توقيت القاهرة المحلي 12:11:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنازع على طرابلس الليبية

  مصر اليوم -

التنازع على طرابلس الليبية

بقلم - جبريل العبيدي

العاصمة الليبية طرابلس، عروس البحر المتوسط، رهينة الميليشيات بشتى أنواعها وتنوع انتماءاتها، بدءاً من ميليشيات «الإخوان» و«المقاتلة» (فرع «القاعدة» الليبي) إلى تحالف عصابات المجرمين والفارين من سجون الدولة الليبية بعد حراك فبراير (شباط) 2011.
هذه الأيام هناك ترقب كبير لنشوب معارك للسيطرة على العاصمة الليبية المتنازع عليها بين ميليشيات ترهن سكانها دروعاً بشرية، وتبتز الحكومات المتعاقبة على العاصمة، وحكومتين تتنازعان الشرعية، ولكن اليوم نتوقع أن ينشب الصراع المسلح بين حكومتين تتنازعان الشرعية؛ حكومة الاستقرار التي عيّنها البرلمان المنتخب بعد أن سحب الثقة من حكومة «الوحدة الوطنية» التي تعتبر منتهية الولاية بحكم قرار البرلمان (السلطة الشرعية)، إلا أن الأخيرة (حكومة الوحدة الوطنية) تمسكت بالبقاء في السلطة، بل استخدمت أموال الدولة الليبية لتسخير الميليشيات في طرابلس للقتال إلى جانبها في حالة دخول حكومة الاستقرار العاصمة طرابلس بأي شكل، ولو كان سلمياً.
التنازع على العاصمة طرابلس قد يهدد السكان، خاصة أنها تكتظ بساكنيها، ولهذا كان اقتراح عاصمة بديلة في مدينة سرت الليبية مثلاً، وخاصة أن بها مجمعاً إدارياً ضخماً يمكن أن يستقبل الحكومة والوزارات، ويبعد مدينة طرابلس عن إراقة الدماء، خاصة أن المسلحين والميليشيات يتمترسون خلف السكان والأحياء المدنية، مما يعرقل أي عمل عسكري غير مدروس، وخاصة أن هذه الميليشيات لا تراعي أي قواعد اشتباك وليست لديها خطوط حمراء في استخدام أنواع الأسلحة.
الحكومتان الشرعية «الاستقرار» والمنتهية الولاية «الوحدة الوطنية» مطلوب منهما تغليب صوت العقل والحكمة على أي عمل يمكن أن ينتهي بإراقة دماء وتدمير البنية التحتية للمدينة، فالمنتصر في أي معركة في طرابلس سيكون خاسراً للشعب والوطن، فالخلاف السياسي يمكن حله بالتفاهم أو التوافق أو حتى عبر القضاء وليس عبر أفواه البنادق والمدافع، فالاحتكام لصناديق الذخيرة ستكون نتيجته كارثية على الجميع، خاصة أن كلا الرجلين «رئيسي» الحكومتين مترشحان للانتخابات الرئاسية.
التنازع على العاصمة، والمعركة إن نشبت، فلن يكون بين الحكومتين المتنازعتين، بل سيجر وراءه جميع من يرى في العاصمة طرابلس غنيمة له من الميليشيات، خاصة المؤدلجة، التي تسيطر على مناطق مهمة في العاصمة، وسوف تتحالف مع الميليشيات النفعية الأخرى التي تستخدم كبندقية مستأجرة لمن يدفع أعلى سعر. بينما البعثة الأممية التي فشلت في جمع الأطراف لتحقيق انتخابات تخرج البلاد من الانسداد السياسي، واكتفت من خلال نتائجها بالدعوات إلى عدم استخدام القوة لحل هذا الانسداد السياسي الذي دعت إلى حله عبر الانتخابات الديمقراطية، في تناقض واضح لدى البعثة الدولية، خاصة أن إفشال الانتخابات تتشارك فيه البعثة الدولية مع الفرقاء الليبيين، إذ خذلت نحو ثلاثة ملايين ليبي سجلوا في قوائم الانتخابات كناخبين، كما خذلت المترشحين، سواء الرئاسيين أو البرلمانيين، علاوة على ترشح شخصيات «جدلية» ترفضها دول السفراء المتدخلين في الأزمة الليبية.
العاصمة طرابلس ليست عقاراً تمتلكه تلك الميليشيات بمختلف مشاربها الجهوية والمؤدلجة والنفعية، ولا تمتلكها أي حكومة سواء كانت شرعية أو منتهية الولاية، ولهذا فإن الأفضل هو الخروج من عقدة «العاصمة» التي لا بد أن تكون طرابلسية، فكثير من دول العالم استبدلت عواصمها تجنباً للخطر أو لأجل تحقيق منفعة عامة أو تجنب حرب، ولهذا نرى أنه لتجنيب مدينة طرابلس حرباً قد تزهق أرواح أبرياء وتدمر البنية التحتية، من أجل أن تنزع حكومة وتثبت أخرى نهايتها تكون رهينة تحت الميليشيات تبتزها كيفما تشاء، ولهذا يعتبر الخروج من طرابلس واتخاذ عاصمة أخرى بديلة مؤقتاً هو الخيار الذي سيجنب البلاد والعباد كارثة قد لا نعرف حجم عواقبها، فكون العاصمة يجب أن تكون طرابلس ليس نصاً مقدساً لا يمكن تغييره أو تبديله لأجل إنقاذ شعب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنازع على طرابلس الليبية التنازع على طرابلس الليبية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon