توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تونسة» النهضة أم «أخونة» تونس؟

  مصر اليوم -

«تونسة» النهضة أم «أخونة» تونس

بقلم: د. جبريل العبيدي

«تونسة» النهضة أم «أخونة» تونس، هي المعادلة المستعصية على الحل والفهم في تونس هذه الأيام، في ظل إصرار قيادات الالدستورنهضة على عدم فكّ الارتباط بجماعة «الإخوان» التنظيم العالمي، الملاحق بتهم الإرهاب في بلدان كثيرة.
تفاعل كبير وحراك مجتمعي وسياسي ونيابي يطالب قيادات النهضة وعلى رأسهم الغنوشي، الذي ترأس مجلس النواب، باحترام السيادة الوطنية والتوقف عن مشروع أخونة الدولة التونسية، بعد بدعته التي سماها «الدبلوماسية البرلمانية»، والتي تجاوز فيها مفاهيم الدولة والفصل بين السلطات ومواد الدستور التونسي التي جميعها حصرت السياسة الخارجية في رئاسة الدولة التونسية وليست بالشراكة مع البرلمان أو بالتوازي معه كما حاول الغنوشي الجعل من نفسه رئيساً موازياً ورأساً في السلطة العليا للدولة في مخالفة صريحة للدستور التونسي، الأمر الذي دفع الرئيس التونسي قيس سعيد لتذكير الغنوشي بأن لتونس رئيساً واحداً هو في قصر قرطاج وليس له شركاء في منصب الرئاسة.
حاول الغنوشي لعب دور الرئيس، فطار إلى تركيا للاجتماع بالرئيس التركي في قصر الرئاسة، بدون علم مسبق للبرلمان التونسي ولا حضور السفير كما تقتضي الزيارات البروتوكولية، ومن دون أن يخطر بها النواب، ولا قدم أي إحاطة أو إيضاح للبرلمان التونسي فور عودته، إضافة إلى أنه حاول زج تونس في سياسة محاور إقليمية، حيث سارع لتهنئة رئيس حكومة الوفاق الليبية غير الدستورية بسيطرتها على قاعدة عسكرية، الأمر الذي ليس من اختصاص ولا صلاحيات الغنوشي كرئيس لمجلس النواب.
الغنوشي وإن كان برَّر ما فعل بأن الزيارة لتركيا كانت حزبية، إلا أن وكالة الأناضول وصفته برئيس مجلس النواب التونسي وليس رئيس حركة النهضة، كما أن استقباله كان في القصر الرئاسي وليس في منزل إردوغان.
الغنوشي يبدو أنه يشعر بأن منصب رئيس مجلس النواب أصغر من طموحاته، وبالتالي حاول أن يكون رئيساً موازياً لتونس، الأمر الذي لم تقبله الأحزاب التونسية والنخب الوطنية باستثناء النهضة وشركائها.
لقد أعدَّ الغنوشي بلاده عن سياسة الحياد، وإن كان ظهر علينا ببدعة سماها «الحياد» الإيجابي في الأزمة الليبية، وذلك بعد تصريحه بالقول: «لا معنى للحياد مع حكومة الوفاق» الذي ترجمه بالوقوف مع حكومة الوفاق الإخوانية، مما يعني أنه يتصرف كرئيس جماعة لا كرئيس مجلس نواب تونسي، بالوقوف مع جماعته لا مصلحة دولته.
الغنوشي زعيم النهضة الإخوانية التي تواجه أزمات كثيرة بدءاً من الاتهام لها بوجود جهاز سري، حيث كانت الاتهامات بلسان الرئيس الراحل قايد السبسي، إلى الانشقاقات والتصدعات داخل بيت النهضة، ولعل آخرها استقالة زياد العذاري، وشيخ النهضة وخطيبها المفوه عبد الفتاح مورو.
تونس والنهضة تدفعان فاتورة أخطاء الغنوشي والمساس بالخط الثابت للدولة التونسية في الحياد والنأي بتونس عن المحاور والصراعات الإقليمية.
جلسة مجلس النواب التي تم تحويرها من مساءلة الغنوشي إلى جلسة حوار خشية من أي ملاحقات وتبعات قانونية، لما قد يرشح عن الجلسة التي كانت نارية بامتياز سمع فيها الغنوشي ما كان يكره سماعه من نواب الشعب التونسي كانت أبرزها ما قالته النائبة عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر: «إن الغنوشي حوّل البرلمان إلى وسيلة لتنفيذ أجندة إخوانية في المغرب العربي». وقالت أيضاً إن «مجلس النواب أصبح مزرعة خاصة وشخصية لشيخ الإخوان». وكانت عبير موسي استطاعت جمع أكثر من مائة ألف توقيع لسحب الثقة من الغنوشي.
الغنوشي الذي أصبح حالة خلافية تونسية بامتياز، رغم محاولات النهضة وشركائها الهروب إلى الأمام، إلا أنَّ مرحلة سقوطه بدأت رغم تعهده بمراجعة نفسه كما قال اتقاء السقوط الوشيك، في ظل تصدعات داخل حركة النهضة وخلافات ظهرت على السطح رغم مجاهدة كوادر النهضة لإخفائها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تونسة» النهضة أم «أخونة» تونس «تونسة» النهضة أم «أخونة» تونس



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon