توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إردوغان وهوس العثمانية الثانية

  مصر اليوم -

إردوغان وهوس العثمانية الثانية

بقلم: د. جبريل العبيدي

ما زالت تصريحات إردوغان التي أدلى بها مؤخراً، بشأن حق بلاده التدخل في الشأن الليبي، معللاً ذلك باعتبار ليبيا «إرث أجداده» وجغرافيتها جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، تتلقى اللعنات من أصحاب الشأن.
كان الردُّ الأولي السريع والغاضب من القبائل الليبية المكون الحقيقي للشعب الليبي، حيث قال ممثلو القبائل: «الإرث العثماني لا نذكره سوى بالدم والفقر والجهل والضرائب والنهب ودك القرى بالمدافع» فتركيا استعمرت ليبيا أكثر من 500 عام، فأين هي معالم الحضارة والبناء، أين هي المدارس والمعاهد التعليمية، أين هي المشافي؟ لا وجود لها، أين هو الأثر الإيجابي التركي في ليبيا؟ لن تجد شيئاً؛ لأن الباب العالي والسلطان العثماني لم يكن يهمه من المستعمرات سوى نهب الثروات والغلال وجرِّها إلى الآستانة.
ولم يقف الرد عند القبائل الليبية، بل كان رد البرلمان الليبي واضحاً في بيانه: «لقد نسي أو تناسى الرئيس التركي، أن إرث أجداده في ليبيا، إرث بغيض من القهر والتعسف والظلم انتهى بترك الليبيين لمصيرهم في معاهدة أوشي لوزان 1912، التي بموجبها سلمت تركيا، أراضي ليبيا لإيطاليا، لتدخل ليبيا مرحلة أخرى من مراحل الاستعمار البغيض».
يعلم إردوغان جيداً أن ليبيا في زمن الاستعمار التركي، والمتلبس بعباءة «الخلافة» لم تستطع تركيا أن تخضعها إلا ما ندر من مدن ساحلية، وذلك للمقاومة الكبيرة التي أبدتها القبائل الليبية ضد سلطة الباب العالي، وكانت دائمة التمرد على هذه السلطة، فإردوغان يتحدث بمنطق استعماري قديم أكل عليه الدهر وشرب.
لا يوجد في ليبيا أي إثر تركي سوى مقابر بعض القادة الأتراك المهزومين التي بنت عليها الدولة العثمانية جوامع لتعظم من شأنهم، وتذل أهل البلاد بالصلاة في مساجد بنيت على مدافن قباب قادتها.
الميراث الحقيقي الذي تركه المستعمر التركي لم يكن سوى الدمار وتخلف المنطقة عن ركب الحضارة لأكثر من 500 عام، قبل أن تنتهي الخلافة العثمانية بلقب رجل أوروبا المريض.
إردوغان المهووس بالعثمانية وسلطان العثمانيين الجدد، أرسل اليوم أكثر من خمسة ملايين رصاصة، إلى الجماعات الإرهابية والميليشيات في طرابلس، أي بمعدل رصاصة لكل ليبي.
إنه وريث إمبراطورية رجل أوروبا المريض، صاحبة أبشع وأشنع طريقة إعدام عبر التاريخ. إردوغان الذي يجاهر بإرسال الطائرات المسيّرة والمدرعات إلى ميليشيات «الإخوان» في طرابلس، هو المتحدث عن ميراث لغير وارث، فأنا له أن يسرق ليبيا من أهلها.
إردوغان مجرد إنسان حالم وهو متأثر ومتشبع بأفكار الشعبوي والمنظر والمؤرخ التركي قادر مصر أوغلو، الذي كان يردد «أنا وريث إمبراطورية الكون، ولقد كنت دوماً عثمانياً، وأنا ضد أي شخص يعادي الدولة العثمانية» والتي جعل منها رؤية وطنية تمكن الأمة الطورانية من حكم باقي الأمم، لكن هذا الهوس سينتهي محطماً بصخرة الواقع، وأن التاريخ لا يرجع للخلف حتى في الأحلام.
ستنتهي أحلام وكوابيس إردوغان النرجسية والشوفانية بحكم بلاد المسلمين عامة وليبيا خاصة، بخديعة الخلافة، التي يلتقي ويتفق فيها مع الإخوان المتآمرين على الشعوب العربية أتباع البنا وقطب، في خداع المسلمين.

وقد يهمك أيضًا:

مظاهرات العراق... ثورة ضد التغلغل الإيراني

الغزو التركي الماكر للأراضي العربية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان وهوس العثمانية الثانية إردوغان وهوس العثمانية الثانية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon