «المؤتمر» المنتهي الولاية عبر تسميته «مجلس الدولة».
لتحقيق الانتخابات لا بد من تحقيق حالة الاستقرار، ولا بدّ من أن تكون الساحة الانتخابية خالية من التنظيمات والجماعات العابرة للحدود، التي لا تؤمن بجغرافيا أو حدود وطنية، كتنظيم «الإخوان» وشقيقاته، التي تتلون في تسمياتها وتحالفاتها.
فالانتخابات تبقى الحل الأمثل للأزمة الليبية والتخلص من جميع الأجسام الموازية، شريطة أن تتم في ظروف أمنية وإلا ستصبح انتخابات منقوصة ومطعوناً في شرعيتها، كما أن المفوضية العليا للانتخابات رفضت قرار البرلمان بنقلها إلى بنغازي لأنها في طرابلس تحت سطوة الميليشيات وابتزازها، وتعرض موظفيها لخطر الخطف والاغتيال الدائم. ولكن رغم هذه المعوقات الكثيرة والمتجددة وحتى المفتعلة، فإن الانتخابات تبقى هي الطريق الأقرب إلى حل الأزمة الليبية، بعد تحرير العاصمة من الميليشيات لتوفير مناخ مناسب، وما معرقلوها إلا ممن يرفضون تسليم السلطة ويخشون المحاسبة.
وقد تكون فكرة انتخابات جديدة بحماية الجيش الوطني الليبي، وفي وجود مراقبين دوليين، هي المخرج لكنس القمامة السياسية المتراكمة في المشهد السياسي الليبي، والتي أبت الخروج من المشهد، واستمرت في العبث وتوطين الفوضى برعاية إقليمية ودولية من دول عابثة مثل قطر وأخرى تختبئ خلف مصالح شركات متعددة النشاط .
في أي انتخابات مقبلة تبقى مشاركة أنصار النظام السابق حقاً طبيعياً لأي مواطن ليبي يتمتع بحقوقه المدنية، ولكن ذلك يبقى رهينة لحجم تفهمهم للتغيير الذي حدث في ليبيا رغم مصاعبه ومآسيه، إلا إنه لا يمكن العودة إلى الماضي، فـ«سبتمبر» انتهت، و«فبراير» فشلت، والملك الراحل لا أولاد ولا وريث له، والأصلح دولة مدنية بدستور يحترم حق المواطنة.
في ليبيا أي حديث عن الانتخابات قبل تحقيق الأمن، خصوصاً في العاصمة، يعدّ جرياً خلف سراب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا تحقيق الأمن قبل الانتخابات ليبيا تحقيق الأمن قبل الانتخابات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon