توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نشر الفكر التنويري للإسلام

  مصر اليوم -

نشر الفكر التنويري للإسلام

بقلم: د. جبريل العبيدي

مرّ أكثر من خمسين عاماً على تنفيذ حكم القضاء في صاحب الظلال سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي، الشاعر والأديب والمنظِّر، الذي يعد من أكثر الشخصيات تأثيراً في الجماعات الإسلامية، ومؤسس تنظيم الخاص للجماعة، وصاحب مقولة: «لا بد أن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص»... ليبقى السؤال: ما نوع «الخلاص» الذي تصوره وينشده سيد قطب، وكيف سيحققه؟ تساؤلات سرعان ما انكشفت عن منهج تكفيري خطير.
سيد قطب الذي تم تنفيذ حكم الإعدام فيه فجر الاثنين 29 أغسطس (آب) عام 1966، بسبب محاولة القيام بأعمال تخريبية منها تدمير القناطر ومحطات الكهرباء والمياه، بعد أن شكّل وآخرون تجمعاً حركياً وتنظيماً سرياً مسلحاً لحزب الإخوان، في محاولة لتغيير نظام الحكم في مصر.
سيد قطب حاول تقليد عميد الأدب العربي طه حسين ومجاراته تارة، وتارة أخرى حاول تقليد عباس محمود العقاد في أفكاره، وجميعها كانت محاولات بائسة لأديب محدود الإنتاج الأدبي المميز، بسبب غياب الموهبة والإبداع فيما كتب وبقيت محاولاته مجرد تقليد واستنساخ؛ فقطب كان مجرد باحث عن الشهرة والأنظار، كما وصفه بذلك حسن البنا نفسه.
سيد قطب تلقبه جماعته بالأديب «الشهيد» رغم أنه خالف أصول الإسلام في أغلب ما كتب خصوصاً كتابه «في ظلال القرآن» الذي حاول فيه تفسير القرآن دون أدنى إلمام بأصول الفقه لتمكنه من استنباط التفسير على الأوجه الصحيحة، مما جعله مجرد أديب يكتب ما فهم من النص.
محاولات سيد قطب إنشاء دولة دينية بمفهوم ثيوقراطي هو ما جعله في علاقة تبعية لما كان يردده وينشره من أفكار الصحافي السابق أبو الأعلى المودودي الذي تحول إلى منظِّر للجماعات المتطرفة في باكستان بعد أن أسس الجماعة الإسلامية في لاهور، والتي أصبحت منبتاً للتكفيريين.
الفهم القاصر عند سيد قطب هو ما جعله ينحرف في أفكاره، ويشطح بها ضمن خياله الأدبي الواسع، والتي ليست جميعها من بنات أفكاره، ومنها موضوع الحاكمية التي أخذها واستنسخها من المودودي الشيخ الباكستاني مبتدع مصطلح الحاكمية، والذي استخدم مفهوم الجاهلية كحكم لتكفير المجتمعات، الأمر الذي نسخه وتبعه فيه سيد قطب، ليبقى السؤال: ما الفرق بين عقيدة سيد قطب وعقيدة أبي الأعلى المودودي؟ الإجابة بالتأكيد أن كلاً منهما نسخة من الآخر، وجه أمام مرآة، أو جسد وظله.
سيد قطب حرّض أتباعه على مساجد المسلمين عامةً فقال محرضاً: «اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد، تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي»، كما جاء في كتابه «في ظلال القرآن» صفحة (1816) فاتخذت منها الجماعات التكفيرية فتوى لهجر المساجد والانعزال في البيوت، بل وأصبحت بذلك المساجد هدفاً مباحاً للتكفيريين القطبيين.
لقد انتهج سيد قطب، الشطط والجموح في كتابه «في ظلال القرآن» صفحة (1057) حيث يُنكر وجود مجتمع مسلم، إذ يقول: «لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله، فقد ارتدّت البشرية إلى عبادة العباد»، الأمر الذي لا يمكن تفسيره خارج إطار مشروع قطب التكفيري العام وليس مجرد حالة توصيف للمجتمعات أُخرجت عن سياقها، كما يزعم المدافعون عن شطحات وجموح سيد قطب.
هذه الأفكار الجامحة والخطيرة لا يكفي محاربتها أمنياً فقط، بل هناك حاجة ماسّة وملحة لتنقيح المناهج وغربلتها، ونشر الفكر التنويري للإسلام ووجهه الحقيقي وليس التكفيري الذي حاول قطب وأتباعه صبغ الإسلام به، والإسلام منه بَراء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نشر الفكر التنويري للإسلام نشر الفكر التنويري للإسلام



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon