توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا ومشكلة النفط المنهوب

  مصر اليوم -

ليبيا ومشكلة النفط المنهوب

بقلم - جبريل العبيدي

نهب النفط الليبي لا يزال مستمراً سواء بعلم السلطات أو من دون علمها، سواء أكان نفطاً خاماً أو من مشتقاته، فمافيا النفط، جعلت من نفسها مالكاً للنفط الليبي، والليبيون مجرد خفراء عليه. ولهذا كانت الشركات النفطية الأجنبية في ليبيا بمثابة حكومة الظل والدولة العميقة التي تتحكم في مصير البلد، حتى تحول النفط إلى لعنة.

فغياب الشفافية والعدالة في توزيع عائدات النفط في ليبيا، بين الأقاليم التاريخية الثلاثة (برقة وفزان وطرابلس) جعل من الخلاف السياسي أكثر تعقيداً، كما جعل من بعض المتدخلين في الشأن الليبي الحديث عن ملف النفط وسوء إدارة عوائده تحت الضوء، إذ أكد السفير نورلاند على أنّ «الولايات المتحدة الأميركية تشارك الليبيين قلقهم من إمكانية تحويل الأموال لدعم أغراض سياسية حزبية أو تقويض السلام والأمن في ليبيا»، وحث السفير الأميركي ومعه نائب مساعد وزير الخزانة ماير مصرف ليبيا المركزي على حماية عائدات النفط الليبية من الاختلاس لإعادة بناء الثقة في المؤسسة والمساهمة في الاستقرار، إذ إن هذا الأمر لم يتحقق إلى الآن.

النفط الليبي يمثل قرابة 95 في المائة من إجمالي الإيرادات ويغطي 80 في المائة من إجمالي الإنفاق العام، ولكن تبقى الحقيقة المرة، أن حجم واردات النفط الليبي ضخم مقارنة بما ينفق على الأرض في ليبيا، التي تكاد تكون أقرب إلى الصومال في البنية التحتية، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة، بدءاً من زمن القذافي إلى اليوم، أين ذهبت عائدات النفط الليبي؟ ففي ليبيا التي تطفو على أكبر مساحة نفط وغاز في أفريقيا، عجزت حكومة الوحدة الوطنية حتى عن توفير الكتاب المدرسي للطلاب مع انهيار تام في القطاعات الخدمية والصحية، حيث تعاني أغلب المستشفيات من العجز في توفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية، والعجز المتكرر حتى في توفير تطعيمات الأطفال وأدوية أمراض الكلى.

وهذا الأمر يجعل من خيار إغلاق حقول وموانئ النفط من قبل القبائل الليبية المهمشة والنفط يقبع في أراضيها وتحت أقدامها، خياراً مطروحاً رغم أنه خطوة مؤلمة، ولكن هذه الخطوة تبقى الحل الواقعي لمنع نهب مصدر ثروة الليبيين، طالما المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي والحكومة ثالثهم لا تحمي أموال الليبيين من الاختلاس أو التهريب، سواء النفط الخام أو مشتقات البترول أو الأموال المسالة. وأثبتت التقارير الدولية والمحلية سوء إدارة عائدات النفط، ناهيك عن عدم العدالة المجتمعية بين الأقاليم الثلاثة، برقة وفزان وطرابلس، رغم أن إقليم طرابلس المستحوذ على عائدات النفط لا ينتجه ولا توجد الحقول في حدوده الإدارية، على العكس من برقة المهمشة التي تحوي 80 في المائة من إجمالي حقول النفط والغاز ولكنها في المقابل لا تشهد أي نهضة عمرانية أو إعمار يذكر ولا تنمية بشرية ولا إيفاد الطلاب كما هو الحال في إقليم طرابلس، الأمر الذي تسبب في غضب مجتمعي والشعور بالتهميش والإقصاء من قبل حكومة المركز في طرابلس التي لا تنتج النفط ولكنها هي المستفيد الأوحد من عوائده.

رغم إيرادات النفط الضخمة فإن الشعب الليبي لا يزال يعيش أكثر من نصفه عند خط الفقر بسبب سوء إدارة المال العام الذي 80 في المائة منه يأتي عبر النفط والغاز، فليبيا ليست بالدولة الزراعية ولا الصناعية، فمنذ اكتشاف النفط في ستينات القرن الماضي وليبيا تعتمد الاقتصاد الريعي، كما فشلت جميع الحكومات في تحقيق تنمية مستدامة أو سياسات تتجاوز الاعتماد على الاقتصاد الريعي.

عدم معالجة ملف الفساد والاستحواذ على عائدات النفط، وإهدار المال العام في مقابل ازدياد خط الفقر وتدني الخدمات الصحية والتعليمية، فكلها أمور تبشر بكارثة وانقسام مجتمعي بين المرفهين بأموال النفط وبين المهمشين والمبعدين عن الاستفادة منه، وبخاصة أن المهمشين والمبعدين هم في مناطق إنتاج النفط، ما قد يتسبب في ثورة تؤدي إلى إغلاق الحقول التي تقبع تحت أقدام المهمشين والفقراء، بينما عوائد النفط من الدولارات والذهب تصب في بنوك طرابلس التي لا تنتج النفط وتحجبه على برقة وفزان موطن الإنتاج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا ومشكلة النفط المنهوب ليبيا ومشكلة النفط المنهوب



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon