توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السودان وتكرار سيناريو الفوضى

  مصر اليوم -

السودان وتكرار سيناريو الفوضى

بقلم - د. جبريل العبيدي

السودان الذي لم يُشفَ من مؤامرة التقسيم بعد، يواجه تكرار سيناريو الفوضى بنكهة ما يُسمى «الربيع العربي»، من خلال مظاهرات عمّت عموم برّ السودان وحتى بحره ونيليه الأزرق والأبيض، وتزامنت مع عودة زعيم المعارضة الصادق المهدي، ودعوته لانتقال ديمقراطي في ما تبقى من السودان بعد التقسيم، في تقاطع مع مطالبة حزب المؤتمر السوداني برحيل النظام.
الأزمة قد تكون لها جذور اقتصادية، بعد أن وصل سعر الرغيف إلى ثلاثة أضعاف، مع ندرة دقيق الخبز والسيولة النقدية، ظروف تكررت حتى في ليبيا، التي تطفو على بحيرة نفط، فما بالك ببلد فقير بالنفط والغاز مثل السودان بعد التقسيم، ما أدى إلى فقدانه ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي، وإن كان غنياً بالماء والتربة الخصبة للزراعة، وفي الوقت نفسه يعاني من الفقر؟!
الرئيس البشير وقف خطيباً وسط رجال شرطته، مطالباً إياهم بضرب المتظاهرين بيد من حديد، ما تسبب بأزمة أخرى تضاف لأزمات السودان التي يعاني منها، وذلك رغم الوعود بالقيام بإصلاحات اقتصادية، وبتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول استخدام الشرطة للقوة المفرطة، الأمر الذي تسبب بمقتل العشرات، واتساع رقعة الاحتجاجات في أنحاء السودان، حتى بلغت مطالبة الشعب بإسقاط النظام، وتقدمت أحزاب كثيرة ببيانات ومطالب بتنحية البشير، إذ وقّع 22 حزباً سودانياً عريضة تطالب بحل الحكومة.
البشير الذي لم يجفَّ عرقه من سفرته إلى دمشق، يجد نفسه مطالباً بسداد فاتورة الزيارة، حتى اجتاحت البلاد احتجاجات، ظاهرها اقتصادية، وإن كانت الأزمة الاقتصادية ليست بالجديدة على السودان الغارق في الفقر، إذ إن 46 في المائة من الشعب السوداني تحت خط الفقر، وفق تقارير الأمم المتحدة، ولكن خلفية الاحتجاجات ومن يقف وراءها مختلفة، فالبشير، الصديق المقرّب من تنظيم جماعة «الإخوان»، تسببت زيارته لدمشق بخلاف غير معلن مع التنظيم، وإن كان ظاهراً في إعلان قيادات إخوانية دعمها لاحتجاجات السودان، بعد أن أكدت جماعة «الإخوان» في السودان أنها تقف صفاً واحداً مع المتظاهرين، ودعتهم ليعبروا عن غضبهم «بصورة حضارية»، على لسان مراقبها العام علي جاويش، والملاحظ أنه ليس للجماعة سوى مرشد واحد ومراقبين في بلدان شتى، ما يؤكد ارتباط فروع الجماعة بعضها بعضاً، وأنها تنظيم سياسي بشعار ديني عابر للحدود، ولا يؤمن بالدولة الوطنية ولا بجغرافيا الوطن.
الدعوة للتظاهر والتعبير بالصورة «الحضارية» التي دعا إليها جاويش هي بالتأكيد كتلك التي عبرت بها باقي فروع التنظيم في بلدان «الربيع العربي»، عبر إحراق مراكز الشرطة، وسجلات النفوس، والسجلات العقارية، ونهب الممتلكات العامة وتدميرها، فلا يمكن تجاهل استغلال الجماعة للأزمة الاقتصادية المحلية في السودان لمعاقبة البشير، الذي غرَّد خارج سرب التنظيم، بعد أن كان متساهلاً معهم، في زمن انتهت المصلحة منه.
الأزمة السودانية لها جذور ومسببات محلية بالدرجة الأولى، وإن تكالب الأكلة على قصعة السودان، فهذا وزير الصحة المنتمي إلى حزب الأمة المشارك في الحكومة أعلن استقالته «تضامناً مع المد الشعبي المطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي»، هذا الوزير الذي قال إن قراره يتناغم مع قرار حزبه، بسبب انفراد البشير بالسلطة وأنه لم يفِ بالتعهدات الإصلاحية، والحال هذه فلن يفيد اتهام الموساد الإسرائيلي بتجنيد عناصر لإثارة الفوضى في السودان، فالمظاهرات التي انطلقت هي مظاهرات ونيران شعبية مشتعلة أياً كانت حجارة الفحم التي تتلقفها لتزداد اشتعالاً، و«شماعة» المؤامرة لن تعالج الأزمة، وإن كنت لا أنفيها بالمطلق، خصوصاً أن «الربيع العربي» في عمومه بدأ بمؤامرة تسببت بشلل العقل العربي الجمعي، فمكّن ذلك أنصار الفوضى من استكمال مشروعهم التخريبي لصالح دولة «الخلافة» المزعومة، كيف لا، والفكر الإخواني مبني على العصيان المدني والاحتجاج والتظاهر، كما قال مرشدهم السابق محمد عاكف: «إن الجماعة لن تتوانى عن إعلان إضراب عام وعصيان مدني ما دام سيحقق المصلحة»؟!

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان وتكرار سيناريو الفوضى السودان وتكرار سيناريو الفوضى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon