توقيت القاهرة المحلي 07:32:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إردوغان وهوس العثمانية الثانية

  مصر اليوم -

إردوغان وهوس العثمانية الثانية

بقلم: د. جبريل العبيدي

ما زالت تصريحات إردوغان التي أدلى بها مؤخراً، بشأن حق بلاده التدخل في الشأن الليبي، معللاً ذلك باعتبار ليبيا «إرث أجداده» وجغرافيتها جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، تتلقى اللعنات من أصحاب الشأن.
كان الردُّ الأولي السريع والغاضب من القبائل الليبية المكون الحقيقي للشعب الليبي، حيث قال ممثلو القبائل: «الإرث العثماني لا نذكره سوى بالدم والفقر والجهل والضرائب والنهب ودك القرى بالمدافع» فتركيا استعمرت ليبيا أكثر من 500 عام، فأين هي معالم الحضارة والبناء، أين هي المدارس والمعاهد التعليمية، أين هي المشافي؟ لا وجود لها، أين هو الأثر الإيجابي التركي في ليبيا؟ لن تجد شيئاً؛ لأن الباب العالي والسلطان العثماني لم يكن يهمه من المستعمرات سوى نهب الثروات والغلال وجرِّها إلى الآستانة.
ولم يقف الرد عند القبائل الليبية، بل كان رد البرلمان الليبي واضحاً في بيانه: «لقد نسي أو تناسى الرئيس التركي، أن إرث أجداده في ليبيا، إرث بغيض من القهر والتعسف والظلم انتهى بترك الليبيين لمصيرهم في معاهدة أوشي لوزان 1912، التي بموجبها سلمت تركيا، أراضي ليبيا لإيطاليا، لتدخل ليبيا مرحلة أخرى من مراحل الاستعمار البغيض».
يعلم إردوغان جيداً أن ليبيا في زمن الاستعمار التركي، والمتلبس بعباءة «الخلافة» لم تستطع تركيا أن تخضعها إلا ما ندر من مدن ساحلية، وذلك للمقاومة الكبيرة التي أبدتها القبائل الليبية ضد سلطة الباب العالي، وكانت دائمة التمرد على هذه السلطة، فإردوغان يتحدث بمنطق استعماري قديم أكل عليه الدهر وشرب.
لا يوجد في ليبيا أي إثر تركي سوى مقابر بعض القادة الأتراك المهزومين التي بنت عليها الدولة العثمانية جوامع لتعظم من شأنهم، وتذل أهل البلاد بالصلاة في مساجد بنيت على مدافن قباب قادتها.
الميراث الحقيقي الذي تركه المستعمر التركي لم يكن سوى الدمار وتخلف المنطقة عن ركب الحضارة لأكثر من 500 عام، قبل أن تنتهي الخلافة العثمانية بلقب رجل أوروبا المريض.
إردوغان المهووس بالعثمانية وسلطان العثمانيين الجدد، أرسل اليوم أكثر من خمسة ملايين رصاصة، إلى الجماعات الإرهابية والميليشيات في طرابلس، أي بمعدل رصاصة لكل ليبي.
إنه وريث إمبراطورية رجل أوروبا المريض، صاحبة أبشع وأشنع طريقة إعدام عبر التاريخ. إردوغان الذي يجاهر بإرسال الطائرات المسيّرة والمدرعات إلى ميليشيات «الإخوان» في طرابلس، هو المتحدث عن ميراث لغير وارث، فأنا له أن يسرق ليبيا من أهلها.
إردوغان مجرد إنسان حالم وهو متأثر ومتشبع بأفكار الشعبوي والمنظر والمؤرخ التركي قادر مصر أوغلو، الذي كان يردد «أنا وريث إمبراطورية الكون، ولقد كنت دوماً عثمانياً، وأنا ضد أي شخص يعادي الدولة العثمانية» والتي جعل منها رؤية وطنية تمكن الأمة الطورانية من حكم باقي الأمم، لكن هذا الهوس سينتهي محطماً بصخرة الواقع، وأن التاريخ لا يرجع للخلف حتى في الأحلام.
ستنتهي أحلام وكوابيس إردوغان النرجسية والشوفانية بحكم بلاد المسلمين عامة وليبيا خاصة، بخديعة الخلافة، التي يلتقي ويتفق فيها مع الإخوان المتآمرين على الشعوب العربية أتباع البنا وقطب، في خداع المسلمين.

وقد يهمك أيضًا:

مظاهرات العراق... ثورة ضد التغلغل الإيراني

الغزو التركي الماكر للأراضي العربية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان وهوس العثمانية الثانية إردوغان وهوس العثمانية الثانية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon