بقلم: د. جبريل العبيدي
هل تجد نبتة الشيطان جماعة الإخوان بيئة حاضنة؟ مع هذه الخصوصيات للمجتمع الليبي الذي تتزعمه القبلية والانتماء إليها، ضمن شبكة علاقات اجتماعية تقليدية تحكمها علاقات الدم والمصاهرة والنسب.
الإجابة بالتأكيد لا حاضنة شعبية ولا مجتمعية لإخوان البنا في ليبيا، رغم التضليل الإعلامي الذي يمارسه التنظيم الضال فمشروع الإخوان في ليبيا، الذي ينتقل بين محاولات الهيمنة السياسية، ونهب الثروة الليبية وجعلها بيت مال التنظيم إلى الإقصاء السياسي، إلى الكذب والتضليل والفجور في الخصومة، عبر أبواق الإخوان التي تبث من الخارج بين إسطنبول والدوحة بتمويلات قطرية تركية.
فمحاولة استنبات نبتة الشيطان الإخوانية في ليبيا كانت، منذ تسلل التنظيم إلى ليبيا بعد لجوء أفراد من الجماعة الهاربين من جرائم جنائية في مصر زمن جمال عبد الناصر إلى ليبيا، ومنها مارست الجماعة الدعوة السرية بين الشباب الليبي، فتمكنت من تضليل نفر قليل لا يتجاوز أصابع الكفين، ولكن اعتبرها التنظيم موضع قدم ومسمار غرسه في الجسد الليبي، ليوجعه به متى أراد التنظيم.
التنظيم الذي استغل سقوط الدولة الليبية إبان هيجان الربيع العربي، وتمطي حراك فبراير (شباط) وفرض أجندته بالخداع منذ انتخابات المؤتمر الوطني حيث تسلل من خلال شخصيات دفع بها تحت شعار مستقلين تحمل شعارات مدنية مستقلة، جماعة الإخوان سريعة نكث العهود سريعة الممارسة الانتهازية السياسية.
ولكن الواقع المجتمعي المرتبط بالانتماء القبلي في عموم ليبيا، جعل من الصعب إيجاد موطئ قدم أو بيئة حاضنة للتنظيم وللجماعة الضالة، ولو كانت بحماية دولية كما حدث في اتفاق الصخيرات، الذي مارست فيه القوى الدولية خاصة أميركا أوباما هيلاري كلينتون ضغوطاً لإعادة تدوير وتوطين جماعة الإخوان بعد خسارتها المذلة لانتخابات البرلمان في 2014. الانتخابات التي أظهرت حجم الإخوان الذي لم يستطع أن ينال حتى 5 في المائة من الأصوات، فتنظيم الإخوان لا مكان له في ليبيا.
فماذا يريد هؤلاء الذين هم ضد الجيش، وهل يريدون الإخوان يجثمون عليهم ويجعلون دولتهم موطناً لكل من هب ودب، وهل يريدون أن تتحول بلادهم إلى بيت مال قطر وتركيا؟
محاولة دنيئة من الإخوان للإيقاع بين الجيش والشعب، فالتآمر على الجيش الليبي الذي تنوعت الأوجه فيه، ومنها محاولة استنساخ سيناريو بول بريمر في العراق وإسقاط الدولة، للأسف بدأ بسيناريو تفكيك الجيش الليبي، وتشكيل قوى موازية ذات عقيدة مؤدلجة كتشكيلات الدروع الإخوانية، والتي شكلها تنظيم الإخوان عندما كان في السلطة، بمعونة ضباط قطريين بمجرد سقوط الدولة في 2011. وتم تسليحها قطرياً وتركياً، لتكون قوة ضاربة بعقيدة إخوانية وليس وطنية، ضمن مشروع التنظيم الإرهابي.
الإخوان ومحاولات بائسة لتشكُل حاضنة اجتماعية للتنظيم الضال عبر إطلاق إسهال بيانات نفير بلا نفير حقيقي، تطلقه جماعات متفرقة منعزلة، بيانات تكتب وتتم قراءتها من شخوص لا يمثلون حتى بيوتهم، فما بالك بمدن كبرى، الزاوية وزليتن والخمس، بينما الحقيقة أنها مجرد بيانات كتبتها وتلتها ميليشيات الإسلام السياسي بعد محاصرتها المجالس البلدية بالسلاح، بيانات كتبت بأقلام بلطجية وليست تأييداً شعبياً، وهذه البيانات لا تتجاوز شخوص القراء وجوقة المرددين لها.
فالحقيقة أن الجيش له أنصار ومؤيدون في هذه المدن وهذا مؤكد، فلا حاضنة مجتمعية ولا قبائلية لـ«الإخوان» في ليبيا، تجربة درنة أكبر دليل، بمجرد دخول الجيش تعالت الزغاريد من النسوة والتهليل من الرجال، وكانت في زمن «داعش» بيانات البغدادي تتلى كل يوم طيلة ثلاث سنوات، فأين هي حاضنة «داعش»، وبالمثل سرت الليبية، وكما كان التونسي أبو عياض والليبي الزهاوي يتلوان بيانات التأييد باسم أهل بنغازي في زمن أنصار الشريعة، فأين هم الآن وأين من كان يتلون البيانات باسمه.
لعبة المنابر والصراخ باسم الآخرين ضد الجيش الليبي، وفزاعة عسكرة الدولة، والديكتاتورية والانقلابات العسكرية، هي لعبة يجيد فنون التضليل فيها تنظيم الإخوان، ولكن سرعان ما يكشفها ضوء النهار وينقشع الضباب بظهور شمس النهار، فالجيش الليبي مؤسسة عسكرية منضبطة تؤمن بالدولة المدنية.
ليبيا لن تكون مستنبتاً لنبتة الإخوان الشريرة رغم محاولات تنظيم الإخوان الإرهابي، والذي لا يتردد في التحالف مع الشيطان لتمرير مشروعه، بل لا يتردد في التضحية حتى بأعضائه إذا اقتضت المصلحة والضرورة ذلك، خاصة إذا كان الموضوع يتعلق بإيجاد موضع قدم أو توطين لجماعته، يصبح مباحاً في كهنوتهم «التضحية» بالفرد لأجل مصلحة الجماعة.